جلاء جاب اللة
أزمة الإعلام .. وإعلام الأزمة
كشفت الأحداث الإرهابية الأخيرة عن حقيقة كنا نشعر بها ولكن لم يتصد أحد لمواجهتها بشكل جاد وبات ضرورياً أن نواجهها بصراحة ووضوح ودون تأخير وبجدية تامة.
كشفت هذه الأحداث عن وجود أزمة إعلام حقيقية وعن غياب حقيقي أيضا لإعلام الأزمة.. كيف؟
وجود أزمة للإعلام ليس قاصراً علي مصر.. وغياب إعلام الأزمة يبرز جيداً وواضحاً في مصر.
أزمة الإعلام تتلخص في غياب الوعي ونقص المعلومات.. والاعتماد علي وسائل الاتصال الإلكتروني في معظم ما بثته وسائل الإعلام التقليدية.
إذا كانت الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية المعروفة واضحة المصادر في معظمها واضحة الهوية في أغلبها.. واضحة عناصرها البشرية هوية معظمها في الغالب.. إلا أن السوشيال ميديا تفتقد في معظمها للمهنية ويغيب عنها الوضوح والرؤية إلا إذا كانت موجهة ولها هدف سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي محدد.
معظم ما يتداوله مستخدمو السوشيال الميديا مجهل وغير معلوم المصدر أو الهوية ولكن هناك كثيرين يعيشون حالة فراغ وتستهويهم حالة النشر علي وسائل الاتصال وأحيانا التعليق واستعارة تعليقات الآخرين.
اعتماد معظم مستخدمي الإنترنت علي هذه المواد الإعلامية المجهلة والناقصة وفي أحيان كثير الكاذبة.. يرجع إلي غياب المعلومة الصحيحة أو التأخير في إعلانها.. إلي جانب رغبة البعض في الترويج لأي معلومة خاصة إذا كانت تتميز بالإثارة أو تلفت الأنظار.
الكثيرون يستهويهم ما ينشر علي السوشيال ميديا حتي لو كان كاذبا لأنهم يعتقدون أنها الحقيقة وما ينشر في الصحف أو يذاع في الفضائيات غير حقيقي وسبب ذلك هو فقد الثقة ليس عن جهل أو عن رغبة في ذلك بل لمجرد الاحساس بالتميز وإدعاء المعرفة لذلك تجد أن بداية الخبر علي الإنترنت مجرد عدة سطور يتم تناولها وتداولها علي السوشيال ميديا حتي تصل إلي الناس بعد عدة ساعات وهي قصة اخبارية كاملة أضاف إليها الكثيرون عدة اضافات من وحي خيالهم أو في وهم أكاذيبهم أو من رغباتهم واتجاهاتهم لاستغلالها في أمور تخصهم أو أهداف يسعون إليها.. فتبدو وكأنها قصة حقيقية يصدقها الكثيرون ولو قرأها أحدهم بتمعن لوجد بين سطورها دليل الكذب والتضليل.
أزمة الإعلام الحقيقية الآن هي ضعف الثقة في كثير من الوسائل وعدم الرضا الإنساني عن كثير من الوجوه الإعلامية ونجاح السوشيال ميديا في استقطاب الكثيرين لتأخر نشر المعلومة الصحيحة إلي جانب غياب المهنية وعدم ملاحقة التكنولوجيا في خدمة الإعلام لأنه لم يعد مقبولاً أن يذاع أو ينشر خبر الأمس اليوم.. بل مطلوب أن يكون هناك متابعة ثانية وثالثة ورابعة ولا يقتصر الأمر علي النشر فقط.
مطلوب أيضا سرعة إصدار قانون حرية تداول المعلومات وتنظيم الإعلام.. أضف إلي ذلك ضرورة الاهتمام بالوعي المفقود لدي الكثيرين.
الإعلام مهمته الأساسية هي الوعي ولكن هذه المهمة أصبحت في ذيل الاهتمامات.. ولابد من تضافر كل الجهود من أجل الوعي سواء علي مستوي المدرسة أو البيت أو المسجد أو الكنيسة أو الوسائل الإعلامية والتواصل الجماهيري.
