بعد أن طفح الكيل وضاقت الأرزاق وتقطعت السبل بشعب طيب مكافح صبور تاريخه ضارب في أعماق التاريخ الإنساني. كان له باع طويل فيما وصلت إليه الحضارة الإنسانية الآن. فهي وبحق مدينة له. قام وثار علي ظلم الحاكم وفساد حاشيته أملاً في العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية. وتتحقق الرغبة ويسقط نظام مترهل كان يؤثر مصالحه الشخصية علي مصالح شعبه. فتهاوي في 25 يناير .2011
وفي غفلة من الزمن وبنشوة الفرح ولحظة الانتصار. تدغدغ مشاعر البسطاء شعارات دينية وجلباب ولحية ليختل ميزان التقييم. وينخدع الناس ليأتي نظام فاشي ليمتطي جواد الثورة. فيسقط هذا النظام سريعاً. وتتهاوي أصنامه بثورة تحاكي عنها العالم. وأصبحت مصدر الهام للكثيرين في 30 يونيو .2013
وبعد سقوط الأقنعة يتمخض هذا الشعب ليولد نظام من رحمه. وفي فترة وجيزة يثبت انه نظام وطني. فيأخذ علي عاتقه إصلاح ما أفسده الدهر. ولكن وقبل أي انطلاق لابد وأن نستدعي دروس الماضي. لكي نتعلم ونحمل الخيرات التي تؤهلنا للتفاعل مع الحاضر. والتعامل مع متغيرات المستقبل. حتي لا نتعثر ونسقط ونتهاوي.
لذا وجب علي جيش مصر أن يظل كما هو حارساً أميناً علي مقدرات الوطن. ويطور من قدراته للتصدي لأي تحديات قد تفرض عليه في المستقبل. أما الشرطة فهي الآن في قلب كل مصري بعد أن كانت العصا الغليظة في يد الحاكم القاسي. ولتعزز وتتبني شعارها القديم الشرطة في خدمة الشعب. أما القضاء ورجاله فقد أثبتوا انهم وبحق لا يخشون إلا الله. وعندما تحمل أحدهم الأمانة كان علي قدرها وأجاد. أما باقي المؤسسات فهي إلي الأفضل.
وفي قلب المشهد يقبع الشعب المصري ملتفاً حول رئيسه الذي اختاره بإرادته ليحيطه بالمحبة والاحترام. ولكن لكي ننظر للأمام وينطلق قطار التنمية وتتحقق تطلعات الشعب من عيش كريم وحرية وعدالة اجتماعية. يجب علينا ألا نخطئ مرة أخري ونحسن اختيار صناع القرار التشريعي في مجلس النواب القادم. فالعبء ثقيل لأن اللحظة الراهنة في ظل المتغيرات العالمية فارقة. فهم النواب الذين سيراقبون الحكومة ويعيدون صياغة القوانين التي تساهم في استقرار المجتمع اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً ومعرفياً. بل سيمتد دورهم بحكم الدستور لمشاركة الرئيس في صياغة وإقرار العلاقات الدولية.
فبعد عدة أسابيع من الآن ينطلق قطار المنافسة بين المرشحين المحتملين لمجلس النواب القادم "برلمان الثورة". مما يستدعي أن نطرح علي أنفسنا سؤالاً واضحاً: هل نريد أن نمضي قدماً إلي الأمام. أم هناك من يتشبث بالماضي الفاسد ويصر علي التراجع إلي الخلف؟ والاجابة القاطعة تتلخص في أن نشارك ونحجب نواب العصبيات والفلول والفاشية الدينية والممولين والمرتزقة المأجورين. ونفتح الباب للشباب المثقف والمسلح بالعلم والمعرفة مطعماً بالخبرات الوطنية الصادقة. وإذا ما تحقق ذلك ستبحر السفينة وتقهر الأمواج العاتية رغم أنف الحاقدين وكيد المنافقين. لأن تحقيق الانجازات يتحقق برؤية ثاقبة لقيادة واعية تتلاقي مع إرادة الشعب.