سليمان قناوى
أفكار متقاطعة - الكتابة ببصيرة
كنت أقرأ »الجمهورية» كل خميس عكس خلق الله، من الآخر للأول. ابدأ بالحلو: مقال كاتبنا القدير محمد العزبي، وحزنت كثيرا حين توقف عن الكتابة التي كانت تبعث البهجة في زمن عزت فيه. ويبدو أن العزبي أحس بحنين محبيه إلي ما يكتب، فأصدر كتابه الجميل »صحفيون غلابة. الكتابة بنظر 6/60». وحين انتهيت من قراءة الكتاب، أدركت لماذا توقف العزبي عن الكتابة الصحفية، فقد أراد ان يخط ما يمليه عليه ضميره بحرية ودون خطوط حمراء، ودون أن يحرج أحدا، فقد أفاض واستفاض في بحث علل وادواء الصحافة وأهمها غياب الدقة، وانعدام المهنية.
وتناول كل ذلك بعين بصيرة ويد غير قصيرة في قول الحق وعقل خبير عاش في مطبخ الصحف نصف قرن أو يزيد، فينقل عن عظماء المهنة أقوالهم المحفورة في ذهنه. فيذكر أن جلال الحمامصي أستاذ الصحفيين ومعلمهم مهنة وسلوكا قال: إن بعض الصحفيين يلجأون من أجل مجدهم الشخصي إلي القيام بأدوار »غلط» فتكون وبالا علي الوطن وعلي المهنة». ويذكر أن موسي صبري الذي علم أجيالا أصول المهنة، همس - وهو يعاني سكرات الموت - في أذن الأديب» احمد عباس صالح: »ألم تر أن جيلنا يرحل سريعا.
أفكر الآن أننا خدعنا خدعة كبيرة وأن المتصارعين علي السلطة استخدمونا لصالحهم أسوأ استخدام». وفي نهاية الكتاب لا يريد العزبي أن يحبطنا، فيذكرنا أنه لايزال يقرأ الصحف ويتمني أن يصبح له عشر عيون 6/6 ليقرأ بها ما فاته. اطمئن أستاذنا بصيرتك 6 / 6 .