الجمهورية
د. محمد مختار جمعة
مؤتمر الأفتاء
لم تعد المؤتمرات نزهة. إنما هي عمل جاد ودءوب وله أهدافه وأبعاده ومراميه. فلا شك أن إقامة المؤتمرات العلمية تحقق أهدافاً متعددة. يأتي في مقدمتها الإسهام الجاد في ترسيخ دور مصر الريادي في الحركة العلمية والثقافية والفكرية. وهو أشبه بالواجب علينا. ولاسيما في القضايا الدينية التي تحمل مصر لواء الوسطية والاعتدال فيها بشهادة القاصي والداني. هذا الدور الريادي أخذ يترسخ وبقوة بريادة الأزهر الشريف وتاريخها العريق. وأوقافها وإفتائها. وبخاصة في الآونة الأخيرة في إطار عملية التجديد والتصويب وتصحيح المسار التي دعا إليها وتبناها سيادة الرئيس/ عبدالفتاح السيسي رئسي الجمهورية. ولاسيما في ضوء دور مصر الريادي في مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف علي جميع الأصعدة: العسكرية. والدينية. والثقافية. والفكرية.
اضافة إلي أن المؤتمرات العلمية سواء تلك التي يعقدها الازهر الشريف. أو وزارة الاوقاف المصرية. أو دار الافتاء. لم تعد مجرد محفل علمي ينفض بانتهاء المؤتمر. إنما هو عمل له ما بعده. إذ إننا نحرص جميعاً علي تحويل توصيات مؤتمراتنا إلي برامج عمل. وورش تدريب. وأسس حوار بيننا وبين زملائنا وشركائنا في العلم الدعوي والإفتائي في مختلف دول العالم. بتكامل وتنسيق صار موضع تقدير كثير من المتابعين لذلك علي المستوي العلمي. وأعاد مؤسساتنا الدينية المصرية إلي الريادة من جديد. في كونها قبلة القاصدين من طلاب العلم الشرعي ورجاله علي السواء. مع تمنياتنا واملنا أن تسهم توصيات مؤتمر دار الإفتاء في تحقيق رسالته. وتحقيق ما خطط له من ضبط شئون الفتوي. وتنسيق الجهود في إطار دور الامانة العامة لدور الافتاء علي المستوي العالمي. والتي تشرف مصر برئاستها ممثلة في فضيلة المفتي أ.د/ شوقي علام. وباستضافة مقرها. في ظل مكانة مصر التي تعد القلب النابض للعالم الإسلامي والمؤسسات الإسلامية.
وقد اكدت في كلمتي التي ألقيتها نيابة عن السيد المهندس/ شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء علي أن أمر الفتوي جلل. ومسئوليتها عظيمة وأن انضباطها يسهم بقوة في انضباط واستقرار المجتمعات والأوطان والأمم اوتحقيق السلام العالمي. وأن اقتحام غير المتخصصين وغير المؤهلين لمجال الفتوي قد فتح علي العالم كله أبوابا من الفتن والقلاقل اضحت في حاجة ماسة إلي جهود العلماء المخلصين والمؤسسات الدينية الوسطية لمعالجتها. وكشف زيف وزيغ الفتاوي المضللة والجماعات الإرهابية الضالة. وتعريتها دينيا وفكريا وثقافيا أمام العالم كله. وبما يؤكد أن الإرهاب لا دين له ولا وطن له. وأنه يشكل خطراً داهماً علي الإنسانية جمعاء. ويحتاج إلي تكاتف الجهود لمواجهته. ولاسيما جهود العلماء المتخصصين لتفكيك مقولات الجماعات والعصابات والكيانات الإرهابية الضالة. وكذلك مواجهة الأفكار الشاذة والمنحرفة التي تدمر المجتمعات شأن الأفكار المتطرفة سواء بسواء.
ولا شك أن تسارع وتيرة الحياة العصرية في شتي جوانبها العلمية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية يحتم علي العلماء والفقهاء إعادة النظر في كثير من القضايا الحياتية في ضوء كل هذه المستجدات.
ومما لا شك فيه ــ أيضا ــ أن الإقدام علي التجديد في القضايا الفقهية. والنظر في المستجدات العصرية المتطلبة للاجتهاد والنظر أمر ليس باليسير ويحتاج إلي جهود مضنية وبصيرة ثاقبة وعزيمة قوية لا تخشي في الحق لومة لائم. وانتم معشر العلماء والمفتين المتخصصين معقد الامل في بيان وجه الحق دون إفراط أو تفريط أو تردد.
كما يطيب لي ان أحيي فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر في توصيته بإنشاء أقسام للفتوي من السنة الأولي بكليات الشريعة. علي ان يختار له الطلاب النابهون المتميزون. وتوضع لهم البرامج المتميزة المؤهلة لتخريج مفتين متخصصين شديدي التميز. وهو الأمر الذي نأمل أن يدخل حيز التنفيذ في جامعة الأزهر الشريف بداية من العام الدراسي المقبل 2018/2019م لنؤهل جيلاً عظيماً في مجال الإفتاء من جهة. ونحكم إغلاق المنافذ علي غير المؤهلين وغير المتخصصين من جهة أخري. فتحية لمؤتمر الإفتاء ودار الإفتاء علي جهودها المتميزة في هذا المؤتمر. وتحية لفضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر علي توصيته الدقيقة المتميزة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف