د. أحمد دراج
بلاغ خاص إلي وزير الداخلية
قبل أن أخط حرفاً واحداً في هذا المقال أود أن أقدم خالص تقديري واحترامي للتضحيات الكبيرة التي يقدمها معظم رجال الشرطة وأسرهم في هذه الأيام العصيبة التي تمر بها البلاد. والتي تذكرنا بدورهم البطولي في 25 يناير 1952 حينما رفض رجال الشرطة المصرية في الإسماعيلية تسليم أسلحتهم والاستسلام للقوات البريطانية أثناء تولي فؤاد سراج الدين لوزارة الداخلية.
هذه هي الشرطة المصرية التي نفتخر بها بحق. لدورهم الرئيسي في حماية الشعب المصري من المجرمين والإرهابيين. وهي تختلف كلياً وجزئياً عن بعض رجال الأمن الذين يعطون أسوأ المثل بممارساتهم المشينة ضد المواطن المصري ولا يحترمون القانون الذي يحفظ علي الإنسان كرامته. فهؤلاء لا يستحقون سوي المحاكمة علي أفعالهم المشينة والتي تعد من قبيل خيانة الأمانة وامتهان الدستور والقانون. وينبغي علي السيد وزير الداخلية ألا تأخذه رحمة بهم. وألا يتهاون مع هذه النوعية من المنتسبين للوزارة والذين يسيئون لجهاز الشرطة كله.
ومن هذه الأمثلة الرديئة مجموعة من الضباط والأمناء الذين يديرون كمين كفر العرب في الطريق الواصل بين المحلة الكبري ومدينة المنصورة حيث يستخدم أفراد الكمين أحط الوسائل في التعامل مع السائقين سواء أكانوا سائقي سيارات نقل أو سيارات ملاكي يومياً.
ونكتفي بحادثة واحدة توضح كيف يتعامل أفراد هذا الكمين من رجال الشرطة مع المواطن العابرين لهذا الطريق. فقد أوقف أفراد الكمين عدداً من سائقي السيارات الملاكي يوم الجمعة 2 يناير 2015 وكان من بينهم الدكتور أحمد.. وزوجته وطفليه التوأم في الشهر السادس في سيارة سيراتو حمراء اللون. وطلبوا منه كما طلبوا من غيره إبراز رخصتي السيارة والقيادة وعندما لم يجدوا أي مخالفة بهما طلبوا منه عينة من البول للكشف عن وجود مخدرات في الدم. وعندما تعجب طبيب التخدير من هذا الإجراء الغريب. تم تعنيفه وإهانته. ولكنه لم يتوقف طويلاً لأن الأمر لا يؤثر فيه نظراً لأنه لا يتناول أي مخدرات بل ولا يدخن حتي السجائر. فامتثل الطبيب لتعنت أفراد الكمين وترك زوجته وطفليه في السيارة وذهب مع فرد الشرطة إلي دورة المياه لتقديم عينة من البول حسب طلبهم.
وبعد بضع دقائق انتظر فيها الطبيب وأسرته في سيارتهم الخاصة حتي تأتي نتيجة التحليل. عاد أمين الشرطة مرة أخري ليلقي بالمفاجأة في وجه الطبيب: العينة موجبة وهناك مخدرات في الدم. وانفعل الطبيب ورفض التقرير. وطلب تقرير الفحص الذي يحمل دليل الاتهام أو صورة منه وبالطبع رفض طلبه. ولم يفق الطبيب من هول المفاجأة إلا والضابط يصطحبه مع عشرة أشخاص آخرين من سائقي السيارات الخاصة بالإضافة إلي سائق سيارة ميكروباص "ع" ومعهم أميني شرطة واصطحبوهم جميعاً إلي مركز شرطة طلخا الذي أقام حفلاً لإهانتهم. وظلوا قيد الحبس انتظاراً للعرض المؤجل علي وكيل النيابة في المركز لمدة خمسة أيام متتالية من يوم الجمعة 2 يناير إلي يوم الثلاثاء 6 يناير 2015. ورغم طلب قائدي السيارات الملاكي الموقوفين تحليل الدم إلا أن طلبهم رفض بإصرار وتعنت. وبعد ذلك أفرج عنه مع رفاقه علي ذمة قضية تعاطي مخدرات.
ونسأل: كيف يعطي القانون الجديد لأفراد الشرطة الكشف عن المخدرات لسائقي السيارات الخاصة في الطريق العام دون ضوابط؟ وهل يصلح هذا الإجراء من منظومة المرور الفاشلة بامتياز أم يفتح باب الرشاوي والمحسوبية والتعنت؟ وهل يمكن أن يقود طبيب تحت تأثير مخدر سيارته الخاصة بصحبة زوجته وطفليه الرضيعين إلا إذا فقد عقله؟ وما الذي يضمن عدم استخدام السلطة في الظلم والانتقام واللدد في الخصومة؟ تري كم جريمة ارتكبها أفراد في هذه الواقعة؟ هذه مجرد تساؤلات مشروعة لممارسات فجة وفساد ضمائر يحتاج إلي التحقيق والمحاسبة. فهل يفعلها وزير الداخلية ويتأكد من ذلك بطريقته الخاصة حفاظاً علي سمعة رجال يقدمون الغالي والنفيس ليأتي زملاء لهم يهيلون التراب علي الصورة الذهنية لرجل الأمن والتي تحاول وزارة الداخلية استعادة بريقها بعد ثورة يناير 2011؟