المصريون
رضا محمد طه
رقص المسوخ
إنتشر فيديو يتداوله البعض علي موقع التواصل الفيس بوك يرقص فيه بالطبل البلدي أحد مذيعي الفضائيات والمعروف بأنه مثير للجدل، وذلك عقب حصول منختبنا الوطني علي بطاقة التأهل لنهائيات كأس العالم، كان الفيديو حقاً مثيراً للسخرية والإستهزاء من عموم الناس للدرجة التي يستلقي فيها الشخص علي ظهره من الضحك، حيث ظهر المذيع وهو يرقص ببهلوانية غير مقبولة من مذيع محسوب علي الإعلاميين والتي لا بد أن يكون علي درجة من الإتزان والثقافة والعلم، ومهما كان الحدث الذي رقص من أجله يجب أن يحتاط من يشاهده الملايين، حتي لا نكون محل إستهزاء خاصة من غير المصريون، لكن ونظراً لمحدودية التفكير، يعتقد البعض أن تلك السلوكيات سوف تضعهم في صورة امام الناس أنهم الأكثر وطنية وحباً للبلد، وكذلك كي يرضي عنهم من يوجهونهم، الذي يدعو للسخرية أنهم يجعلون من أنفسهم من المسئولية والدرجة التي تسمح لهم بتوزيع صكوك الوطنية علي الناس، أوينزعونها من البعض الذين لا يتماهون مع توجهاتهم، السؤال المُلح هو هل تصرف أحد مذيعي البلدان التي تأهلت هي الأخري مثل فرنسا أو ألمانيا بمثل ذلك الأسلوب الهستيري؟ أو حتي من قبل عندما حصلت بلدانهم علي كأس العالم نفسه؟.
لنا أن نتصور حجم التجهيل الذي أصاب المجتمع بعد أن تصدر هؤلاء المشهد الأعلامي بأسلوبهم الهمايوني، حيث يفترضون في برامجهم أن المشاهدين ذوي عقول مؤهلة للأفكار المعوجة ومعظمهم تربوا علي التلقين والخوف من التفكير، أولئك فرضوا علينا حالة من التوهان و"الأنوميا" وهي فقدان المعايير، والتي من توابعها إعتقاد أغلب الشباب أن تحقيق الأحلام والأماني ليس عن طريق الجد والإجتهاد وسهر الليالي في تحصيل العلم والعمل بإخلاص، وإنما عن طريق النفاق والإنسحاق والتذلل للمسئولين.
بلوانا تتمثل في أن البعض يختزل الوطنية ويصدرها للأجيال من الشباب والأطفال في صورة ترديد شعارات أو كلملت أوجعجعة ورفع الصوت بكلمات أو حتي تحية العلم، أو موقف عاطفي يحدث بصورة عادية -مثل بكاء شاب أثناء مباراة المنتخب -فيشغل الناس بشكل غير طبيعي ومن ثم تنهال عليه المكافآت من كل صوب، لدرجة غطت علي المعني نفسه، وشُغل الناس بأمور لدرجة العبادة تتمثل في بعض الفنون والرياضة بصورة مبالغ فيها علي حساب العلم والعمل والفكر والمفكرين، وكما قال أحد الفلاسفة عن أنه يوجد في هذا العالم أوثان يعبدها الناس أكثر من الحقائق!، فهل سيتواري العقلاء والمفكرين في زمن المسوخ والأقزام والأقدام؟.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف