المساء
أحمد عمر
نظرية البقالين
نحترم البقال المتفاني في خدمة زبائنه المحدودين من سكان العمارة.. حتي انه لا يفكر في توسيع مشروعه بعيدا عنهم فقد ارتاح إليهم وارتاحوا إليه.
المشكلة حينما تتبني الحكومة نظرية البقال في اختيار المشروعات.. المثال في أسيوط حيث أزمة إسكان خانقة وصلت حد ان سعر متر الأراضي تجاوز الـ 120 ألف جنيه والشقة الواحدة تقدر بالملايين بينما صيدلية مساحتها 100 متر بيعت بمبلغ 17 مليون جنيه!
أسيوط ليست مجرد محافظة طاردة للسكان.. لكن إذا شئنا الدقة فإن سكانها مطرودون مجبورون علي الهجرة قسرا إلي القاهرة والمناطق الساحلية تحت ضغط احتياجات السكني والعمل ولقمة العيش.. انها مجرد مثال صارخ للكثير من مناطق الصعيد والدلتا.
الأزمة ظاهرة وتتزايد كل يوم رغم سقوط آلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية تحت زحف المباني العشوائية ضحية الحاجة الإنسانية الملحة للسكني.. رغم ان الحل بسيط ومربح في نفس الوقت.. مجرد إنشاء طريق صغير لكنه محور استراتيجي هام يفتح آفاقا لا نهائية للتوسع العمراني أعلي الهضبة الغربية المتاخمة لعاصمة الصعيد.. ويجذب استثمارات بالمليارات محلية ووطنية بل وأجنبية عرضتها شركة كويتية قبل سنوات.. لكن الحكومة - مع احترامنا لجهود عمنا المهندس ابراهيم محلب - واقعة في فخ المستشارين ومصرة علي تطبيق نظرية البقالين.. وتؤكد تنفيذ المشروع بدعوي حماية الاستثمارات القائمة في مدينة أسيوط الجديدة؟! التي أقيمت منذ 15 عاما في تخوم الصحراء الشرقية وعلي مقربة منها منطقة صناعية تتنامي وطريق يربط أسيوط بساحل البحر الأحمر وبها أرض لجامعة أهلية وأخري لتوسعات تابعة لجامعة أسيوط.. وتقيم الحكومة بها حاليا 7600 وحدة اسكان اجتماعي باستثمارات حوالي المليار جنيه.
تري حكومتنا ان تنفيذ مشروع محور الهضبة الغربية هو حكم بالاعدام علي ما تم استثماره من أموال عامة وخاصة تقدر بأكثر من 10 مليارات جنيه واتخذت قرارا صامتا بأنه لا تنفيذ لمشروع الهضبة الا بعد استنفاذ أسيوط الجديدة! رغم الفشل الواضح لفكرة الادارة بالأزمات وافتقادها للبعد الأخلاقي باجبار الناس علي الهجرة في اتجاه معين ثبت فشله لأن الهجرة تجري فعلا لكن في اتجاهات أخري غير تلك المفترضة كالزحف علي الأراضي الزراعية أو إقامة عشوائيات جديدة حول القاهرة.. ثم ان الاستثمارات المنتظر ان يجذبها المشروع الجديد كفيلة بأحداث رواج اقتصادي للمحافظة كلها وان يضع المحور المروري الجديد المدينتين الجديدة والقديمة علي طريق دولي يمتد من شمال السودان حتي سواحل البحر الأحمر.. لكن حتي الآن نجح المستشارون في فرض نظرية "البقالين" علينا وعلي الحكومة.. ومع ما هو معروف من تربح البعض من الأزمات فإن سوء النية وارد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف