صلاح الحفناوى
محمد سلطان وكارثة البرلمان
الإرهابي محمد سلطان كشف المستور.. فقد أثبت أن مزدوجي الجنسية ليسوا كلهم مجدي يعقوب أو أحمد زويل أو فاروق الباز.. وأن السماح بانتخاب مزدوجي الجنسية في البرلمان القادم قد يعني كارثة أمنية.. فنائب البرلمان من حقه أن يحصل علي عضوية لجنة الأمن القومي التي تناقش أمورا شديدة الخطورة وأحيانا علي قدر كبير من السرية.
مثلا.. أذكر عندما كنت محررا برلمانيا في النصف الثاني من عقد السبعينيات أنني حضرت اجتماعات لجنة الأمن القومي عندما كانت تناقش الجوانب العسكرية لاتفاقية كامب ديفيد.. بحضور المشير محمد عبدالغني الجمسي رئيس الأركان وقتها وكانت المناقشات تتناول أمورا شديدة الحساسية.. فهل نتصور نائبا يحمل الجنسية الامريكية.. يناقش أمورا حول المواجهة دقائق المواجهة مع إسرائيل مثلا؟
النائب في البرلمان من حقه أن يطلع علي كل المعلومات التي يريدها.. ومنها معلومات اقتصادية واجتماعية وسياسية شديدة الحساسية وربما السرية.. من حقه أن يعرف ما لا يسمح للمواطن العادي بمعرفته.. أو ما لا يتاح للمواطن العادي معرفته.. فهل لو كان النائب من نوعية محمد سلطان سيكون أمينا علي ما يعرف من أسرار؟
محمد سلطان أجاب علي السؤال.. ليس فقط لأنه تنازل عن الجنسية المصرية بعد ادانته في جرائم التعذيب والإرهاب التي شهدتها غرف التعذيب في اعتصام رابعة المخزي.. ولكن لأنه قدم عرضا في اظهار الولاء لوطنه الحقيقي أمريكا.
سلطان قبل أرض مطار أمريكا.. أعلن أنه يعشق العلم الأمريكي رغم أننا لم نره ولو مرة واحدة يرفع علم مصر.. أعلن أنه سيحارب مصر ونظامها من وطنه الأمريكي متحالفا مع العم سام ومع حلفاء إسرائيل.. فهل هناك بعد ذلك مجال لتساؤل؟
محمد سلطان الإرهابي ابن الإرهابي ليس نموذجا فريدا يستطيع أي شخص علي أن يجزم بانه لن يتكرر.. وما زلنا لم ننس الصحفي الكندي من اصل مصري الذي ضبط في خلية ماريوت التابعة لقناة دويلة قطر العميلة.. والذي تنازل عن جنسيته المصرية ايضا من اجل الافلات من حكم الادانة.. فكيف نسمح بحصول مزدوج الجنسية علي عضوية البرلمان؟
يا سادة الشك يجب ان يفسر لصالح الوطن.. نعم هناك من يخون الوطن دون ان يحمل جنسية اخري غير جنسيته.. وهناك مزدوج الجنسية الذي يخدم الوطن ويعشقه أكثر بكثير ممن يعيشون علي ارضه ولا يحملون غير جنسيته.. ولكن هذه ليست القاعدة العامة التي تستحق ان نحميها بنص دستوري.
والحديث عن الدستور يقودنا إلي حالة تناقض عبثية لا نفهم مغزاها ولا معناها وكلها تؤدي إلي نتيجة واحدة: انتظروا برلمانا كارثيا ربما يؤدي لا قدر الله إلي فوضي عارمة.
فالدستور علي سبيل المثال ينص صراحة علي عدم السماح بالأحزاب الدينية.. وهو ما يعني ضرورة حل كل الاحزاب التي تقوم علي اساس ديني وفي مقدمتها بالتأكيد حزب النور الذي يقترن اسمه بوصف السلفي والذي نعلم جميعا انه حزب ديني سلفي لا ننكر دوره الوطني ولكن لا يجب ان نسمح له بدخول الانتخابات البرلمانية بمسماه وبرنامجه وقياداته الدينية باعتبار أن ذلك مخالف للدستور.. والواقع يقول إن هناك 10 أحزاب دينية علي الاقل لا تزال قائمة وتستعد لخوض الانتخابات البرلمانية.. بل واجزم انها ستحصد الاغلبية.. متحدية الدستور المعيب الذي وافقنا عليه حتي لا يختل البرنامج الزمني لخارطة المستقبل.. فيما نتمسك بالدستور في النص الذي يسمح بدخول مزدوجي الجنسية الانتخابات.. لنجد انفسنا امام تطبيق انتقائي لمواد الدستور بمعني الاصرار علي بعضها وتجاهل البعض الاخر.
الإرهابي محمد سلطان كشف المستور ووضعنا امام حقيقة لا يجب تجاهلها.. السماح لمزدوجي الجنسية بدخول البرلمان لن يكون قرارا صائبا.. ومصلحة الوطن مقدمة علي كل ما عداها.. محمد سلطان أكد أهمية التعامل بجدية مع كل المواد المعيبة في الدستور.. قبل ان نجد انفسنا في مواجهة مأزق ربما لن نستطيع تجاوز تبعاته.