نبيل زكى
كلمة السر - أين المواجهة الدولية للإرهاب؟
طالما دعت مصر إلي تعاون دولي فعال لمكافحة الإرهاب، غير أن بعض الدول الكبري لا تتخذ ـ حتي الآن ـ موقفا جديا من شأنه تحقيق هذا التعاون رغم أن الإرهاب أصبح يشكل خطرا داهما علي الجنس البشري كله، ورغم أن الإرهاب أصبح ظاهرة عالمية تتطلب مواجهة دولية وتبادلا للمعلومات والخبرات ومتابعة ورصدا للتحركات وتجفيفا للاموال الداعمة للنشاط الإرهابي واستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية لإحباط هذا النشاط قبل وقوعه.
وكان المفترض أن تتوقف بعض الدول عن ممارسة هواية تغيير أنظمة الحكم التي لا تعجبها، وأن تكون الأولوية القصوي لاستئصال جذور الإرهاب، وخاصة أن رسالة التنظيمات الإرهابية وصلت إلي قلب المجتمعات الغربية، حيث شهدنا ظاهرة لافتة للنظر هي إلتحاق مواطنين من بلاد أوروبية شتي بصفوف »داعش».
يقول »رون بول» عضو الكونجرس الجمهوري سابقا والمرشح للرئاسة الأمريكية في عام ١٩٨٨، أن الولايات المتحدة نقلت أسلحة بقيمة ٢ مليار دولار إلي المسلحين في سوريا عن طريق أوروبا الشرقية، وقد أدعت واشنطن أنه تم إرسال الأسلحة إلي ما يسمي بالمعارضة »المعتدلة» ، ثم تأكد بعد ذلك أنها وصلت إلي أيدي »داعش مباشرة» ولوحظ أن جوا من الفزع سيطر علي البنتاجون إثر إعلان وزارة الدفاع الروسية رسميا أن مدينة دير الزور سوف تتحرر في غضون أسبوع واحد من سيطرة الإرهابيين. وبعدها وقعت أحداث غامض حيث لوحظ أن داعش أدخلت وحدات عسكرية موالية لأمريكا إلي مواقعها وفتحت نيرانا كثيفة من مناطق يسيطر عليها الأمريكيون وحلفاؤهم ضد قوات الحكومة السورية. ولوحظ أن قوات سوريا الديمقراطية ، التي يساندها الامريكيون ، تقدمت في اتجاه دير الزور دون أن تلقي أي مقاومة من داعش. وكشفت صور ألتقطها الروس من الجو في الفترة من ٨- ١٢ سبتمبر عن وجود عدد كبير من مركبات »هامر» المدرعة التابعة للقوات الخاصة الأمريكية في المناطق التي تخضع لداعش ! كما وقعت عدة هجمات ضد القوات الحكومية السورية من منطقة »التنف» القريبة من الحدود الاردنية والخاضعة للسيطرة الامريكية.
والمعروف أن الولايات المتحدة انشأت في سوريا ثماني قواعد عسكرية بدون أي تصريح من الحكومة السورية أو الأمم المتحدة، وأنها تقوم بمحاولات محمومة للحيلوة دون سيطرة الجيش السوري علي جميع الأراضي السورية.
والواضح حتي الآن أن الاولوية لدي الادارة الامريكية لاتزال هي تغيير الأنظمة وليس محاربة الإرهاب، بل لا مانع، أحيانا، من استخدام جماعات إرهابية كأدوات من شأنها تسهيل عملية إسقاط أنظمة حكم ومؤسسات الدولة الوطنية. ووصل الأمر إلي حد إعلان وزارة الدفاع الروسية ـ صراحة وبـشكل رسمي أن الدعم الامريكي للإرهابيين في سوريا هو »العقبة الأكبر» أمام القضاء علي تنظيم داعش.
والمؤسف أن الولايات المتحدة لم تتعلم من دروس غزوها للعراق وتدميرها للدولة الليبية وترفض كل المحاولات الروسية للتعاون بين الدولتين لمواجهة الإرهاب بل تعتبر أن موسكو هي »الخطر الأكبر والشامل» أمام الولايات المتحدة، حسب تعبير رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال جوزيف دنفورد كما أن الصين هي »الخصم الأكبر» وكذلك كوريا الشمالية وكوبا.. وحتي فنزويلا! ولا يوجد ما يشير إلي أن الإرهاب يحتل مكان الأولوية في جدول الأعمال الأمريكي! ويبدو أن مصر ـ وحدها ـ هي التي تحارب الإرهاب بالجدية الواجبة.