يستحق شهر أكتوبر أن تكون له هذه المكانة الخاصة في قلوب المصريين، فهو شهر الانتصارات الذي أعاد الأرض والكرامة وزرع فرحة في القلوب البائسة جعلتنا علي يقين دائم أنه مهما كانت الصعاب التي نواجهها ومهما كانت حالة اليأس التي نشعر بها فسيأتي حتما الانتصار وستأتي الفرحة التي لا يقوي أحد علي انتزاعها من قلوب المصريين.
داخل كل عائلة مصرية تعيش الأجيال المتعاقبة قصة بطل مصري.. جنديا شهيدا في حروب الكرامة أو عالما في مجاله أو طالبا نابغا في مدرسته أو عاملا في مصنعه أو فلاحا بسيطا مازال ممسكا بفأسه كي يزرع من خيرات الله ما يطعم به غيره.
هكذا أري المصريين أبطالا في كل مجال نجهل الكثير منهم ونعرف البعض لكن في وقت الشدة يظهر الأصل الطيب فالكل من زرع هذه الأرض الطيبة. ورغم مرور 44 عاما علي نصر أكتوبر مازلنا نكتشف كل عام قصصا بطولية جديدة نحكيها لأبنائنا عن المصري في حرب تحرير الأرض. بل إننا مازلنا نروي هذه الأرض بدماء جديدة كل يوم في سبيل تطهيرها من العدو الذي اتخذ أشكالا وأقنعة جديدة واهما أنه يمكنه أن يكسر اليد التي تحمل السلاح دفاعا عن الأرض والعرض ويدنس شرف مصر ولكنه لم يتعلم دروس التاريخ التي أخبرتنا أن مصر مقبرة الغزاة.
ومن نصر إلي نصر قرر كل المصريين أن يرفعوا الملايين من الأعلام المصرية في كل دول العالم أثناء مساندتهم للمنتخب المصري في مباراته الصعبة أمام الكونغو التي كانت ستحسم تحقيق حلم جديد طال انتظاره. وأنا علي يقين أنه كان بيننا من لا يعرف شيئا عن كرة القدم ورغم ذلك وقف الجميع علي قلب رجل واحد كي نحقق حلما.. من المؤكد أنها جينات مصرية وإرث ورثناه عن آبائنا وأجدادنا في الماضي الذين ما اجتمعوا علي قلب رجل واحد إلا وصنعوا المستحيل وحققوا المعجزات. وهو الدرس الذي يجب أن نعلمه بدورنا لأبنائنا وأحفادنا ونحن نعدهم لمواجهة المستقبل الذي قد يتغير فيه كل شيء إلا حب هذه الأرض وهذا الوطن. فستبقي انتصارات أكتوبر الخالدة وسيظل العالم يحكي طويلا عن بطولات هذه الحرب كما يحكي عن بطولات المصريين في كل المجالات. وسنظل رغم كل ما نراه من سلبيات وما نجده من لامبالاة للبعض في كثير من الأحيان قادرين علي صنع المعجزات فقط إذا امتلكنا الإرادة والإيمان بقدراتنا وكنا علي يقين أن مصر تستحق منا أن نبذل ما في وسعنا لنرفع رايتها عاليا في كل مكان.. ولنتذكر جميعا أن هدف الفوز جاء بعد لحظة انكسار لنعرف قيمة الفوز وأن مصرنا عظيمة وستبقي كذلك لأن الله قد كرمها في القرآن الكريم. فكيف لأحد أن يغير إرادة الخالق؟