مشكلة حقيقية أن تعمل وسط كسالي، تتحمس وسط «تنابلة»، تُبدع وسط موظفين، تتفانى وتُخلص وسط منعدمى ضمائر، تفكر بعقلك وقلبك وتجتهد وتنجح وسط أصحاب بطون وأياد ممدودة وأفواه مفتوحة!
غلطة عمرك أن تكون كذلك، وأن تختار لنفسك طريق العمل والاجتهاد والنجاح، والغلطة الأكبر أن يكافئك الله على جدك واجتهادك بأن يمنحك من كرمه حظا وفلاحا وتوفيقا ورزقا وفيرا!
وقتها لا تلومن إلا نفسك، فأنت الذى اخترت هذا الطريق، وأنت الذى أوقعت نفسك فى هذه المتاهة، وهذه المصيبة، اخترت الأصعب، وعليك أن تدفع الثمن باهظا من دمك وصحتك وأعصابك وأخلاقك ومزاجك، وحياتك كلها، وتكون هدفا سهلا ومستساغا لعصابات الحاقدين والحاسدين والكارهين ومافيا المتأففين والمحبطين وهواة الشكوى والنظر لما يملكه الغير، هذه المافيا التى تفوق فى خطورتها عصابات المافيا الإيطالية والألوية الحمراء وتنظيم «كوكلوكس كلان» أو «أوم شينرى كيو»، بل وتنظيمات الإرهاب نفسها!
مشكلة حقيقية أن تعيش فى مصر مثل محمد صلاح، فتتبرع بمليون دولار لصندوق «تحيا مصر» فتجد من يسبك ويلعنك ويتمنى لك الإصابة وسوء البخت لمجرد أنك جلست مع رئيس الجمهورية!
مشكلة حقيقية أن تكون «نني» أو حضرى أو حجازى أو رمضان أو تريزيجيه أو كهربا، فتنحت فى الصخر، وتبدأ من الصفر، وتبدع وتتألق وتنجح ويرزقك الله من فضله، فتجد من «يبص لك» فى رزقك، ويعترض على حصولك على مقابل اجتهادك ودورك فى إسعاد الملايين، بل ويطالب بتوزيع حقك ومقابل اجتهادك هذا عليه وعلى أمثاله من «التنابلة»، دون أن نعرف مبررا لهذه المطالبة!
مشكلة حقيقية أن تكون طارق شوقى فتفكر فى تطوير التعليم والقضاء على بعبع الثانوية العامة وعصابات المدارس الخاصة والدولية والدروس الخصوصية، فتجد من يتهمك بعدم الوعى والإدراك وبمحاولة تخريب التعليم والمنظومة، لمجرد أنك تجرأت وبدأت تضع يدك فى «أعشاش الدبابير»، والدبابير منهم براء والله العظيم!!
مشكلة حقيقية أن تكون سيسي، وتفكر ذات يوم فى أن تجعل لهذا الوطن مستقبلا وكرامة، فتجد من «يقف لك على الواحدة»، ويعترض على كل خطوة تخطوها، وكأنه هو «أبو العريف»!
تفكر فى إنشاء قناة، فيقولون «ترعة»، تطالب بدفع الضرائب، فتجد من يقول لك «بيمد إيده فى جيوبنا»، تحث القادرين على التبرع، فتدعى أنك «غلبان» و«مش لاقى تاكل»، يطالبك بالفكة فتسخر منه، وكأنه سيضعها فى جيبه، تنفق على أى مشروع أو صفقة سلاح، فتجد من يقترح عليك ببلاهة متناهية أن توزع هذه الأموال على المصريين ليأكلوا ويشربوا، ينشيء حيا لائقا لسكان العشوائيات، فتنتقده بسبب «السجادة الحمراء».
يقيم عاصمة إدارية تساعد فى تحويل قيمة أرض جرداء «ببلاش» إلى مكان يساوى مليارات، ويكون بديلا لـ«زحمة» القاهرة، فتتهمه بالبذخ وإهدار المال العام، وكأنه من المفروض أن تكون العاصمة الجديدة «صفيحة زبالة» تناسب ذوق حضراتهم ومستوى تفكيرهم!
حقيقة، لست أدرى من هو هذا العبقرى الذى تفتق ذهنه عن أن مكافآت لاعبى منتخب مصر يجب أن تذهب إلى جيوب المصريين من عامة الشعب!
على مدى اليومين الماضيين، ومنذ تأهل منتخبنا للمونديال، وهو الإنجاز الذى أسعد المصريين جميعا، الفقير قبل الغني، والمريض قبل المعافي، استمعت إلى أصوات نكرة «تنبر» وتعترض على حصول لاعبى منتخب مصر على مكافأة تزيد على مليون جنيه لكل لاعب منهم، وتقترح بثقة شديدة توزيع هذه الأموال على «حضراتهم»، بدعوى أنهم «غلابة» و«تعبانين» و«بيكحوا تراب»، من دون أن يقدم أحد من أصحاب هذه الأصوات مبررا لهذه «البجاحة» وهذه «الفتونة»، ولماذا وعلى ماذا ومقابل ماذا، يستحق هو المكافأة بدلا من صلاح والننى والحضري، وماذا فعل هو «بسلامته» مقارنة بما فعله لاعبو المنتخب تجعله جديرا بهذه الثقة!
هذه هى للأسف نفس العقلية الكارثية التى صورت للبعض ذات يوم أن يقوموا بثورة لـ «نهب» أموال هذا وذاك، المتهم والبريء، الصالح والطالح، النظيف والفاسد، وتوزيعها بالتساوى على من هب ودب، وكأننا فى مغارة على بابا!
.. لك الله يا صلاح، لك الله ياشوقي، لك الله ياسيسي، لك الله يا كل من يجتهد أو ينجح أو يحاول أن ينجح فى هذا البلد، وسط هذه الأجواء المملوءة بالحماقة و«الغباوة» معا, فالمساواة بين الناجح والفاشل هى الظلم نفسه!!