الجمهورية
على هاشم
ليكن اسمها "30 يونيو"
أتفق مع من ينادون بإطلاق اسم جديد علي العاصمة الإدارية.. وأقترح أن يكون "مدينة 30 يونيو " تعبيرًا عن إرادة شعب خرجت ملايينه إلي الشوارع رفضًا لحكم جماعة الإخوان وللمخطط الغربي الهادف إلي تقسيم مصر. وتفتيت دول المنطقة. ذلك أن التعبير عن الإرادة الشعبية يجعل هذا الحدث المهم ماثلاً في أذهان الجماهير طيلة الوقت . فلا تنسي ما كانت فيه ولا ما أصبحت عليه . ولا ما كانت توشك أن تقع فيه من احتراب أهلي لولا انحياز الجيش بقيادة المشير السيسي لإرادة هذا الشعب.
مدينة 30 يونيو المرجوة ستبقي- إذا ما استجابت الدولة لتغيير المسمي- تجسيدًا حيًا لكفاح الشعب وصلابة جيشه. وشاهدًا علي تلاحمهما في سيمفونية وطنية عزَّ أن تجد مثيلاً لها في دول العالم أجمع .
وأيا ما تكن آراء المعارضين لإنشاء عاصمة إدارية جديدة . فإنها صارت واقعًا أعطي الرئيس السيسي "صاحب فكرتها" إشارة البدء في تنفيذها حتي قاربت مرحلتها الأولي علي الانتهاء فوق مساحة 40 ألف فدان تليها مرحلتان أخريان علي مساحة 184 ألف فدان تنتهيان في الأجل القريب.
المدينة الجديدة ـ أياما يكن اسمها- تزيد مساحتها عن مدينة القاهرة البالغة 95 ألف فدان الأمر الذي يعني أنها تفوق مساحة دولة سنغافورة ودول كثيرة غيرها.. ورغم ضخامة هذا العمل فقد نال الرئيس السيسي بسببه نقدًا وصل إلي حد الهجوم من جانب شرذمة دأبت علي رفض كل إنجاز وطمس كل نجاح . وصار جل همها الهدم ونشر الإحباط والشائعات المسيئة لمصر وهي شرذمة تضم عناصر في الداخل تتناغم مع عناصر أخري في الخارج وتجمعهما وجهة واحدة هي الهجوم علي مصر .. وكانت العاصمة الإدارية أحد أكثر المشروعات استهدافًا بالنقد الذي بلغ أحيانًا حد التسفيه والتطاول منذ أن كانت فكرة حتي صارت حقيقة تراها الأعين فوق الأرض. وينسي هؤلاء أن القاهرة العريقة تشبعت بالبشر حتي ضاقت بهم وانسدت شرايينها وأصبحت معوقًا لحركة الحياة وشاخت مرافقها وأحاطت بها العشوائيات من كل جانب وهو حال معظم مدننا للأسف نتيجة غياب التخطيط العمراني المستقبلي وعجزه عن استيعاب زيادة البشر الذين يغزون القاهرة كل يوم من كل اتجاه. ناهيك عن سكانها الذين ازدادوا بصورة تفوق قدرة مرافقها علي الاحتمال .. ولعل الأجيال القادمة حين تطالع هذا الصرح الكبير ستذكر كيف كان يفكر رئيس مصر وقتها في مستقبلهم بعد الزحف العمراني وتآكل الأراضي الزراعية وتدهور حالة الطرق والمرافق . وظهور فجوة وصلت لنحو مليون وحدة سكنية وربما أكثر جراء الانفجار السكاني في مقابل ضعف الإمكانيات وعدم بناء وحدات جديدة تقابل الزيادة السكانية المتجددة بمعدل قارب مليوناً ونصف المليون نسمة سنويًا . وربما يتراجع عن موقفهم هؤلاء الذين وجهوا سهام نقدهم للعاصمة الإدارية بعد أن يروها واقعًا يسهم في امتصاص الزيادة السكانية ويقضي علي كابوس الاختناق الذي يداهم القاهرة كل لحظة . ناهيك عما تضيفه المدينة الجديدة من بعد حضاري وعمراني وتاريخي سوف يرد عليهم بالإنجازات وليس بالتصورات والأحلام رغم تفهم وجهة نظر البعض الذين يرون أن الأولوية كان ينبغي أن تتجه لتشغيل المصانع المتوقفة أو إصلاح التعليم المتدهور أو الصحة المعتلة جراء إهمالها عقودًا بلا تصحيح .. لكن ماذا يمنع أن يتوازي بناء العاصمة الجديدة مع إصلاح هذه الملفات المهمة قطعًا. خصوصًا أن الحكومة تدرك ذلك جيدًا وقد بدأت فعلاً في طرق هذه القضايا ووضعها علي طريق التنفيذ .
