نيوتن
أبواب الجحيم لن تقوى عليها
(عزيزى نيوتن.
نقلت إلينا الأخبار خبر ذبح كاهن قبطى بساطور على يد متطرف بمنطقة المرج. وهو القمص سمعان شحاتة كاهن كنيسة القديس يوليوس الأقفهصى فى الفشن- محافظة بنى سويف. والقديس يوليوس الأقفهصى هو كاتب سير الشهداء. وهو من مواليد القرن الثالث الميلادى. فالجريمة ليست حادثاً مؤسفاً- كما جاء فى بيان الكنيسة- ولكنها عملية استشهاد مع سبق الإصرار والترصد.
«أبواب الجحيم لن تقوى عليها».. هذا هو الإيمان الذى عاشت به الكنيسة فى القرون الأولى، وفى العصور الوسطى، وأيضاً فى العصر الحديث. وصمدت الكنيسة، على مدى الدهور، فى وجه الأنواء والأعاصير. كثيرون قاموا عليها فسقطوا عند عتباتها. ولم تفعل الكنيسة شيئاً للذين قاموا عليها أو حاولوا أن يكيدوا لها. لم تقابل الشر بالشر، لم تطلب العقاب لمَن أرادوا أن يُلحقوا بها الضرر، وإنما كانت تصلى لأجلهم لكى يفتح الرب بصيرتهم. وكان آباء الكنيسة العظماء والرعاة الصالحون يقفون بجوار أولادهم. ليحموا إيمانهم.
هذا هو الإيمان الذى حفظ الكنيسة طوال 21 قرنا من الزمان، مما حدا بالمؤرخة الإنجليزية مسز «بوتشر» أن تقول: (لو تحرك الهرم الأكبر عن مكانه، لن يتحرك القبطى عن إيمانه). هذا الإيمان حمى أبناء الكنيسة من كل تدابير الأشرار. تثور الدنيا وأبناء الكنيسة هادئون وادعون. تضطرب القلوب وأبناء الكنيسة تمتلئ نفوسهم بالسكينة والسلام. إن أى قوة لم تستطع أن تزعزع إيمانهم أو تضعف من يقينهم أو تحول بينهم وبين الساكن فى الأعالى.
كانت الشدائد تزيدهم إيماناً، وكانت المحن والتجارب تزيدهم استمساكاً بعقيدتهم واستبسالاً فى الذود عن كنيستهم. هؤلاء الأبطال كانوا أشداء فى مواجهة الشر، صاروا فقراء مُعدمين ولكنهم كانوا أغنياء بالروح. هؤلاء لم يكن العالم مستحقاً لهم. استعذبوا الموت من أجل حياة أفضل. بينما كان يهرب الكثيرون من ساحات الاستشهاد ومواضع الضيق والألم، نجد هؤلاء الأبطال استعذبوا الألم لكى ينالوا قيامة أفضل، وكان لسان حالهم يردد: (مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَن محَبَّةِ الرب؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيقٌ أَمِ اضطهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْىٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟). وهكذا خرجوا منتصرين من سجن هذا الجسد إلى الحياة الدائمة، ومن هنا أُطلق على الكنيسة القبطية لقب «أم الشهداء». وتَغنَّى أبناؤها على مر العصور: أم الشهداء جميلة.
د. مينا بديع عبدالملك- أستاذ رياضيات متفرغ بهندسة الإسكندرية).
نيوتن: هذا التعليق يفرض أهميته اليوم.