كانت كلمة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في مؤتمر "الفتوي واستقرار المجتمعات بمثابة الضوء الكاشف للأسباب التي انتهت بنا إلي هذه الحالة الغريبة من جرأة علي الإفتاء بغير علم بل تسويق غير المتعلمين وتقديمهم في جميع وسائل الإعلام ينفثون جهلهم ثم يتم التعامل مع هذا الجهل علي أنه الدين لتبدأ موجة من الهجوم والجدل والنقد.. ليس هذا فقط. وإنما كما قال الإمام في كلمته.. أصبح من المعتاد اقتطاع عبارات الفقهاء من سياقاتها ومجالاتها الدلالية لتبدو شاذة منكرة ينبوا عنها السمع والذوق قبل أن تبث في حلقات نقاشية تلصق من خلالها بشريعة الإسلام وأحكام فقه المسلمين عبر حوار ملؤه السفسطة والأغاليط والتشويش والخطأ في المعرفة والعجز عن إدراك الفروق بين توصيف الفعل في ذاته والآثار الشرعية المترتبة عليه.
كان الإمام في كلمته يواجه العالم كله بسوءاته وليس العالم الإسلامي أو العالم العربي أو العلماء المشاركين في المؤتمر. كما كان يضع يده علي أس البلاء وأصله وليس علي أعراضه وتداعياته التي يضج بها الناس جميعاً. لذلك أراد الإمام وهو يقول: "ليس من الصدفة البحتة أن يتزامن في بضع سنوات فقط تدمير دول عربية وإسلامية بأكملها مع دعوات مريبة تظهر علي استحياء بادئ الأمر تنادي بضرورة تحطيم هيبة الكبير واحترامه وتنظر إلي هذا التقليد الذي نفخر بتنشئة أبنائنا عليه نظرة احتقار بحسبانه سلوكاً لم يعد له مكان في ثقافة الفوضي الحديث مع خطة مريبة لتحطيم تراث المسلمين والسخرية من أئمته وأعلامه وفي سعار جامح يعكس حجم المؤامرة علي حضارة الإسلام والذي يتزامن مع هجوم مبرمج علي الأزهر".. أراد الإمام أن يقول: إن الأمر أكبر من تنظيم الإفتاء ووضع ضوابط وقوانين لكن أس البلاء أكبر مما يتحدث به العلماء في أعراض المرض.. ولا يعني ذلك أن تنظيم الإفتاء ووضع الضوابط لمن يفتي ومحاسبة من يخالف هذا ليس مهماً وإنما ستظل المشكلة ما دام سببها الحقيقي موجوداً.
إذن الأمر أكبر بكثير مما نراه في فضائياتنا من غرائب لأنه سلوك عالمي وليس سقطة عالم أو جرأة جاهل بقدر ما هو أمر منظم ومرتب.
لم يقل الإمام ما قال دون أن يرصد نماذج من أحداث إذا ما تم الربط بينها أدركنا حجم المؤامرة فيقول: إن الهجوم علي الحضارة الإسلامية والأزهر تزامن أيضاً مع المطالبات الجماعية بإباحة الشذوذ باعتباره حقاً من حقوق الإنسان.. كما تزامن مع دعوات وجود مساواة المرأة بالرجل في الميراث وزواج المسلمة بغير المسلم وهو فصل جديد من فصول اتفاقية السيداو "وإزالة أي تمييز للرجل عن المرأة يراد للعرب والمسلمين الآن أن يلتزموا به ويلغوا تحفظاتهم عليهم".