الدستور
اللواء- طلعت-أحمد- مسلم
إسرائيل عدو وإن بدت غير ذلك
مع حلول شهر أكتوبر تتجمع الذكريات، وإن كان أكتوبر ١٩٧٣ له طعمه الخاص، فإن باقى أيام أكتوبر كان لها مناسباتها ووقفاتها الخاصة، ولذا فقد تابعت التحركات فى هذا الشهر، وخاصة السادس من أكتوبر، ويوم القوات البحرية، وذكرى إغراق الفرقاطة إيلات، ثم عيد تحرير السويس.
ولا أنسى يوم ٢٩ أكتوبر ١٩٥٦ يوم بداية العدوان الثلاثى، وهى حرب مهمة خضناها ضد ثلاث دول، منها دولتان من الدول الكبرى، وإلى جانبها إسرائيل، وانتصرت مصر وانهزم المعتدون. وشاء الله رب العالمين أن يضيف أكتوبر ٢٠١٧ جديدا إلى أمجاد أكتوبر السابقة وهو نجاح رئيس مجلس الأمة الكويتى فى طرد مندوب إسرائيل من اجتماع رؤساء البرلمانات، احتجاجا على ما ارتكبته وترتكبه إسرائيل من جرائم فى حق الشعب الفلسطينى.
وكم كنت أتمنى أن ينال مصرى هذا الشرف، ولقد افتخرت بأننى كان لى شرف المشاركة فى صد العدوان الثلاثى على مصر، كما كان لى شرف المشاركة فى حرب الاستنزاف من عام ١٩٦٨ إلى عام ١٩٧٠، والمشاركة فى الإعداد والتخطيط لحرب أكتوبر، ثم المشاركة فى القتال فى ظروف صعبة واستثنائية.
وأخيرا فقد جاء الاحتفال بيوم القوات البحرية، ليضيف إلى مصر قوة على قوة لنتابعه ونأمل دائما أن تكون قواتنا على المستوى المطلوب.
كان يوم ٢٩ أكتوبر ١٩٥٦ بداية العدوان الثلاثى، وكنا نستعد للدفاع ضد العدوان البريطانى الفرنسى فى غرب الإسكندرية، ضمن لواء حرس وطنى، حيث كانت القوات المصرية محدودة العدد والسلاح، حينها صدرت لنا الأوامر بإيقاف التدريب والاستعداد لخوض المعركة فى منطقة القناة، ورغم قلة العدد والعدة فقد نجحت مصر فى تحقيق النصر بفرض إرادتها على العدو واستنقاذ قناة السويس من العدوان والسيطرة الأجنبية والصهيونية. ولقد تحولت القوات المصرية بعد العدوان إلى قوات مسلحة حديثة، سواء من حيث التسليح أو التنظيم أو التدريب أو النمو العددى والنوعى، كما تعددت مهامها، رغم ذلك فقد كانت جرعة التغيير كبيرة، بحيث لم تستطع أن تستوعبها قبل الحرب عام ١٩٦٧، وكانت الهزيمة التى لم يتسع الوقت لنحاول أن نسهم فى محاولة منعها. كان إغراق الفرقاطة إيلات، فى أكتوبر ١٩٦٧، علامة مهمة على أن القوات المسلحة المصرية تستعيد كفاءتها، وأن على قادة العدو الإسرائيلى ألا يتوقعوا من مصر استسلاما أو تهاونا، ولقد جرى التدريب والتسليح والتنظيم بوتيرة لم تعرف قبل ذلك ولا بعدها، كما كانت الولادة الثانية للقوات البحرية المصرية التى احتفلت بيومها منذ أيام، وإذا كان العدو لم يستوعب الدرس، فهذا كان خطأه، وكان عليه أن يدفع الثمن، وهو ما دفعه بعد ذلك بست سنين. ويعتبر احتفال القوات البحرية الأخير مهمًا بشكل خاص نتيجة لتعرض مصر لخطر الإرهاب، حيث يمكن أن يتعرض لخطوط المواصلات البحرية، كما يمكن أن يتعرض للملاحة فى البحر الأحمر والبحر المتوسط، كذا فإن اكتشاف مصادر الثروة فى المنطقة الاقتصادية لمصر فى البحر وعلى مسافات بعيدة عن الساحل يجعل مهمة القوات البحرية فى حماية مصالح مصر البحرية مهمة حيوية، خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار أن مصر تعتمد حتى الآن على استيراد كثير من احتياجاتها من الخارج، وينتظر أن يستمر هذا الوضع فترة ليست بالقصيرة، ومن ملامح تطور القوات البحرية المصرية أنها بدأت فى الاعتماد على بناء سفنها فى الترسانات البحرية المصرية، ولقد كانت فرصة لتقديم قاعدة الإسكندرية كنموذج لقواعد مصر البحرية المزمع إنشاؤها أو تطويرها. وجدير بالملاحظة أن القاعدة اشتملت على معدات التدريب اللازمة لتحقيق مستوى الكفاءة المطلوب من المستخدمين. جاء تحرك رئيس مجلس الأمة الكويتى لطرد ممثل إسرائيل على هوى المواطن المصرى الذى يشعر بخطورة إسرائيل بحسه الفطرى، كما يناسب مشاعر غالبية الشعوب العربية، لذا نجد تجاوبا كبيرا من هذه الشعوب، ولا شك أن كثيرين تذكروا ويتذكرون مواقف مصر فى مواجهة الجرائم الصهيونية، وكانوا يتمنون أن تأتى هذه الخطوة من المندوب المصرى، رئيس مجلس النواب، نظرا لما يرونه من جرائم يرتكبها الكيان الصهيونى، بداية باستمرار احتلال هضبة الجولان إلى استمرار احتلال فلسطين إلى قتل الأطفال والنساء ومنع الصيادين الفلسطينيين من الصيد وقتلهم وتدمير لنشاتهم، ثم إنهم لا يفوتهم التنبه إلى تشجيعهم الأكراد على الانفصال فى العراق، مما يؤكد أنهم أعداء رغم اتفاقيات السلام التى وقعتها مصر. كنت أتمنى أن يكون موقف مصر أكثر صراحة فى إدانة الجرائم الإسرائيلية، لكنى أدرك حساسية الموقف وتعرض مصر للإرهاب فى مواجهة العدو والإرهاب معا، والنموذج السورى واضح أمامنا، حيث التعاون قائم بين عناصر ما يسمى المعارضة المسلحة والعدو الإسرائيلى. أخيرا فقد أثبت العدو أنه ما زال عدوا، وإن بدا غير ذلك.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف