مازالت خطة الدفاع الاستراتيجي المصرية..¢تسير بخطوات ثابتة¢..بين إيهام العالم بكل ما يملك من قرون استشعار مخابراتية بأن ..¢مصر السادات¢..لا تري سوي الحل السياسي لاسترداد أرضها وكرامتها..وأن ما يفعله رئيسها وإدارته السياسية بل وجيشها من لغة دعائية حربية..هو مجرد إلهاء شعبي ومسكن لغضب الشارع المصري حتي لا يثور علي قيادته..وبين عمل جاد لا يري ولا يؤمن إلا بالعمل العسكري الحربي لاسترداد كرامة أصله التليد..عملا علميا يؤهل الجيش والشعب لحرب مخططة تضمن بإذن الله والتوكل اليقيني عليه..¢الانتصار¢...
بات اكتمال العدة والإعداد للحرب قاب قوسين أو أدني أن يكتمل..¢نسبيا بأكبر قدر ممكن¢..رغم تفوق كفة العدو الإسرائيلي في قوة سلاح الطيران ..والدعم الأمريكي سياسيا وعسكريا ..وشبه حياد الدعم السوفيتي لمصر حتي منتصف عام 1973 ..وصار علي الرئيس محمد أنور السادات¢..وضع آخر المكملات المهمة جدا تخطيطيا ..ثم تحديد موعد بدءالحرب.. ثم التوافق عليه مع شريكه الإقليمي السوري في تلك الحرب المصيرية ..¢الرئيس حافظ الأسد¢..ثم لا يبقي بعد ذلك سوي..¢إصدار التوجيه الحربي الاستراتيجي المصادق عليه لوزير الحربية¢..ثم آخر شيء وهو..¢إصدار أمر القتال كتابيا ومصادقاً عليه¢...
مازلت أذكر .. حينما كنا بمدرسة المخابرات ونحن ضباط ندرس ..¢خطة الحرب¢.. وأمامنا أدق مواصفات المانع المائي لقناة السويس .. ثم إمكانيات خط بارليف الدفاعية.. ثم توزيع قوات العدو بسيناء.. ثم ما لدي العدو من تفوق نوعي وكمي بسلاح الطيران.. ثم من وراء كل ذلك أبواب الدعم السياسي والعسكري المفتحة أمام إسرائيل..إلخ..كنت دائما أقول..¢ لا يستطيع أحداً يصدر أمر قتال حربي سوي مجنون أو مؤمن شديد الإيمان¢ ..¢وأنه لا يقدم علي ذلك سوي المصري¢.. نعم.. قد كان الرئيس محمد أنور السادات .. شديد قوة الإعقال والإيمان وكان مصريا أصيلا.. رحمة الله عليه.. وعلي أمجد حرب عرفها التاريخ الحديث.. وعلي أمجاد رجال قد تخيرهم الله فمنهم من صار شهيداً ومنهم من بات شاهدا ينتظر .. ومع الأسف المرير.. لم يأخذ السادات ولا الحرب ولا الرجال ..¢ما يستحقون من حق¢..!!
نعود لدنيا ..¢خيانة النسيان¢.. لنذكر حق حرب 73 ورجالها الأشراف.. ونذكر حق بعض من حق الإعداد والتخطيط لها.. عسانا نذكر الله حمدا علي فضله العظيم علينا.. وعسانا نذكر فندرك ما بأصلنا من قدرة فطرية لا يعوق انتصارها مستحيل حين نأخذ بحق علمية الأسباب وحق التوكل علي المسبب سبحانه وتعالي ..وسنذكر ذلك في نقاط إن شاء الله..
1 ــ نكرر حق لا ننسي ما كنا فيه من ..¢قبر¢..بعد عام 1967.. ففي نهاية شهر أكتوبر عام 1970.. أي .. بعد شهر تقريبا من وفاة الرئيس جمال عبد الناصر.. عرض علي الرئيس السادات تقرير أمريكي قد تم عرضه من قبل علي الرئيس جمال.. التقرير يستعرض ما خلفته حربي عامي 1956و1967 من تدمير للإقتصاد المصري.. وبه توصية سياسية تقول.. ¢اتركوا عبد الناصر يصرخ فسوف يركع علي ركبتيه اقتصاديا في القريب العاجل¢ .. حينذاك.. استدعي الرئيس السادات السيد حسن عباس زكي وزير المالية.. وحين سأله عن التقرير وموقف خزانة مصر.. أبلغه أن الخزانة..¢ خاوية علي عروشها¢.. والدولة علي حافة.. ¢الإفلاس¢.. وعن التقرير قال. ¢لقد تم عرضه علي الرئيس جمال¢.. ولما سأله السادات عن ماذا كنتم تفعلون.. قال. ¢أنا قعدت ألبس طاقية ده لده.. ولكن دلوقتي خلاص¢.. فأعطاه الرئيس السادات شيكا بمبلغ .. ¢عشرين مليون جنيه¢.. تم إقتراضها من الأصدقاء "السعودية والجزائر والكويت وسوريا وإيران" .. فقال د.زكي.. ¢هذا المبلغ لن ينفع كثيرا¢..!!
ذكرت الوثائق بالنسبة للتقرير الأمريكي وحال الخزانة المصرية.. ¢أن الرئيس جمال قد أسقط في يده.. ولم يكن بقادر علي أي تصرف.. أو الاقتراض .. لسوء ما كان بينه وبين الأشقاء العرب من علاقات.. ولاعتزازه الشديد بنفسه وهذا كان العائق الأكبر¢..!!.. وفي هذا الإطار تؤكد المعلومات.. أن الملك فيصل ملك السعودية كان له ..¢شخصيا¢.. موقف متفرد من حيث الدعم المالي..
2 ــ يوليو عام 1972 بالأسكندرية.. أمام هذا التاريخ وحيثيتة المكانية علينا أن نتوقف طويلا بمحاولة التفكر في .. مكنون معان أحداثه من خلال ما كان يدور بخلد .. ¢رئيس الدولة الرئيس أنور السادات¢.. وكيفية ونوعية وكمية ما كان يعتصر فكره ونفسيته بما يثقل كاهله من .. ¢مسئولية وطنية¢.. مسئولية إخراج مصر من .. ¢قبر¢.. المهانة .. القبر الذي يقف ببابه دول حريصة كل الحرص علي إنعدام خروج من بداخله.. حريصة كل الحرص علي أن يلفظ من بداخله أنفاسه الأخيرة.. كي تلحق بها.. ¢جميع أنفاس العرب¢.. حينذاك تتمدد تلك الدول المترصده بما نملكه من أرض وثروات..¢ وتكاملية معتقد¢.. وكان من أهم تلك الدول .. القوتان الأهم في عالم ذاك الزمان وهما.. ¢الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي¢.. ثم رأس حربة التخطيط .. ¢الإبليسي الصهيوني الكوني إسرائيل¢.. إسرائيل التي بتلك السعة الأرضية .. وتخطط صهيونيا لأن تكون الوريث الأوحد للأرض.. ولا يقف حائل أمام تحقيقها لحلمها سوي.. ¢مصر¢.. نعم.. ¢مصر¢.. أمس واليوم وغدا حتي قيام الساعة.. وياليت أجيال كريمة القرآن تؤمن بذلك.. وتضع مستلزمات ذاك الإيمان من أخذ بأسباب ردع تكاملية القوة نصب أعينها.. وآلا تأخذها .. ¢خيانة النسيان¢.. التي تعمل عليها الصهيونية العالمية تخطيطا وتنفيذا حتي كتابة تلك الكلمات 20 أكتوبر 2017!!! والسؤال الآن هو.. ما أهم أحداث تاريخ يوليو عام 1972 بالأسكندرية..؟؟
" أ" قرر السادات عدم قبول لقاء سفيري الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية "هنري كيسنجر" قط..
"ب" قرر الرئيس أنور السادات .. ¢الحل العسكري¢.. رغم احتفاظه بشيء من الأمل في الحل السياسي دون أدني تفريط في سنتيمتر واحد من الأرض المصرية.. ¢سيناء¢.. أو غيرها..
"ج" استدعي ¢حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومي¢.. وبعد أن أخبره بعزمه علي الحرب التي صارت السبيل الوحيد لإنقاذ مصر من خزي ومهانة دفنها السياسي.. قال له.. ¢إن أمريكا بعد ما اتخذناه من قرارات في مواجهة السوفيت.. لابد أن تتصل بنا.. وعليك أن تعد نفسك لكل البدائل .. وكذا مناقشتهم¢ .. وهذا ما حدث في لقاء .. ¢فبراير عام 73 مع كيسنجر بباريس¢.. وقد ذكرنا ما دار به سابقا.. وما كان فيه من إملاء أمريكي.. ¢برضوخ مصر لكل ما تمليه إسرائيل عليها كحل سياسي¢..
وفي ذكر ووصف تاريخ يوليو عام 72 بالأسكندرية.. يقول حافظ إسماعيل.. ¢لم يكن السادات قط في حالة راحة واسترخاء¢.. بل كان أسير اهتمام شديد بثلاثة محاور هي.. إيمانه وتيقنه الشديد بأن الحرب حتمية ولا سبيل إلا بها.. فكان يعلم أن بفم إسرائيل لقمة عظيمة لن تتنازل عنها إلا جبرا.. بل هي لا تكتفي بها.. بل تعمل جاهدة علي تركيع مصر .. وهذا يأتي علي هوي مستهدفات التخطيط الأمريكي والسوفيتي علي السواء.. وذلك لتركيع المنطقة العربية كلها بالتبعية لقيمة مصر.. أما المحور الثاني فهو العلاقة مع السوفيت والاحتياج ..¢العسكري لهم¢.. أما المحور الثالث فهو الأمل في علاقه أمريكية سياسية.. إن لم تساعد علي حل المشكلة فعلي الأقل لا تكون عائقا سياسيا.. وعسكريا .. في حلها.. وقد كان الاهتمام بتلك المحاور يتعظم .. ¢همه¢.. بضغط الحالة الاقتصادية والسياسية الشعبية المصرية..
"د" استدعي الرئيس السادات المهندس سيد مرعي ¢أمين عام الاتحاد الاشتراكي¢ التنظيم السياسي الشعبي الوحيد والموروث من عصر وزمن حكم الرئيس عبد الناصر )وطلب منه إبلاغ أمناء المحافظات أن.. ممدوح سالم وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء صار مكلفا ومسئولا عن.. ¢الدفاع المدني¢.. وإعداد الجبهة الداخلية للحرب وسد جميع ثغراتها.. وعليهم التعاون معه.. وقد أشرنا إلي ذلك تفصيليا سابقا..
"هـ" استدعي الرئيس السادات .. ¢الفريق أول محمد أحمد صادق وزير الحربية¢.. ومعه رئيس المخابرات الحربية والاستطلاع.. ¢اللواء محرز مصطفي عبد الرحمن¢.. الذي أحضر معه تقريرا مفصلا عن جيش الدفاع الإسرائيلي بناء علي طلب من الرئيس.. وقام بعرضه الذي إستمر حوالي نصف الساعة.. وكان من أهم النقاط التي ذكرها التقرير.. والتي أود ذكرها الأن هي كالأتي بعد..
"1" حرص إسرائيل الشديد "ووصفه التقرير المستميت" علي خط بارليف وانعدام سقوطه قط.. وكيفية إستعادة ما يمكن إسقاطه منه بسرعة فائقة.. وحدد التقرير إمكانيات تلك الإستعادة السريعة..
