تبرعت سميرة أحمد بملابسها التي ارتدتها في أعمالها الفنية لصالح صندوق تحيا مصر في لفتة إنسانية نبيلة، وجاء من ضمنها تلك التي استخدمتها في فيلمها (العقلاء الثلاثة) الذي شارك خلاله عادل إمام بدور صغير، ورغم ذلك فجميع العقلاء سوف يعجزون عن تفسير الصدف، ومنها تلك التي جمعت بين ماري منيب وعادل إمام لأول مرة في فيلم (لصوص لكن ظرفاء) وكانت الأولى قد صنعت مجدها الفني، بينما الثاني في بداية مشواره، وفي أول لقاء بينهما ودون سابق معرفة قامت بالدعاء له بأن يشاهد المجد الذي رأته في حياتها.. وقبل عرض الفيلم ماتت أشهر حماة سينمائية ليكتبوا على أفيش الفيلم اسمها مقرونًا بعبارة "فقيدة الفن"، بينما تحقق دعاؤها للزعيم الذي صعد سلم النجومية سريعًا.

قد تأتي الصدفة لترسم مشهدًا سينمائيًا يضاهي حكاية "صدفة" بنت بعضشي التي سرقت فؤاد المهندس في مسرحية (سيدتي الجميلة) قبل أن تخطف قلبه في المسرحية، مثلما خطفتها قبل ذلك في الحقيقة لتجعله يغني مع العندليب (كان يوم حبك أجمل صدفة).

عندما اصطدمت سيارة تقودها فتاة بسيارة أحد أقاربي، أحدثت بها بعض التلفيات التي كانت كفيلة باندلاع مشادة كلامية بينهما توجها بعدها إلى قسم الشرطة، وهناك اكتشف أن الفتاة التي صدمت سيارته ليست غريبة عنه لكنها أخته من والده متعدد الزوجات!

وقتها كانت صدمة نفسية شديدة لم يستطع إصلاحها، واكتفى بإصلاح سيارته لكن قبل استماعي لحكايته بسنوات طويلة، وتحديدًا في أثناء مشاهدتي للاحتفالات بقدوم الألفية الثالثة سمعت أن جارتنا قد رُزقت بطفلة.. رأيتها وحملتها في يدي وهي رضيعة لم تُكمل بضعة أيام.. وربما كانت نفس عدد الأيام التي مرت منذ أن وقفت وسط ازدحام الحرم الجامعي في طريقي للقاء عميد أحد الكليات، لأجد طالبة صغيرة تسألني عن موقع مكتبة الكلية.. اعتذرت لعدم معرفتي الجيدة بالمكان، لتُغادر مسرعة بينما تأملتها للحظات كانت كافية لأستجمع بذاكرتي صورة حديثة جمعتها بأسرتها، مرت أمامي منذ فترة، لأكتشف أنها نفس الطفلة التي حملتها في يدي يومًا!

والصدف قد تبعد عن المأساة وتتحول إلى ملهاة مثلما أعلن رئيس جامعة بنها عن رفضه ارتداء الطالبات للبنطلون المقطع منعًا للتحرش الجنسي، وبعدها بساعات تم الكشف عن فضيحة جنسية متهم بها مدير إدارة بالجامعة، لذا عندما صرح عميد إحدى الكليات بكفر الشيخ مؤخرًا عن توقيعه غرامة مالية على المدخنين في الحرم الجامعي جلست أمام نشرة الأخبار في انتظار الصدفة التي ستقودنا لكشف أكبر عصابة للمتاجرة في المخدرات على أن تكتمل القصة الخيالية بأن يكون رئيسها مسؤولًا في الجامعة!

تأتي الصدف أحيانًا لتحمل معها الفرص الجيدة لمن استعد لاستقبالها لكن من النادر أن تحمل معها حلولًا جذرية للمشكلات، فالأخيرة تحتاج الجهد والمثابرة والخطط المتكاملة لمواجهتها وليس الاكتفاء بالتصريحات الصحفية أو محاولات جذب الانتباه وإلا أصبح الوصول لحلول أو تحقيق النجاح مجرد صدفة.