سعد سليم
نصر أكتوبر .. ودروس للمستقبل
44 عاماً مرت علي نصر أكتوبر المجيد.. هذا النصر الكبير الذي قلب كل النظريات العسكرية في العالم رأساً علي عقب. وغيَّر كل الاستراتيجيات والتكتيكات العسكرية. وأصبح يُدرَّس في معظم الكليات والمعاهد المتخصصة.. والأكثر من ذلك كله أنه أنهي علي أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهَر.
هذا الانتصار العظيم. كان نقطة تحول أساسية في الصراع العربي ــ الإسرائيلي. وفرض سلام الحق والعدل. لا سلام الأمر الواقع. الذي كانت تريد أن تفرضه إسرائيل بعد احتلالها للأراضي العربية عام 1967. وأعاد الأرض المحتلة وأظهر قوة وشجاعة وبسالة الجندي المصري وقادته. وقدرتهم علي التخطيط والتدريب والتنفيذ لأعلي تكتيكات الحرب. وأيضاً أساليب الخداع الاستراتيجي. حتي تحقق لهم النصر المبين بقوة الحق وعون اللَّه وبركة "اللَّه أكبر" التي كانت لها مفعول السحر في زلزلة جيش العدو.
الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ. قال عن حرب أكتوبر. إنها ثورة. وليست مجرد معركة.. فالمعركة قد تنتهي بالنصر أو غيره. ولكن الثورة وثبة روحية تنطلق وتمتد في المكان والزمان حتي تحقق الحضارة.. إنها رمز لثورة الإنسان علي نفسه وتجاوزه لواقعه.. وتحديه لمخاوفه ومواجهته لأشد قوي الشر عُنفاً وتسلُطاً.. إن روح أكتوبر لا تنطفئ. فقد فتحت لنا طريقاً بلا نهاية.. وليس العبور سوي أول قفزة في تيار تحدياتنا.
ما أحوجنا في هذه المرحلة الفارقة في تاريخ مصر والأمة العربية أن نستدعي روح أكتوبر. فالحال متشابه في كثير من الأمور.. مصر تواجه أعتي المخططات السياسية والإرهابية من أجل النيل من استقرارها ووحدتها ومحاولة إضعافها وتقسيمها وإضعاف دورها الريادي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
كل قوي الشر والضلال توحدت من أجل تحقيق أهدافهم الدنيئة وإسقاط مصر حتي يستطيعوا تنفيذ مخططهم بتقسيم المنطقة كلها إلي دويلات ضعيفة لا حول لها ولا قوة في إطار الشرق الأوسط الجديد الذي يتمنونه ويخططون لتحقيقه حتي يكون لقمة سائغة ينهبون ثرواته في وضح النهار.. إلا أن قوة مصر وصلابة شعبها ووحدته وقوته وجيشها الوطني الحر المدافع بأمانة وشرف عن الأرض والمصير يحول دون تحقيق حلمهم ومخططهم.
الجيش المصري البطل والشعب المصري المقاتل يضربون المثل عبر التاريخ في قهر العدوان والتصدي ببسالة لكل محاولاته الدنيئة. فقد واجهنا ثلاثة اختبارات قاصية في الخمسين عاماً الأخيرة.. ففي عام 1956 تعرضت مصر للعدوان الثلاثي. وكان مؤامرة من انجلتزا وفرنسا وإسرائيل لأن مصر تجرأت ومارست حقها في تأميم قناة السويس حتي تتمكن من بناء السد العالي. وكان الهدف إسقاط النظام الحاكم وقتها واستطاع الجيش بمساعدة الشعب المصري التصدي للعدوان وحقق ما أراده.
الاختبار القاسي الثاني كان في عام 1967. حينما أراد أعداء مصر أن يفرضوا علي الأمة العربية واقعاً جديداً وتجربة أكثر قسوة وضراوة. فكان العدوان علي مصر والأردن وسوريا في وقت واحد. مدعوماً بقوي عسكرية كبري.. وكان الهدف أيضاً إسقاط النظام.. ولم يفلحوا أيضاً في تحقيق غايتهم والتف الشعب حول قيادته وجيشه وتحملوا قسوة الهزيمة. وواصلوا الليل بالنهار في تدريب شاق واستعداد جاد.. حتي تمت إعادة بناء الجيش واستعاد الجندي المصري قدراته المعروفة وساعدهم الشعب برفع روحهم المعنوية وتحملهم لكل المصاعب الحياتية التي واجهتهم من أجل توفير الأسلحة والمعدات للجيش حتي يتم استعادة الأرض المحتلة.
كان الدرس والاختبار الثالث للجيش والشعب المصري في عام 1973 عندما سطر كل مصري البطولة والإقدام والفداء. وتحقيق النصر المبين. وعادت الأرض إلي أحضان الوطن. وفرض المصريون إرادتهم. وغيروا واقعاً كان سائداً. وأصبحوا حديث العالم.. واليوم تتحالف قوي الشر والإرهاب حتي ينالوا من مصر. وهدفهم أيضاً إسقاط الدولة والنظام. وإشاعة الفوضي والخراب والدمار في ربوع مصر.
من هنا فلابد أن نستدعي دائماً روح أكتوبر. روح النصر والفداء. ويجب أن تكون دائماً أمام أعيننا وفي قلوبنا هذه الروح الجميلة التي عكست معاني الإرادة الصلبة. والروح المعنوية العالية. والإيثار والتضحية والفداء.. والأكثر من هذا عدم الرضا بالهزيمة أو الانكسار. حتي نصنع مستقبلاً أفضل.
ونحن نحتفل بأعياد نصر أكتوبر المجيد يجب أن نتذكر أننا نحتاج إلي الوحدة والتكاتف والإصرار علي أن تكون مصرنا أقوي وأكثر استقراراً ونماءً وازدهاراً وأمناً وأماناً. فمصر وقيادتها وجيشها يحملون علي عاتقهم مهام صعبة وعضالاً. وهم بالتأكيد قادرون علي تحقيقها وتحقيق آمال شعبهم وشعوب الأمة العربية جميعاً.. فالتنمية تطول كل شبر من أرض مصر والمشروعات العملاقة تحلق بنا في سماء مستقبل أفضل بمشيئة اللَّه وصوت مصر ورئيسها أصبح مسموعاً في كل المحافل الدولية.. والقضية الفلسطينية عادت بجهود أبناء مصر إلي صدارة المشهد السياسي الدولي. واحتضنت القاهرة جلسات المصالحة الفلسطينية. وزينت صورة الرئيس السيسي شوارع غزة عرفاناً بدور مصر في هذه المصالحة وجهود كبيرة ومخلصة تبذل داخلياً وخارجياً من أجل القضاء علي الإرهاب وتجفيف منابعه ومعاقبة الدول التي ترعاه وتموله.. كل هذا وأكثر يجعلنا نشعر بالثقة والاطمئنان في غد أفضل بإذن اللَّه.
كل عام وأبناء الجيش المصري الأبطال بخير. وكل عام والشعب المصري في أمن وسلام. وعاشت مصر حرة مستقلة رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين.
.. وبمناسبة أعياد العزة والكرامة والنصر.. مصر علي موعد مع السعادة. وتحقيق نصر آخر اليوم. يسطع من خلاله اسمها في سماء الكرة العالمية.
فلم يتبق أمام منتخب مصر الوطني لكرة القدم إلا خُطوة واحدة علي ملعب الجيش ببرج العرب. ليعلن بعدها تأهله رسمياً إلي كأس العالم القادمة بروسيا إن شاء اللَّه.
علي أبناء مصر تحقيق الفوز علي الكونغو ليضمنوا الصعود مبكراً. خاصة بعد تعادل غانا مع أوغندا. الذي سهَّل من مهمة منتخبنا. وفتح الطريق أمامه لتحقيق الحلم الذي طال انتظاره منذ آخر مشاركات مصر في كأس العالم في إيطاليا عام .1990
قلوبنا قبل عقولنا مع منتخبنا الوطني الليلة نؤازرهم ونشجعهم بكل قوة واحترام ودون شغب أو إثارة لقلاقل.. حتي تكتمل الفرحة بالفوز والنصر والتتويج.
كل التمنيات الطيبة للسفيرة مشيرة خطَّاب غداً لتفوز بمنصب مدير عام منظمة اليونسكو بالعاصمة الفرنسية باريس. لتتوج مشواراً طويلاً ومهماً للدبلوماسية المصرية. وتحصد نتائج ثقل مصر والرئيس السيسي دولياً وعربياً وأفريقياً.
الخارجية المصرية بقيادة الوزير سامح شكري. والسفير إيهاب بدوي. سفيرنا في باريس بذلا جهوداً كبيرة في حشد أصوات الدول الأعضاء من أجل التصويت لمصلحة مرشحة مصر. حتي تكون الأكثر تعبيراً عن سماحة الإسلام وتألقه. مع جميع الأديان.. وكي تقدم برامج خالصة لمواجهة الإرهاب والتطرف. وهزيمة كل ألوان العنف. وداعمي الإرهاب والأفكار الظلامية الهدامة.