"2" أكد التقرير علي أقصي درجات الحرص علي .. ¢عنصري المبادأة والمفاجأة¢.. الحربية من جانبنا وحتمية إسقاط خط بارليف والتمكن من بناء رءوس شواطيء بشرق القناة خلال 48 ساعة وهي زمن التعبئة العامة لدي إسرائيل .. وأنه دون ذلك فسيكون الوضع في صالح إسرائيل..
"3" حدد التقرير.. نوعية وحجم وكمية وكيفية قدرات العدو العسكرية.. وأماكن تمركزها التكتيكي والتعبوي وكذا الاحتياطي الاستراتيجي .. سواء في سيناء أو داخل إسرائيل .. ومحاور عملها المتوقعة..
"ث" ثم ذكر التقرير أهم قوة نوعية يعتمد عليها العدو..¢وهي سلاح الجو¢..وكيف كان حجمه بتاريخ 2/2/1972 هو 425 طائرة مقاتلة ومقاتلة قاذفة "فانتوم وإسكاي هوك وميراج ي" ولكن بذاك التاريخ أرسلت أمريكا لإسرائيل .. 42 طائرة فانتوم+82 طائرة إسكاي هوك "مائة وأربعة وعشرين طائرة" وذلك بخلاف الطائرات المروحية القتالية.. وطائرات النقل والإسقاط المظلي التي يمكنها إسقاط كتيبة مظلية بكامل أسلحتها ومعداتها..إلخ..
"5" حدد التقرير أقرب المطارات لخط قناة السويس وهي..¢مطارات المليز وتمادا ورأس نصراني¢..ونوعية ما بها من طائرات وعدد كل نوع منها..
"ح" حدد التقرير.. إمكانية العدو لإرسال 250 طائرة في الطلعة الواحدة.. بإجمالي طلعات في اليوم الواحد 1500 طائرة لأن لديه لكل طائرة من 3 إلي 5 طيارين "من ثلاثة إلي خمسة طيارين" بعد أن كان لديه عام 1967 من 2 إلي 3 طيارا.. وستتركز قدرات ومهام ذاك السلاح علي .. ¢الضربات الاستباقية الاجهاضية¢.. في حالة إكتشاف الخطة المصرية.. وفي حالة عدم الإكتشاف سيكون اليوم التالي للهجوم "ي 2" هو يوم تكثيف تلك الضربات .. ¢كهجوم مضاد¢.. ثم من المحتمل قيام العدو بذاك اليوم بعملية إسقاط أو إبرار بالعمق المصري "خلف القوات المصرية" وقد حدد التقرير أماكن تلك العملية .. وحجم قواتها وأسلحتها والهدف منها..
"7" بعد أن أكمل اللواء محرز عبد الرحمن تقريره.. شكره الرئيس محمد أنور السادات.. ثم إلتفت إلي وزير الحربية وقال له.. ¢عايزك يا صادق تبلغ المجلس العسكري الأعلي أن يكونوا جاهزين لأي تحرك عسكري بداية من 15/11/1972.. ويعقب السادات علي ذاك الأمر في مذكراته ..¢ص311¢.. بأمرين هما.. أن الوزير عاد إليه بعد يومين وأبلغه بأنه أبلغ المجلس الأعلي.. وأنه سيكون جاهزاً في أول نوفمبر .. أما الأمر الثاني فيقول السادات عنه.. ¢لقد تخيرت 15 نوفمبر¢.. لأن الأيام الأولي من نوفمبر.. ¢تجري الانتخابات الأمريكية¢.. وأردت أن أعطي الرئيس المنتخب فرصة.. لمحاولة الحل السياسي.. فإن لم يتم ذلك نكون جاهزين للتحرك العسكري¢..
"8" بتاريخ29/8/1972 وقبل نهاية تواجد السادات بالأسكندرية.. كتب الرئيس السادات رسالة مطولة ومفصلة وأرسلها رسميا إلي .. ¢الرئيس السوفيتي بريجنيف¢.. كرر فيها عن قصد وصف بريجنيف .. ¢بصفة الصديق¢.. وأوضح فيها مبرراته لما إتخذه من قرارات سابقة ومنها.. عدم قبوله لتجميد المشكلة .. وعدم إهتمام الجانب السوفيتي بموازين القوي التي تهتم بها أمريكا في دعمها لإسرائيل .. وعدم قبوله لحدوث صدام أمريكي سوفيتي بسبب مصر.. وعدم قبوله لأن يحارب معركة مصر أي جندي سوفيتي أو غيره.. ثم تعمد قول العبارة الأتية.. ¢عدم قبوله عربدة إسرائيل وإدعائها بأن أمريكا هي.. ¢المالك الأوحد¢.. لحل المشكلة¢.. وختم السادات الرسالة بالأتي.. ¢آيها الصديق¢.. غير مقبول من صديق وخاصة بعد رسالتكم بتاريخ 8/7/1972 أن تتجاهلوا ما أتفقنا عليه.. وأن تكونوا شريكا في الحظر المفروض علينا وخاصة بتلك الفترة المحرجة .. التي تحتم عليكم كشركاء وأصدقاء أقصي دعم سياسي وعسكري لنا..إن مشكلة تحرير الأرض المصرية كانت ومازالت إهتمامنا الأول والأكبر حياتيا.. ¢إنني أنظر لبداية جديدة¢.. بداية مرحلة تقوم علي فهم وتقدير متبادل .. وأنني أمنح تلك البداية .. فرصة حتي نهاية شهر أكتوبر 72 فإذا لم تحدث إستجابة .. فسأكون حرا في إتخاذ ما أري من قرارات يحتمها علي موقعي ومسئوليتي أمام الله والشعب¢..
"9" بتاريخ 24/10/1972 حدث أمر غير بروتوكولي ذو أهمية بالنسبة لحالة الإعداد للحرب.. فقد وجه الرئيس السادات الدعوة للمجلس الأعلي للجيش .. ¢للإجتماع في منزله بالجيزة¢.. وهو الإجتماع الذي بدأ في التاسعة مساء وإنتهي بعد منتصف الليل بنصف ساعة وقد راح السادات وأسهب في شرح وبيان الموقف السياسي.. وموقف السوفيت مع الأمريكان ونتيجة ذلك علي مصر ولصالح إسرائيل.. وشرح أسباب قراره بإنهاء تواجد المستشارين السوفيت في مصر.. وحينئذ قال .. ¢لا يمكن أبدا أن نبدأ عمل عسكري وغير المصريين في وسطنا.. وسط قواتنا المحاربة.. ده أمر مستحيل.. إحنا اللي نعمل معركتنا ونقبل كل ما هو مقدرلنا.. الفشل لا قدر الله نتحمل مسئوليته.. والنجاح إن شاء الله يكون لنا مش لحد تاني .. واضح¢..
ثم قال الرئيس .. ¢نيجي للسبب اللي جمعتكم عشانه¢.. ¢أنا عايزكم تخدوا بالكم أوي من اللي هقوله¢.. أنا إتكلمت مع صادق الصيف اللي فات.. وقلت له إني عايزه يكون جاهز في نوفمبر القادم.. "وشرح السادات السبب الذي ذكرناه سابقا" ثم قال.. أنا مقدرش أدخل الجولة الجاية وإحنا في الوضع ده.. موقفنا ضعيف.. ولازم نغيره .. لازم نحركه عسكريا.. ومن غير كده يبقي لازم أسلم .. وبصراحة مفيش حل سلمي.. لأن الحل السلمي معناه إستسلام.. خلاص.. الكتلتين إتفقوا مع بعض.. يبقي لازم نحرك إحنا القضية .. لازم نتحرك عسكريا بما نستطيع .. وبما نملك.. يبقي لازم ينتهي وضع السكون اللي إحنا فيه.. خلاص.. ده أمر أصبح حتمي لصالح البلد.. ¢بقول خلاص¢.. ¢ده أمر منيش جاي أخد رأي حد فيه¢.. إحنا أمام إمتحان لقواتنا المسلحة .. هزيمة 67 جعلت العدو والصديق لا يثق إننا سنقاتل.. ¢إحنا أمام إمتحان¢.. وضع مهين.. ¢وأنا مش مستعد إطلاقا للإستسلام¢.. ¢يبقي لازم نحرك الموقف .. بما معنا.. بالأسلوب الذي يناسبنا.. وعلينا نثق في الله وفي أنفسنا¢..