إن العاصمة الإدارية الجديدة مشروع عملاق تحققت أولي مراحله في زمن قياسي . وفيه فوائد عديدة . حيث إنه يوفر نحو 2.5 مليون فرصة عمل عبر الشركات المنفذة للمشروع . وهي مدينة عصرية تفوق كثيرًا ما بنته الأنظمة السابقة من مدن بدأت بتخطيط جيد وانتهت إلي العشوائية والترهل . فمدينة الشروق مثلاً والتي كنا نأمل أن تكون حلاً لمشاكل القاهرة المزمنة. تفتقد أهم عناصر الحيوية والجذب . فلا تربطها مواصلات سريعة بما حولها . وهو ما تداركه الرئيس السيسي في العاصمة الجديدة . فتم التعاقد علي تنفيذ مشروع القطار السريع لربطها بالقاهرة وصولاً إلي شبكة مترو الأنفاق . مرورًا بمدن جديدة مثل بدر والمستقبل والشروق والعبور والعاشر من رمضان وغيرها .. كما روعي في إنشاء مرافقها أن تكون موافقة لأحدث المواصفات العالمية وصديقة للبيئة حتي لا نقع مجددًا في شراك الزحام والتلوث وترهل المرافق . فنجد عشوائية تتجدد بالحفر ثم الردم ثم إعادة الحفر والرصف وإهدار المال العام . كما تتسع العاصمة الجديدة لقطاعات عديدة . سكنية لمختلف الفئات . وحكومية وترفيهية . ناهيك عن إنشاء مدينة للفنون . وأخري للعدالة وثالثة للرياضة . لنقدم للعالم نموذجًا حضاريًا وإنسانيًا وتنمويًا شاملاً يضمن حياة كريمة للسكان . وعدالة اجتماعية وخدمات راقية ..وحسنًا فعل الرئيس السيسي حين طالب بتوفير وسائل نقل جماعية و مساحات خضراء كافية ومناطق ترفيهية وخدمات متطورة لسكان المدن الجديدة وهي المقومات التي لو توفرت في المدن القائمة حاليًا ما كنا عانينا الاختناق والزحام والتلوث والعشوائية التي زحفت إلي كل شيء في حياتنا . حتي انصرف الناس عن العيش فيها نظرًا لبعد المسافة عن أماكن عملهم وغياب الموصلات المناسبة والآمنة .
العاصمة الجديدة إنجاز مهم نرجو أن يكتمل علي خير حتي يستوعب 6.5 مليون نسمة من كل فئات الشعب. ويمتص زحام القاهرة التاريخية وييسر حياة البشر القاصدين وزارات الحكومة وأجهزتها المختلفة .. ونأمل أن تشهد السنوات المقبلة إنجازات مماثلة في التعليم والصحة والزراعة والصناعة .. فمن غير الإنتاج بأيدينا فسوف يظل اقتصادنا متعبًا وأيادينا مغلولة.. تنمية البشر والحجر ضرورة لا غني عنها لبناء مصر التي نحلم بها جميعًا .
*************
شرف اليونسكو .. والتمثيلية المكشوفة !
وضعت معركة انتخابات اليونسكو أوزارها بفوز مرشحة فرنسا أودري أزولاي برئاسة المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم .. وخروج العرب صفر اليدين بعد أن دست قطر أنفها في السباق نحو رئاسة اليونسكو. وتوظيفها للمال لشراء الأصوات. في محاولة بائسة لشراء المناصب الثقافية بأي ثمن وهو ما وثقته إحدي المنظمات الدولية في غياب واضح لمعايير النزاهة والشفافية والقيم.
