فريدة الشوباشى
البناء فى صمت وضجيج الهدم
يوما بعد يوم يظهر للقاصى والدانى الدور المصرى البناء فى كل الميادين، ففى الداخل تنهض المشروعات المؤسسة للخروج من حالة الجمود والاكتفاء بالاستهلاك اليومى الى آفاق مستقبل الأجيال المقبلة، واصبح تجسيد هذه المشروعات نافيا، نفيا عمليا ،كل الادعاءات والشائعات المغرضة وحملات التشكيك الرهيبة..فها هى العاصمة الادارية والتى، الى جانب ما يتصل بها من آمال بالاستثمار والرخاء،قد ازدادت رقعة مؤيدى اقامتها كلما تفاقمت معاناتهم جراء ازدحام القاهرة الكبرى والفوضى المرورية المفزعة بكل ما تخلفه من ضحايا حتى بتنا نتصدر ،للأسف،قائمة الدول من حيث عدد ضحايا الطرق.. ويشاهد المصريون جهود توفير المساكن الآدمية لسكان العشوائيات وبذل جهود جدية فى التوسع فى المصانع والصناعات الصغيرة والمتوسطة ،حتى ننتقل من خانة الاستهلاك الى فصيل الدول المنتجة، وعملا بمبدأ، ان من لا يملك قوت يومه ..لا يملك حرية قراره.. المراجعة متواصلة وبوتيرة ثورية لاصلاح منظومات عديدة، تفسخت او علاها الصدأ ،نتيجة الاهمال والتسيب والفساد، خاصة منظومة التعليم .. وبقدر شديد من الاهمية، تصويب الخطاب الدينى بما يعلى القيم الاسلامية النبيلة ومن اهمها العدالة الاجتماعية ونذكر بما قاله رسول احد ملوك الغرب عن سيدنا عمر بن الخطاب، عندما رآه خالدا للنوم فى ظل شجرة «حكمت، فعدلت، فأمنت، فنمت يا عمر» ان العدالة الاجتماعية هى الحصن الحقيقى والاقوى ضد كل مؤامرات الاعداء..وما سوف يسجله التاريخ لمصر، هو وقوفها بقوة وكفاءة، ليست بعيدة عن مسارها التاريخى، في. وجه مخطط تفتيت الوطن العربى الى دويلات عرقية وطائفية، وهو مشروع امريكى لا أعتقد أن أحدا يجهله الآن..فقد نشط الأعداء فى تنفيذ المشروع الشيطانى، على جميع الأصعدة، وأخدوا يمدون بالسلاح والتمويل المقاتلين المرتزقة فيما سُمى «بالربيع العربى»!، والذى تجلى فى تشريد الملايين فى عدد من الدول العربية، مثل ليبيا وسوريا والعراق واليمن وغيرها..ونعرف جميعا كيف كان حال العراق، قبل الغزو الأمريكى المدمر لبلاد الرافدين تحت الشعار الخادع الخبيث وهو اقامة الديمقراطية!!!
لا أفهم حتى اليوم كيف لم يتنبه الحكام العرب الى خطورة قرار تسريح الجيش العراقى بقرار الحاكم الامريكى بول بريمر، وكيف لم يفطن حكام المنطقة الى استهداف الجيوش العربية بحيث يصبح الوطن العربى مستباحا امام اى عدو.. وبالطبع كانت دعاوى الفرقة الطائفية وقود حروب التخريب التى جرت، ولن انسى ان الدستور العراقى الذى صاغه امريكى يهودى، كان يحمل فى طياته بذور التقسيم وتحت دعوى خبيثة، هى المحاصصة ومن ثم توزيع الثروات على «الشيعة والسنة والاكراد»!! ونفس المنهج اتبع فى سوريا وكأنهم استيقظوا بعد مئات السنين، علي. وجود عقائد دينية مختلفة فى ليبيا كان السلاح المسموم، التفرقة بين القبائل ..ولا شك ان مساعدة عملاء الداخل لتنفيذ مخطط التفتيت، آتت بعض ثمارها، ولكنها اصطدمت فى مصر، مثلها مثل كل من سبقها بشعار.، فرق تسد،بشعب اتضح ان فك شفرته من رابع المستحيلات..
وانطلاقا من تحطم كل المؤامرات والمخططات على صخرة الوحدة الوطنية المصرية، جاهدت القيادة فى ترميم الشروخ، بل والكسور العربية، وتظهر، نتائج جهود البناء فى مواجهة جهود الهدم، فى ليبيا حيث تساعد مصر فى رأب الصدع بين القبائل واعادة مؤسسات الدولة،ثم فى العراق الشقيق، والدور المصرى فى مساعدته، ومساعدة سوريا الحبيبة وكان فصل المصالحة الفلسطينية، التى ندعو من الأعماق أن تستمر وتترسخ لتعود القضية الفلسطينية الى مقدمة الاهتمام بعد ان شتت انقسام جناحى فتح وحماس هذا الاهتمام.. مصر الآن تقوم بدورها المعهود على مر التاريخ، تقوم بالبناء، فى مواجهة قوى الهدم التى اصابها سعار مفزع.. ولكن لا بد ان نعى جميعا ان الدور المصرى فى توحيد القوى العربية قد جر عليها. ويلات منذ محمد على مرورا بعبد الناصر ووصولا الى السيسي..ولذا سوف تزداد جهود الاعداء،فى الداخل والخارج، سعيرا، والأمل أن نكون جميعا فى أقصى درجات اليقظة.