لم أندهش من سير مراحل انتخابات منظمة اليونسكو - ولكني أسفت أن يكون من بين المرشحين الأوائل مندوب لدولة بلا تاريخ ولا حضارة ولا ثقافة أمام دول التاريخ والحضارة والثقافة. وهذا في حد ذاته أكبر دليل علي انحدار كل القيم والمعايير الدولية وتأكيداً علي أننا نعيش الآن في عالم اقتراضي بلا وعي وفاقد للضمير وفيه المال يشتري كل شيء.
ولماذا التعجب والمجتمع الدولي قد أعطي رئاسة اللجنة القانونية الرئيسية بالأمم المتحدة لدولة لم تحترم القانون مرة واحدة علي مدي تاريخها وتضرب بكل قرارات المنظمة عرض الحائط منذ انضمامها إليها وحتي الآن ومازلت في تحديها للقانون الدولي والإنسانية.
وعلي شاكلتها صارعت قطر باستماتة وبكل الطرق المشروعة وغير المشروعة رغم أنها لا تملك من معايير الكفاءة والاستحقاق سوي محفظة من الأموال التي تجدها تطفو من تحت الأرض وكررت سيناريو كأس العالم لضمان الفوز بالمنصب كمدير عام لمنظمة الرياضة والتربية والعلوم والثقافة ولحسن الحظ أنها لم تفلح هذه المرة. وألا كيف كان لأحد أن يواجهها بدعم وتمويل الإرهاب وهي ترأس أكبر منظمة للأنشطة الإنسانية تعمل من أجل السلام.
في تصوري أن الانتخابات كانت معركة سياسية. استخدمت فيها بعض الدول كل الأسلحة القذرة ولكنها كشفت عن الوجه القبيح لبعض الدول العربية والافريقية التي كانت تبدو من حلفائها وتتغني بالأخوة والعروبة ولكنهم يطعنوننا في الخفاء وبالتالي لابد من إعادة تقييم علاقاتنا وترتيب الأوراق معهم علي نحو ما يستحقون.. وفي المقابل كان قرار دولة الصين قراراً حكيماً لا يصدر إلا من دولة عريقة ذات تراث تاريخي وثقافي وتدرك أهمية الحفاظ علي مستقبل المنظمة باعتبارها النافذة الثقافية والواجهة الحضارية لمختلف دول العالم. وسيبقي هذا الموقف محفوراً في ذاكرة الشعب المصري.
كلمة فاصلة: السفيرة مشيرة خطاب خاضت معركة شرسة حتي اليوم الأخير بشرف ونزاهة في زمن عز فيه الشرف ومصر بلد الحضارات لم تتعرض للخيانة من بعض الدول وإنما أفرطت في الثقة في بعض الجاحدين.