الدستور
كمال الهلباوى
وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ «٣-3»
لا نزال مع معانى الآية الكريمة، ويجب أن نعلم جميعًا أن كل عصر يجد فى هذه الآية شيئًا جديدًا، وهذا لا نراه إلا فى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.. ففى تفسير الطبرى نقرأ معنى قوله تعالى: «وما قدروا الله حق قدره» يقول تعالى ذكره: وما عظم الله حق عظمته، هؤلاء المشركون بالله، الذين يدعونك إلى عبادة الأوثان. وبنحو الذى قلنا فى ذلك قال أهل التأويل.
وعن ابن عباس قوله: «وما قدروا الله حق قدره» قال: هم الكفار الذين لم يؤمنوا بقدرة الله عليهم، فمن آمن أن الله على كل شىء قدير، فقد قدر الله حق قدره، ومن لم يؤمن بذلك، فلم يقدر الله حق قدره.. عن السدى «وما قدروا الله حق قدره» ما عظموا الله حق عظمته.
وقوله: «والأرضُ جميعًا قبضته يوم القيامة» يقول تعالى ذكره: والأرض كلها قبضته فى يوم القيامة «والسماوات» كلها «مطويات بيمينه» فالخبر عن الأرض متناه عند قوله: يوم القيامة، والأرض مرفوعة بقوله «قبضته»، ثم استأنف الخبر عن السماوات، فقال: «والسماوات مطويات بيمينه»، وهى مرفوعة بمطويات.
وروى عن ابن عباس وجماعة غيره أنهم كانوا يقولون: الأرض والسماوات جميعًا فى يمينه يوم القيامة.. وعن ابن عباس. قوله: «والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة» يقول: قد قبض الأرضين والسماوات جميعًا بيمينه. ألم تسمع أنه قال: «مطويات بيمينه» يعنى: الأرض والسماوات بيمينه جميعًا، قال ابن عباس: وإنما يستعين بشماله المشغولة بيمينه.
وعن ابن عباس قال: ما السماوات السبع، والأرضون السبع فى يد الله إلا كخردلة فى يد أحدكم. وعن ربيعة الجرسى قال: «والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه» قال: ويده الأخرى خلو ليس فيها شىء.. وعن الحسن، فى قوله: «والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة» قال: كأنها جوزة بقضها وقضيضها.
حدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول فى قوله: «والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة» يقول: السماوات والأرض مطويات بيمينه جميعًا.
وكان ابن عباس يقول: إنما يستعين بشماله المشغولة بيمينه، وإنما الأرضُ والسماوات كلها بيمينه، وليس فى شماله شىء.
وعن عبدالله بن عمر، أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر يخطب الناس، فمر بهذه الآية: «وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة» فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يأخذ السماوات والأرضين السبع فيجعلها فى كفه، ثم يقول بهما كما يقول الغلام بالكرة: أنا الله الواحد، أنا الله العزيز» حتى لقد رأينا المنبر وإنه ليكاد يسقط به.
وعن عبدالله قال: جاء يهودى إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد إن الله يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يقول: أنا الملك، قال: فضحك النبى - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه وقال: «وما قدروا الله حق قدره».
وعن عبيدة عن عبدالله قال: فضحك النبى - صلى الله عليه وسلم - تعجبًا وتصديقًا..وعن علقمة، عن عبدالله بن مسعود قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين جاءه حبر من أحبار اليهود، فجلس إليه، فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -: « حدثنا، قال: إن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة، جعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع، والماء والشجر على إصبع، وجميع الخلائق على إصبع ثم يهزهن ثم يقول: أنا الملك، قال: فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه تصديقًا لما قال، ثم قرأ هذه الآية: «وما قدروا الله حق قدره».
وعن ابن عباس قال: مر يهودى بالنبى - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس، فقال: «يا يهودى حدثنا»، فقال: كيف تقول يا أبا القاسم يوم يجعل الله السماء على ذه، والأرض على ذه، والجبال على ذه، وسائر الخلق على ذه، فأنزل الله «وما قدروا الله حق قدره».
وعن عبدالله قال: « أتى النبى - صلى الله عليه وسلم - رجل من أهل الكتاب، فقال: يا أبا القاسم أبلغك أن الله يحمل الخلائق على إصبع، والسماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والثرى على إصبع ؟ قال فضحك النبى - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه، فأنزل الله «وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعًا قبضته».. إلى آخر الآية. وقال آخرون: بل السماوات فى يمينه، والأرضون فى شماله.
وعن عبيدالله بن مقسم، أنه سمع عبدالله بن عمر يقول: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر يقول: «يأخذ الجبار سمواته وأرضه بيديه « وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه، وجعل يقبضهما ويبسطهما، قال: ثم يقول: «أنا الرحمن أنا الملك، أين الجبارون، أين المتكبرون»، وتمايل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن يمينه، وعن شماله، حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شىء منه، حتى إنى لأقول: أساقط هو برسول الله - صلى الله عليه وسلم»؟
وللحديث صلة.. وبالله التوفيق.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف