الوفد
علاء عريبى
لماذا كرة القدم؟
ما سر ارتباطنا بلعبة كرة القدم؟، لماذا نغضب، ونثور، ونسب، ونلعن، ونصرخ، ونهلل، ونسعد، ونضحك، ونفرح، ونلوح، ونقفز، ونقوم، ونقعد، ونختلف، ونتشاجر، ونتعارك، ونهتف، ونبكى؟، لما لم نظهر مشاعرنا هذه عند مشاهدة فيلم، مسرحية، مسلسل، أغنية، أو عند قراءة قصيدة، رواية، قصة، مقال، أو عندما نستمع لخطبة سياسية أو دينية؟، لماذا نختزل رأينا فى هذه النوعيات بكلمة : حلو، سيئ، جميل، وحش، وقد نصفق لشدة إعجابنا؟، لماذا يرتبط انتماؤنا للأندية بالتعصب، والتحيز، والتعبير العلنى عن مشاعرنا، ولا نتعصب ولا نعبر بنفس القدر عند انتمائنا ومشاعرنا للأيديولوجيات، والأحزاب، والنقابات، والمهن، والأعمال الفنية؟.
فى بداية حياتى الصحفية كلفت أنا وصديق العمر الكاتب د.عصام عبدالله إسكندر بإعداد تحقيق صحفى عن كرة القدم، لماذا نفضلها عن الثقافة والفن؟، وتقابلنا أيامها ببعض المثقفين، وأساتذة جامعة من تخصصات علم نفس واجتماع، وقابلنا بعض الحزبيين، وللإنصاف لم نحصل على تحليل له قيمة رغم قامة وشهرة من قبلناهم، معظم الآراء حملت الدولة مسئولية اشغال الشعب فى كرة القدم بغرض التغييب عن مشاكل الوطن، لم يفهم يومها أحد السؤال، ومن فهم منهم لم يكن يمتلك إجابة وعرج بنا على التغييب والقهر والديكتاتورية.
مر على هذه الواقعة أكثر من ثلاثين سنة، نسيت خلالها أسماء الشخصيات التى قابلناها وشاركوا برأيهم، ونسيت حتى المجلة التى نشرناها فيها، مجلة الإذاعة والتليفزيون بتكليف من الأديب محمد جلال رحمة الله عليه، أم مجلة القاهرة التى كنا نعمل بها بتكليف من أستاذنا الأديب عبدالرحمن فهمى رحمة الله عليه، لكن الشيء الوحيد الذى تبقى من هذه الواقعة فى نفسى وذاكرتى السؤال الذى طرحناه.
نحن ننتمى للحرف التى نسترزق منها، وننتمى للمدن، وللأوطان، وللأحياء التى نسكن فيها، وللأديان التى ورثناها من أجدادنا، وننتمى للأيديولوجيات، وننتمى للأحزاب التى ننضم إليها، وننتمى للمدارس والجامعات، وننتمى لرؤساء وزعماء، وننتمى لفتاة نحبها، وزوجة ارتبطنا بها، ولأولاد أنجبناهم، وآباء، وأجداد، وأشقاء، وأحفاد، وجيران، وأصدقاء، تربينا وتعلمنا وعشنا معهم، لكننا لا نغضب ولا نثور ولا نلعن ولا نسب ولا نضرب ولا نكره، ولا نفرح، ولا نهلل، ولا نصيح، ولا نخرج إلى الشوارع لكى نعبر عن سعادتنا بما نحققه.
لماذا جلسنا تسعين دقيقة نصرخ، ونصفق، ونسب، ونقفز، ونيأس، ونوجه، ونطالب، وندبدب، ونلعن، ونفرح، ونبكى، ونتمنى، ونترجى؟، لماذا خرجنا إلى الشوارع لكى نعبر عن فرحتنا؟، هل لأنها اللعبة التى نشارك فيها اللاعب والمدرب بالرأى والتوجيه أثناء المباراة؟، هل لأنها تخرج معظم مشاعرنا الجميلة والقبيحة، الغاضبة، والكارهة، والمحبة؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف