الجمهورية
صلاح الحفناوى
التربية والتعليم.. و"تابلت" فارسكور!
ذاكرتي لا تحتفظ بأي دولة في العالم الغت الكتاب المدرسي الورقي تماما من نظامها التعليمي.. ولكن بما انني لست خبيرا عالميا كخبراء التربية والتعليم ولا وزيرا مجددا مطورا ملهما.. فسوف افترض أن هناك دولا الغت بالفعل الكتاب المدرسي تماما واستبدلته ببنك المعرفة الرقمي كما قررنا أن نفعل.. فهل ظروفنا كظروف هذه الدول.. وهل حالنا كحالها؟.
وقبل أن نناقش هذا قرار الغاء الكتاب المدرسي الورقي.. ومن باب التسلية التي نأخذ بها في سلسلة هذه المقالات عن حال التربية والتعليم.. نتوقف امام قصة طريفة بطلتها مدرسة فارسكور الثانوية.. تقول القصة أن محكمة فارسكور قضت بحبس 25 طالبا بالمدرسة شهرين لكل منهم وغرامة 200 جنيه.. في قضية جنحة التبديد التي أقامها مدير المدرسة بسبب عدم قيام الطلاب "المجرمين" برد أجهزة التابلت التي تسلموها من المدرسة.. رغم أن الجهاز عندما وزع علي الطلاب كان مرفقا بمنشور يفيد بأن الجهاز مهدي من الوزير لأبنائه.. والمفروض أن الهدية لا ترد.
وبعيدا عن ثمن الجهاز أو كونه مهدي من الوزير لأبنائه.. نتأمل تعليق أولياء امور هؤلاء الطلاب علي الحكم بأن الجهاز معرض للتلف أو السرقة.. فهل المطلوب من ولي أمر الطالب شراء جهاز بديل.. وماذا يفعل لو لم يكن يملك ثمن الشراء.
تنقلنا الوقائع إلي قرية "خربتها" غير الموجودة علي الخريطة.. مع الاعتذار للزعيم عادل إمام.. ففي هذه القرية الفقيرة لا تملك معظم الأسر أجهزة كمبيوتر.. وأجهزة التابلت التي ستوزعها الوزارة علي الطلاب معرضة للتلف أو السرقة شأنها شأن أي جهاز أخر.. فكيف سيذاكر هؤلاء الطلاب دروسهم وماذا يفعل الطالب اذا ما فوجئ بعطل في جهازه.. هل سيتوقف عن الدراسة حتي يقضي الله أمرا كان مفعولا أم ان الوزراة ستكون مستعدة لاعطاء كل طالب يتلف جهازه جهازا بديلا.
قرية "خربتها" يوجد مثلها آلاف القري النائية في مصر.. حيث لا أجهزة كمبيوتر في البيوت تمكنهم من الدخول علي بنك المناهج الرقمية.. وحيث أجهزة التابلت البديلة للكتاب المدرسي معرضة للتلف أو السرقة.
وزارة التربية والتعليم قررت الغاء الكتاب المدرسي الورقي واستبداله بأجهزة تابلت وبنك معلومات رقمي.. دون أن تخبرنا هل سيحصل الطالب علي جهاز تابلت جديد مع كل عام دراسي أم أن الجهاز المهدي من الوزير لأبنائه سوف يستمر مع الطالب طوال سنوات الدراسة.. أي عدة سنوات؟.. وهل يضمن الوزير أن الأجهزة لن تتلف أو تتعطل خلال مدة الاستخدام الطويلة.. وهل ستتولي الوزارة تعويض كل طالب عن اي جهاز يتلف أو يسرق؟.
لست أفهم جدوي بدء خطة التطوير بإلغاء الكتاب المدرسي الورقي.. ولا جدواه في الرقي بالتعليم في دولة يعيش فيها الملايين تحت خط الفقر ولا يملكون رفاهية اقتناء أجهزة كمبيوتر ولا يملكون ضمانة أن الاجهزة المهداة لهم من معالي الوزير لن تتعطل أو تتلف ولا يملكون نفقات الصيانة أو شراء أجهزة بديلة.
كنت اتصور ان تبدأ رحلة تطوير منظومة التعليم العام في المحروسة بتنقية المناهج من الحشو.. وجعل المنهاج متناسبا مع المرحلة السنية لكل طالب.. واعادة احياء الانشطة المدرسية واعادة الاشراق لليوم المدرسي الكئيب والاهتمام بالخبرات والمهارات الحياتية التي يكتسبها الطالب خلال الدراسة.. وليس بجعل الثانوية العامة ثلاث سنوات والغاء الكتاب المدرسي الورقي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف