كاد قلبي مع قلوب الملايين من المصريين يتوقف بالأمس مرتين وشتان الفارق بين المرتين.. شعرت فيهما بأن التوقف قادم لا محالة.. الأولي بعد هدف التعادل القاتل لمنتخب الكونغو قبل انتهاء الوقت الأصلي بثلاث دقائق والصدمة التي أصابتنا جميعا في مقتل.. والثانية عندما احتسب الحكم ضربة الجزاء في الدقيقة 94 وقبل انتهاء الوقت المحتسب بدل الضائع بدقيقة واحدة.
** مرت أمام عيني في دقائق معدودة وأنا أكتب المباراة كل السيناريوهات الجميلة منها قبل الحزينة لأن ثقتي بالله كانت كبيرة بأن منتخبنا سينجح في إسعاد الملايين لأن الله يحرس هذا البلد الطيب.
** وأعلنت أمام جميع زملائي بعد ضياع صدمة هدف التعادل الكونغولي.. قائلا: سوف يحرز المنتخب هدف الفوز فيِ الوقت بدل الضائع فرد أحد الزملاء قائلا.. لن نسجل وشعرت مع رده بأن الزمن قد توقف.. وتابعت الدقائق المتبقية والدموع في عيني أشاهد من خلالها أكثر من خمسين لاعباً في الملعب حتي جاءت الدقيقة 94 وقام مدافع الكونغو "بهرس" تريزجيه وعيني علي الحكم فقط انتظارا للقرار الذي سيتخذه خاصة بعد أن غض الطرف عن ركلة جزاء صحيحة للمنتخب قبلها.. واذا به يشير الي نقطة الجزاء فصحت وصاح الجميع معي.
** وكلنا في صمت رهيب انتظارا لتسديد محمد صلاح لركلة الجزاء وبعد أن احتضنت الكرة الشباك تحول المكتب الي هيستريا..پوأكملت كتابة المباراة وسط انهمار الدموع التي لم أستطع السيطرة عليها.. انها مصر يا عزيزي عشقي الأول والأخير.
** عشت دقائق ولحظات لم أعشها في حياتي الا عندما توفت أمي وتوقف معها الزمن منذ 12 عاما وحتي الآن.. وكأنه كتب علينا أن نبكي ونعيش المرارة حتي في حالة الفرح.. فكل أعمالنا تولد من رحم المعاناة!! صحيح أحيانا يكون للألم مذاق لكنه "يغور" اذا كان القلب سيتوقف معه.
** أعود للمباراة والجهاز الفني واللاعبين لأقول.. صحيح لم يقدم المنتخب المستوي المنتظر ومع كل دقيقة تمر ولم تفك فيه شفرة المرمي الكونغولي كان الضغط النفسي يزيد علي اللاعبين وبالطبع يقل التركيز وتصبح أقدامهم وكأنهم يحملون أكياساً من الرمل.
** وهذا شيء طبيعي لأنهم يعلمون أن هدفا واحدا يصل بهم الي المونديال والوقت يمر والهدف يعطي ظهره لنا.. وفي نفس الوقت أقول دون أن يغضب مني أحد.. حرام نظلم كوبر لأنه لعب بتشكيلة هجومية وأجري التغييرات في الأوقات المناسبة.
** لكن اللاعبين لم يحالفهم الحظ في أكثر من كرة كان بالامكان ترجمتها الي هدف.. فلست مع الذين يطالبون باستبعاد كوبر واختيار مدرب آخر لقيادة المنتخب في المونديال.. فليس هذا من شيمنا ولا أصالتنا.
** من حق الرجل أن يفرح معنا بالتواجد في كأس العالم ويجني ثمار ما فعله رغم انه لا يعجب البعض.. قد أكون مع الذين يطالبون باستبعاده لو كان هدفنا الوصول الي دور الثمانية في المونديال علي سبيل المثال.
** لكن دعونا نعترف اننا لازلنا ننظر الي المشاركة في كأس العالم والوصول اليه علي أنه انجاز.. وهنا من الممكن أن نطالب بتشكيل لجنة فنية تساعد كوبر في تحقيق المعادلة الصعبة بالجمع بين الأداء الجيد والنتائج الايجابية في المونديال.
** نحن شعب يعيش علي القيم والمباديء والمثل العليا ونقدر جهود الناس ونحترم كل من يقف معنا حتي ولو لم يحقق معنا كل الطموحات.
** وتذكروا كوبر انه وصل بالمنتخب الي نهائي افريقيا وأكثر المتفائلين منا لم يكن يتوقع وصول المنتخب الي دور الثمانية.. كما لا تنسوا أن المنتخب الكونغولي أذاق غانا المر وتعادل معها في غانا.
** وواجهنا هذا المنتخب العنيد وهو ليس لديه ما يخسره فلعب للشهرة وللعكننة علينا.. لكن ارادة الله فوق كل شيء.. مبروووك لأم الدنيا.
والله من وراء القصد