جلال دويدار
خواطر - انتخابات اليونسكو.. وعالم بلا قيم أو أخلاق
كل الدلائل والشواهد تشير إلي أننا أصبحنا نعيش في عالم بلا قيم ولا أخلاق حيث السماح لأقزام الفكر والثقافة والتاريخ للتطلع إلي أن يتبوأوا مراكز في المجتمع الدولي لا تليق بأي حال بهم. ما أقوله ينطبق علي ما حصل عليه مرشح دولة قطر النكرة من أصوات في الانتخابات الجارية حاليا علي منصب مدير اليونسكو. كيف بالله عليكم أن يحدث هذا بالنسبة لهذا المرشح الذي لا سند ولا خلفية له سوي المال واحتراف استخدامه للرشوة.
هل يمكن أن يصدق أحد أن يصل الانحطاط بالمنظمة الراعية لتراث وثقافة العالم إلي هذا الحد. وسائل الإعلام في العديد من الدول المحترمة لم تجاف الحقيقة في اتهام هذه الدويلة بتوجيه ما تملك من مال للحصول علي هذا المنصب رغم افتقادها للرؤية والإمكانات للقيام بمسئولياته.. قالوا ان حكام الدوحة الراعين والممولين للإرهاب الدولي الباحثين عن دور سبق أن نجحوا في ممارسة هذا السلوك للحصول علي موافقة الفيفا علي إقامة بطولة العالم لكرة القدم علي أراضيهم.
لم يقتصر المال القطري علي الدعوة لانتخاب ممثله في انتخابات اليونسكو وإنما سخرته أيضا وبشكل أساسي لمنع انتخاب ممثل مصر ذات التاريخ الممتد لـ ٧ آلاف سنة والتي تعد محوراً أساسياً للتراث الإنساني. ما قامت به رغم انتمائها العربي المزيف يجسد ويكشف مدي حقدحكام قطر وكراهيتهم لمصر. هذه المشاعر المريضة التي تغذيها عمالتهم للقوي المتربصة لا تشمل مصر فحسب وإنما تمتد إلي الدول العربية. ثبت يقينا أن التعامل مع هذه النوعيات لا يتفق والتزام مصر من واقع مكانتها وتاريخها خوض انتخابات اليونسكو بشرف ومصداقية ومسئولية دولية.
من سخرية القدر أن تكون دويلة قطر منافسة في هذه الانتخابات لمصر والصين وفرنسا في تولي إدارة منظمة اليونسكو!. كل المعلومات المتداولة تؤكد أن إسرائيل تقف وراء ترشح قطر. أنها تنتظر من العميلة قطر أن تقف ضد ما سبق أن قررته المنظمة الدولية باعتبار المسجد الأقصي في القدس من التراث الإنساني الإسلامي والعربي. من المؤكد أن حكام قطر سوف يدفعون المقابل لتأييد إسرائيل لانتخابها بالتفريط في الحقوق العربية والإسلامية في القدس المحتلة.
إن وصفي لما حدث ويحدث يؤكد أننا أصبحنا نعيش في عالم بلا قيم أو أخلاق يخضع لرشوة المال وهو ما يعني أننا وصلنا إلي مرحلة الانحطاط. علي هذا العالم ومن خلال اليونسكو الذي يتولي الولاية علي التراث الإنساني العالمي أن يثبت عكس ذلك بإسقاط مرشح دويلة قطر راعية الإرهاب الذي يسعي إلي دمار وتخريب العالم ومحو ثقافته وتراثه. وحتي يتم حسم عملية التصويت اليوم الجمعة فإننا لمنتظرون أن يثبت هذا العالم أننا لم نكن علي حق.
ان تطورات عملية التصويب التي جرت علي مدي أربعة أيام قبل يوم حسم السباق كشفت عن تربيطات مريبة لم يكن خافيا اتجاهاتها. ما تم تداوله من خلال المصادر القريبة من اليونسكو يقول أن أخطر هذه التربيطات ما كان بين مرشحة فرنسا ومرشح قطر. تلاقت أهداف هذين الطرفين علي العمل المشترك لعدم انتخاب مرشحة مصر لمنصب مدير عام اليونسكو. تم تقاسم الادوار حيث تعهدت فرنسا ببذل نفوذها خاصة لدي الدول الافريقية الفرانكفونية فيما اتفق علي أن تتولي قطر تقديم الرشاوي لدعم هذه الضغوط. الشيء المؤكد أن الفوز بالمنصب لم يكن ضمن اهتمامات قطر ولكن ما كان يهمها هو عدم وصول مصر إلي أن تتبوأ هذا المنصب الذي ليس هناك ما يمكن أن يشغله سواها بحكم ما تملك من خلفية تراثية وحضارية وثقافية لا تتوافر لأي دولة في العالم.