ولم يكن غريباً انسحاب أمريكا وربيبتها إسرائيل من اليونسكو أثناء المعركة الانتخابية في محاولة مكشوفة لإضعاف تلك المنظمة الدولية وكسب الأصوات لصالح أزولاي اليهودية من أصل مغربي. الفرنسية الجنسية في موقف ممجوج لا يعكس فقط مخاوف واشنطن من تزايد الديون علي اليونسكو ولا حاجتها الشديدة إلي إصلاحات جذرية كما قال بيان خارجيتها. بقدر ما يعكس بصورة أوضح تخوفات أمريكا وإسرائيل من استمرار اليونسكو في مناصرة الحقوق العربية وخاصة الحق الفلسطيني فسجل المنظمة حافل بالشرف في السنوات الأخيرة منذ قررت قبول فلسطين عضوا كاملاً فيها عام 2011 فضلاً علي إدراج مدينة الخليل بالضفة الغربية علي لائحة التراث العالمي مع ما يترتب علي ذلك من آثار إيجابية لصالح قضية فلسطين. واعتبار إسرائيل محتلة للقدس واعتبار المسجد الأقصي تراثُا إسلاميًا خالصًا الأمر الذي قضي علي مزاعم اليهود ومحاولاتهم المستميتة لهدم الأقصي وبناء الهيكل المزعوم .
ولم يكن الانسحاب هو الموقف المخزي الوحيد لأمريكا تجاه اليونسكو حيث إنه سبق لواشنطن أن ألغت مساهمتها المالية الكبيرة في المنظمة الدولية احتجاجًا علي قرار منح فلسطين العضوية الكاملة فيها .. الأمر الذي يعني أننا إزاء محاولات أمريكية إسرائيلية لتقويض اليونسكو ووقف مساندتها للقضايا العربية في المحافل الدولية . ناهيك عما حدث من خيانة بعض الدول العربية والإفريقية لمصر في الانتخابات الأخيرة علي مقعد رئاسة اليونسكو . حيث تنصلت تلك الدولة من اتفاقها مع القاهرةالأمر الذي أدي إلي تفتيت الأصوات بعد حصول مرشح قطر علي 28 صوتًا . ما يعني أن ثمة 28 دولة لا تري غضاضة فيما يفعله نظام الدوحة من دعم وتمويل ونشر للإرهاب . وجاءت الانتخابات بمثابة تمثيلية لعبت أمريكا وإسرائيل ودول عظمي أخري دورًا بارزًا فيها لذهاب المقعد للمرشحة الفرنسية . وجاء انسحاب الدولتين كمناورة خبيثة لإبعاد الأنظار عن أي مرشح عربي حتي يظل الطريق مفتوحًا أمام سيطرة الغرب علي تلك المنظمة الدولية .
بقي أن نعلم أن أودري أزولاي المدير العام الجديد لليونسكو هي ابنة الفرنسي أندريه أزولاي ذي الجذور المغربية. يهودي الديانة. خبير البنوك والأعمال مستشار ملك المغرب ومستشار الحكومة الإسرائيلية .. أما الابنة أودري فقد تولت وزارة الثقافة في عهد الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند . ثم عملت بعدها مستشارة ثقافية للرئيس الحالي ماكرون الذي صحبها في كل جولاته الخارجية لدعمها في انتخابات اليونسكو .. ولا يخفي أن أودري تدخلت عدة مرات لدي القنوات الفرنسية لإذاعة أفلام وثائقية تدعم وجهة نظر الصهيونية تجاه القدس وقد ظهر تأثيرها المباشر في تصريحات رئيسها ماكرون الذي قال إن معاداة الصهيونية هي في الأصل معاداة للسامية واليهودية . وهو ما يتوافق بشدة مع موقف اليمين الإسرائيلي المتطرف .. أرأيتم إلي أين وصل الخلط والتشويه المتعمد للحقائق .. والسؤال : إذا كان ذلك هو الموقف المبدئي لأزولاي فكيف سيكون قرارها بعد رئاستها لليونسكو .. ؟!
الحقائق تؤكد أننا ذاهبون إلي طريق وعر غير مبشر للعرب الذين لم يكونوا في حاجة لرئاسة اليونسكو بمثل ما هم اليوم ..ولولا الفرقة والتشرذم وتسييس المواقف والخيانة لكسبنا هذه المعركة بشرف واقتدار..وهو ما سوف يدفع الجميع ثمنه باهظاً..الدروس المستفادة من معركة اليونسكو كثيرة ينبغي للعرب أن يعيدوا النظر فيها ..وإلا فالقادم أسوأ بكثير مما تظنون.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف