وجدى زين الدين
حكاوى الفرق فى تفعيل القانون
تحدثت، أمس، عن الفرق بين القاهرة ولندن، وقلت إن هناك فرقاً كبيراً هو مدى الالتزام بتطبيق القانون، فسيادة القانون هى السيد على رقاب الجميع، سواء كانوا من أبناء الإنجليز أو باقى الجنسيات الأخرى، والمعروف أن عدد سكان لندن يتجاوز الثمانية عشر مليوناً طبقاً لآخر إحصائية إنجليزية، بينهم ما يتعدى التسعة ملايين من جنسيات مختلفة ما بين عربية وأفريقية وآسيوية وأوروبية.
ولأن المجتمع الإنجليزى مفتوح، فهناك الكثيرون من أبناء العالم يجعلون قبلتهم بريطانيا، ورغم تعدد الجنسيات والقوميات تجد أن المجتمع البريطانى لا تجاوز للقانون فيه، وقد ذكرنى ذلك بدولة الأندلس العربية فى القديم، عندما كانت تضم كل الجنسيات والقوميات من كل فج عميق.
وكان هذا هو سر تقدم ونهضة الأندلس، وأيضاً سر تكاتف أوروبا ضد هذه الدولة العربية فى قلب أوروبا، وضاعت الأندلس بسلاح بث الفرقة والاضطراب بين هذه القوميات.
بريطانيا الآن استفادت من الدرس العربى، وجعلت بلادها مفتوحة لكل الناس، ومن كل القوميات والتيارات، للاستفادة من العقول فى ترسيخ المجتمع الإنجليزى، وقلت من قبل إنه فى زيارة سريعة لجامعة لندن ساوث بانك، ومن خلال لقاءات مع مدير الجامعة كان واضحاً كم الجنسيات المختلفة من دول العالم، وكذلك جامعة «كامبريدج» الشهيرة.
الذى يحكم كل هذه الأمور ابتداء من السير فى الشارع وحتى العمل فى المصالح والهيئات المختلفة هو سيادة القانون الذى يحفظ الحضارة ويساعد على ازدهارها ونموها مدى الالتزام بالقانون، وعدم خرقه أو التلاعب به، وإلغاء كافة الاستثناءات به.. وبذلك يكون الفرق بين القاهرة ولندن هو فرقاً جوهرياً فى مدى الالتزام بسيادة القانون.. ومصر الجديدة التى يتم التأسيس لها، وتقوم حالياً بثورة تشريعية فى كل المجالات من أجل القضاء على القوانين البالية والتى لم تعد مناسبة للواقع الجديد، تحتاج فعلاً إلى تطبيق القانون وتفعيله على الجميع بلا استثناء.
لو نجحنا فعلاً فى تطبيق القانون لاختلفت الصورة تماماً، وساعتها تعود مصر إلى ريادتها القديمة التى يحلم بها الجميع، وتحقق الحلم الأزلى فى النهضة المطلوبة، كما عهد العالم فى كل الحضارات المصرية القديمة.