ومن كلماته أيضا التي قالها .. ¢موقفنا مع الكل بما فيهم شعبنا .. سييء وسيزداد سوء إذا لم نتحرك من وضع السكون ده.. بل.. وضع ستموت القضية به.. ¢يبقي لازم نولع حريقه¢.. نخطط بدون إنفعال ونحرك القضية.. ساعتها الكل هيسمعنا.. ¢أنا إتخذت القرار¢.. لأنه إذا إنتهت وماتت القضية علي جبهتنا .. ماتت علي كل جبهات العرب.. إسرائيل تعرف ده كويس جدا.. ¢أنا بعتبر الجلسة دي تاريخية وللتاريخ¢.. وبإرادة الله سبحانه وتعالي.. وبإرادة الشعب المصري الأصيل .. ¢لن نخسر أبدا¢.. ¢ولن يكون الوضع أسوأ مما هو عليه أبدا¢..
من المهم جدا معلوماتيا أن نسأل عن سبب الاجتماع السابق.. ¢بنفس السادات¢.. وهنا سنذكر أهم تلك المكنونات النفسية الموثقة:
"أ" إستشعار الاستعداد القتالي لدي..¢الوزير والقادة¢.. فقد بلغته معلومات تؤكد نقصا في ذاك الاستعداد نفسيا لدي البعض..
"ب" هل أعضاء المجلس لديهم الإحاطة بالموقف السياسي.. داخليا وخارجيا.. أي لديهم العلم بحتمية الحرب..
"ج" تخطيط السادات وعزمه علي إحالة أي عضو إلي التقاعد فورا إن استشعر أنه ليس علي مستوي التأهب النفسي للحرب..
وبناء علي المكنونات السابقة.. انتهي الاجتماع بعاصفة غضب من الرئيس السادات في وجه كل من بدا تعليقه أنه غير مستعد نفسيا للحرب..!!
لم يكن غضب الرئيس السادات من مجرد تعليق سياسي كالذي أبداه الفريق عبد القادر حسن نائب وزير الحربية.. والذي عنفه الرئيس بقوله.. ¢ليس هذا من شأنك.. هذا شأن سياسة عليا للدولة¢.. ولكن كان احتقان نفسه بالغضب أنه استشعر عدم مصداقية الوزير صادق معه إذ أبلغه بأنه أحاط المجلس بما أمره السادات به.. ¢في الأسكندرية¢.. ولم يفعل .. بل وأبلغ الرئيس بأن الجيش جاهز للتحرك في أول نوفمبر عام 72 وكذب في ذلك.. وهذا كله جعل السادات يدرك أن بعضا من أسباب مهزلة 1967.. مازال موجودا بمرضه النفسي..
"5" بتاريخ 28 أكتوبر 1972.. أي بعد أربعة أيام فقط من تاريخ انعقاد المجلس الأعلي بمنزل السادات.. وبدعوة من الرئيس انعقد المجلس بمقر وزارة الحربية برئاسة القائد الأعلي وهو الرئيس محمد أنور السادات.. وبدأت الجلسة في الساعة السابعة مساء واستمرت لمدة ساعة تقريبا فقط..بدت الجلسة هادئة بظاهر يستر غضب غامض بنفس الرئيس.. الذي برره السادات في مذكراته ص311 بقوله.. ¢أردت أن أستوثق من إستعداد القوات المسلحة¢.. ولكن أكدت المعلومات بعد ذلك .. بأن السادات ذهب لتلك الجلسة وهو عاقد النية علي إستبعاد بعض القيادات غير المؤهلة نفسيا للحرب والقتال.. ولذا تركز حديث السادات علي مدي جهوزية وإستعداد القادة والقوات للحرب.. ومن نقاشه مع القادة "اللواء نوال سعيد مدير إدارة الشئون الإدارية .. ثم قادة الجيوش ..إلخ" تأكد السادات من أمرين.. عدم إبلاغ الوزير لهم بما أمره السادات به.. ثم عدم استعداد القوات للحرب عمليا.. وحينذاك.. أنهي الاجتماع بقوله .. ¢آسف ..أنا جاي النهارده وفاكر إنكم جاهزين.. إنتم عاوزينا نكرر هزيمة 67 تاني..؟؟¢..
كان الرئيس السادات منذ صباح 25/10 وحتي صباح 29/10/1972.. يحاول انتقاء أسم لوزير حربية منضبط عسكريا وسلوكيا .. محترف عسكريا.. ¢وأهم شيء أن يكون مقاتلا وولاءه لمصر¢.. وظل يستعرض ما طرح أمامه من أسماء قادة .. كان من بينهم سعد الدين الشاذلي رئيس هيئة الأركان .. ولكنه تخير .. ¢اللواء أحمد إسماعيل وزيرا¢..
"6" بتاريخ 29 أكتوبر 1972.. حضر اللواء أحمد إسماعيل لمنزل الرئيس السادات الذي دعاه للحضور .."حيث كان أحمد إسماعيل رئيسا للمخابرات العامة كما ذكرنا ذلك من قبل" باح الرئيس لإسماعيل بكل ما حدث .. وأوضح له مطلبه.. وأنه قرر الحرب سبيلا لحل القضية.. ثم عرض عليه منصب وزارة الحربية.. فقال إسماعيل .. ¢لا أخالف سيادتك الرأي¢.. فكلفه الرئيس بالمنصب .. والإعداد والتخطيط دون أدني انفعال.. وقال له.. ¢غدا تأتي لتؤدي اليمين¢.
في هذا الصباح حدثت أمور وأوامر رئاسية أخري .. أهمها إرسال الفريق الليثي ناصف رئيس الحرس الجمهوري إلي وزارة الحربية "بعد اتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية" برسالتين من الرئيس.. الأولي تسلم للفريق سعد الدين الشاذلي وبها تكليفه بأعمال وزير الحربية لحين صدور أوامر أخري.. وأن يصطحب الليثي وهو يسلم الرسالة الثانية للوزير صادق والتي فيها أمر رئاسي بتقديم استقالته من منصبه.. ¢وقد تم الأمران في هدوء¢..
"7" بتاريخ 30 أكتوبر 1972 قبل أن نذكر أحداث هذا التاريخ .. علينا أن نؤكد عدة أمور يتحتم .. تذكرها بل وتدرسها والاستمساك بها اليوم وغدا.. ومنها ما هو آت..
"أ" من ذاك التاريخ .. بدأ توقيع الفكر .. والسياسة .. والخداع الاستراتيجي .. في خطة هجومية مدروسة بدقة شديدة.. ثم توقيع كل ذلك علي أرض الواقع كعدة وإعداد واستعداد قتالي فاعل..
"ب" حينما يظل الرئيس القائد الأعلي.. في برجه العالي دون استوثاق عملي من استعداد قواته المسلحة نفسيا وعمليا لأي حرب محتملة وهي دائما بالنسبة لمصر محتملة حتي قيام الساعة) فذاك يعيد مصر لتاريخ 67 بل أشد مذلة وإقبارا لا قدر الله..
"ج" عدونا واحد مهما اختلفت صورة تواجده.. ¢وهو اليوم إقليميا ودوليا أشد وأنكي¢.. ويستهدف خداعنا كما أذله خداعنا له عام 73.. وهذا واقع يعمل عليه..
"د " إعداد الجبهة الداخلية .. ¢لقوامة الإحتمالات الحربية¢.. هي جزء أساسي لا يتجزأ من يقظة العدة والاستعداد .. وهي الأن ليست علي تلك اليقظة والاستعداد.. والإعتماد علي فطرتها الأصيلة فقط .. هو أمر غير كاف..
"5" بلوغ شمولية قوة الردع المصرية لمستوي .. ¢الردع الحاسم¢..بات حتمية متنامية..!!!
وعودة للحديث عن وقائع تاريخ 30 أكتوبر عام 72.. وبإختصار شديد .. فقد أدي أحمد إسماعيل اليمين .. وترقي لرتبة فريق أول.. وأخذ الأمر من السادات بتعلية الساتر الغربي للقناة لإرتفاع حوالي عشربن مترا.. كي يري القادة والصف والجنود مواقع قتالهم خلف خط بارليف.. علي جانب أخر.. وبحديث منفرد من الرئيس السادات مع الفريق الشاذلي الذي كان في الانتظار بمنزل الرئيس وهو يظن أنه سيكون وزيرا للحربية .. ¢أكد السادات وتأكد¢.. من تعاون الشاذلي مع أحمد إسماعيل ..وقد كان السادات ينتوي إقالة الشاذلي في حالة عدم تأكده من ذاك التعاون الكامل.. وتعيين اللواء كمال حسن علي أو اللواء الجمسي بدلا منه..
علي جانب ثالث بهذا التاريخ..أصدر الرئيس السادات قرارا بإحالة كل من ..الفريق عبد القادر حسن.. واللواءين علي عبد الخبير..وعبد المنعم واصل.. واللواء بحري محمود فهمي .. إلي التقاعد.. وتعيين اللواء بحري فؤاد أبو ذكري قائدا للقوة البحرية وترقيته لرتبة فريق.. ومما يجب ذكره وذلك للحرص الشديد من السادات علي.. تكاملية تعاون القادة "وخاصة الشاذلي" وإنعدام تواجد أدني شائبة نفسية أوعملية تشوب إستعدادهم للحرب والقتال بفدائية مقننة.. فوض السادات وزير الحربية أحمد إسماعيل في إقالة أي قائد يلمس فيه ذاك النقص القتالي..
"8" بتاريخ 30/11/1972 يقول الرئيس محمد أنور السادات أنه لم يتذوق طعم النوم منذ تاريخ 24/10/1972 إلا بعد أن جاءه الفريق أحمد إسماعيل بعد شهر وأخبره ..بأن خطة الدفاع "الخطة 200 المعدلة" قد إكتملت تماما.. وأن الخطوط العريضة للخطة الهجومية قد إستقرت .. وقد إرتفعنا بالساتر الغربي من 18مترا إلي 20مترا حسب طبيعة الأرض بما يمكن قواتنا كقادة وصف وجنود من رؤية مواطيء أقدامهم بسيناء.. ¢خلف خط بارليف¢.. ويقول حافظ إسماعيل الذي حضر ذاك اللقاء .. لقد إستمع السادات بكل إهتمام لشرح الموقف من الوزير إسماعيل .. وأن اللقاء إستغرق حوالي نصف إلي ساعة..
وإلي لقاء إن شاء الله
ملاحظة مهمة..
رغم علمه بعدم كفاية قوة العتاد..قال إسماعيل للسادات..¢اطمئن..فالنصر يأتي بعدة الرجال وليس بعدة السلاح¢..وأقول ..¢تبني الدول بحق علم عدة الرجال وليس بوفرة المال¢..