جاء إلي الديار المصرية من مدينة الغربية وأقام بها بعد رحلته الحجازية والعراقية مضرب الأمثال في الزهد والفروسية وكان الاحتفال بمولده من أهم الأعياد الاجتماعية ولا يزال موسم الرواج والخير لعاصمة الغربية صاحب الألقاب والكرامات التي تتردد حتي الآن في الأدوار الزجلية ولا بأس أن نمر علي قصة امتحان ونتيجته ولا ننسي زيارة السادات لضريحه قبل ملحمة الشرف والوطنية.
توافق هذه الأيام الاحتفال بمولد القطب الصوفي السيد أحمد البدوي. بدأ هذا العام يوم الجمعة 6 أكتوبر 2017. الثاني من محرم 1439هـ.
- السيد أحمد البدوي 596 - 675 هـ . 1199 - 1276 . صاحب الطريقة الأحمدية "البدوية" : أحمد بن علي بن ابرهيم بن يحيي بن عيسي بن أبي بكر ينتهي نسبه إلي الإمام الحسين بن علي "رضي الله عنهما".
من مواليد زقاق الحجر - فاس - من ألقابه السيد والبدوي والملثم وشيخ العرب والعطاب "الفارس المقدام" أبو الفتيان. السطوحي. أبو النصر. القطب الصامت وبحر العلوم والصالح وغيرها.
جاءت من جوهره ومظهره وخلقه القويم.
قضي 12 سنة علي سطح المنزل الذي يقيم به قضاها في ذكر وعبادة.
سافر في سن السابعة مع أسرته إلي مكة المكرمة ووصل إليها بعد أربع سنوات بعد فترة قضاها بمصر.
سافر إلي العراق مع أخيه الأكبر حسن وزاز أضرحة أقطاب الصوفية.
- الحلاج في 309 هـ . عبدالقادر الحيلاني في 561 هـ واحمد الرفاعي في 578 هـ.
عاد أخوه إلي مكة واتجه البدوي إلي طنطا بمصر "طنوتا" وجعلها مركزا لنشر طريقته.
تنسب إليه الكرامات وأشهرها إعادة الأسري أثناء الحروب الصليبية "حملة لويس التاسع" 1250 وانتشرت في القصائد الزجلية:
الله الله يا بدوي جاب اليسرا "الأسري"
يقام الاحتفال بمولده مرتين في العام:
- المولد الرجبي في ابريل والرئيس في أكتوبر
وهي مناسبة دينية واجتماعية يأتين الزوار من محافظات مصر والعالم العربي والاسلامي وتتحول مدينته العريقة إلي سوق كبير وتشهد رواجا ليس له مثيل خاصة تجارة الحمص والحلاوة وتشارك في الاحتفال 67 طريقة صوفية.
رزق الله البدوي بسطة في العلم والجسم وكان قوي البنيان. طويل القامة. مال إلي التصوف منذ شبابه البكر. حفظ القرآن الكريم علي القراءات السبع وعمره 27 عاما وأصبح من أئمة المذهب الشافعي.
تقوم طريقته علي القرآن الكريم والسنة المشرفة ومكارم الأخلاق. رمزها الحمامة الحمراء وراية من نفس اللون.
ترك السيد أحمد البدوي تراثا علميا كبيرا. لم يصل منه إلينا إلا القليل وشارك في الجهاد ضد المعتدين.
توفي الثلاثاء 12 من ربيع الأول 675 هـ - 24 أغسطس 1276 م.
بدأ مسجده بخلوة صغيرة ثم زاوية لمريديه بناها خليفته وتلميذه الشيخ عبدالعال.
تم بناء المسجد والقباب والقبة النحاسية في عهد الأمير المملوكي علي بك الكبير الذي استقل بحكم مصر عن الدولة العثمانية "1768 - 1773م" وأوقف له أوقافا عقارية وزراعية للإنفاق عليه وفي كتاب "القاهرة وضواحيها" للكاتب الفرنسي دي فوجاني "باريس 1883" ترجمة مدحت عياد فهمي. تحدث المؤلف الذي عاش بالقاهرة خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر عن أحوال المصريين وعاداتهم وتقاليدهم.
قال ان المصريين يحتفلون بأعياد وطنية أو مدنية يجتمعون فيها علي اختلاف عقائدهم أهمها
- شم النسيم "عيد الربيع" وعيد النقطة "عيد الزراعة" ومولد السيد البدوي ومولد القديسة دميانة.
يتم الاحتفال بالأول في الحدائق والمزارع والاحتفال الرئيسي لعيد النقطة عند ضريح الشيخ اسماعيل الانبابي "الامبابي" بالكيت كات - امبابة.
تنزل النقطة يوم 10 ليلة 11 بؤونة "17 يونية" تضاعف المحصول وتعد عليها النساء خميرة العام. يتحول قرص العجين بإذن الله إلي قرص خميرة.
تقول الأساطير ان الفيضان يأتي بعد نزولها وهي من دموع ايزيس التي سفحتها علي جبينها وزوجها أوزوريس تسقط فيها قطرة كل عام علي منحة النيل فيأتي الخير والنماء.
وكان الشيخ يوسف بن عبدالله والد الشيخ اسماعيل من أتباع السيد البدوي.
جاء إلي المنطقة لنشر الطريقة الأحمدية.
كان الاحتفال بمولد السيد البدوي آنذاك ثلاث مرات في العام في يناير وابريل وأغسطس.
يقع دير القديسة دميانة في شمال شرق الدلتا "بلقاس - دقهلية" ويتم الاحتفال به "بشنس - مايو" كل عام.
أثار السيد البدوي جدلاً واسعاً في عموم البلاد بعد التفاف الناس من حوله. كلف قاضي القضاة الإمام تقي الدين "ابن دقيق العيد" الشيخ عبدالعزيز الدريني من عظماء الأزهر بامتحان لمعرفة حقيقة أمره.
توجه الدريني إلي طنطا وعقد امتحانا للبدوي وسلم النتيجة لقاضي القضاة في العصر المملوكي.
قال: عن علم احمد البدوي:
"إنه بحر لا يدرك له قرار"
روي الشيخ محمد متولي الشعراوي قصة وقعت في رحاب المسجد الأحمدي. التقي هناك بالإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت وأستاذ كبير للتفسير بجامعة الأزهر الشريف وتناقشوا حول الآية الكريمة "وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم" "الزخرف 84".
وتحدثوا عن القاعدة اللغوية التي تقول إذا اجتمعت فكرتان في جملة واحدة تعني كل منها شيئا مختلفا وهنا ظهر رجل غير معروف وفي يده عصا أشار بها إليهم وقال:
- يا علماء: هل نسيتم الاسم الموصول "الذي" ثم اختفي.
وانعقدت ألسنتهم جميعا لمدة نصف ساعة من الدهشة ويذكر ان الرئيس الراحل أنور السادات توجه إلي ضريح السيد أحمد البدوي وزاره قبل اتخاذ قرار حرب أكتوبر 1973 التي حقق فيها الجيش المصري نصره المجيد.
انتشرت القصائد الزجلية التي تستخدم مقطع كرامات السيد البدوي خاصة في الفن الشعبي وللشيخ سيد مكاوي أغنية بنفس الاسم وأيضاً للفنان محمد رشدي من فيلم "السيرك" وبمناسبة مولد العارف بالله السيد أحمد البدوي نقول معهم:
الله الله يا بدوي جاب اليسرا.