والاهتمام بالوعي ليس توجيها للوعي ولكنه كشف وإبراز الحقائق وأن يستقي الناس المعلومة الصحيحة من مصادرها الصحيحة حتي لا نترك الباب مفتوحا أمام هواة الصيد في الماء العكر أو من لديهم أجندات وتوجهات ضد الدولة وأمنها ورخائها.
أزمة الإعلام تحتاج إلي جهد كبير تشريعي وتنفيذي واقتصادي لأنه لا يقل أهمية عن الهواء والغذاء في هذا العصر الذي لم يعد الإعلام فيه ترفيها أو متعة أو وسيلة تسلية بل أصبح سلاحاً حقيقياً لتدمير دول وهدم مجتمعات لذلك فإن هذه القضية وهي أزمة الإعلام تجرنا إلي القضية الأخري وهي "إعلام الأزمة" التي كانت قضية بارزة خلال أحداث العمليات الإرهابية الأخيرة.
لقد شعرنا بغياب حقيقي لإعلام الأزمة في العملية الإرهابية بالواحات حيث غاب عن الجميع أن هذه العملية الإرهابية ليست حالة مصرية فالإرهاب لغة عالمية.. وما يحدث في مصر ليس بعيداً عما يحدث في المنطقة وفي العالم كله.. وليس حالة خاصة بنا.. فما حدث في أمريكا منذ شهر حادث إرهابي خطير ولم يقل أحد إنه حالة أمريكية.. بل وما حدث في أكثر من دولة أوروبية حوادث إرهابية خطيرة ولم يتحدث أحد عن أنها حالة أوروبية.. بل الإرهاب حالة عالمية في كل مكان وتهدد كل دول العالم.. وإذا كان هناك من صنعوا الإرهاب واستغلوا جهل بعض المسلمين في فهم الدين الصحيح فإن هناك إرهاباً بين المسيحيين وبين اليهود أيضا وكذلك إرهاب البوذيين في ميانمار ولم يقل أحد عنهم ما قالوه عن الإسلام.. وهذا يبرز إعلام الأزمة لأنه يربط الإرهاب دائما بالإسلام.. وبالدولة التي يقع فيها حادث الإرهاب إذا كان فقط في منطقتنا العربية.
غاب إعلام الأزمة فكشف أخطاء كثيرة في الإعلام وإدارة الأزمات.. وبات ضرورياً أن يهتم خبراء الإعلام في مصر وأصحابه بإعلام الأزمة وكيف يدار الإعلام ويقوم بواجبه عند الأزمات.. وكيف يواجه الأزمات بل ويكون عنصراً إيجابياً في مواجهتها لأن للإعلام دوراً مجتمعياً لا يمكن تجاهله بل ان الإعلام الآن أصبح مرآة المجتمع.
عندما يتخبط الإعلام لحظة الأزمة فهذا الأمر يحتاج إلي وقفة وعندما لا يكون هناك متابعة لحظة بلحظة للحدث وقت الأزمة فأجهزة الإعلام ليست المقصر الوحيد.. وعندما تشيع الشائعات وتروج الأكاذيب فإن هناك خللاً في إدارة الإعلام عند الأزمات.
ليس منطقيا أن يسبق الإعلام التحقيقات وأن يبحث عن مبرر بعيداً عن الحقيقة لأن الصدق هو أساس النجاح والثقة ومصداقية الإعلام تأتي في نشر الحقيقة ونجاح الإعلام في اشاعة الوعي ونشره يتوقف علي مصداقيته وأسانيده ووثائقه الصادقة.
ليس هناك متهم في هذه الأزمة بل هناك أسباب لها وأدوات غائبة فلابد أن نبحث عن الأسباب ونعالجها.. ونبحث عن الأدوات فنضعها في مكانها الصحيح وزمانها المناسب.
ما أقوله ليس تنظيراً ولا محاولة للبحث عن أسباب لأزمة الإعلام أو مبررات لإعلام الأزمة بل محاولة جادة للمواجهة والتشخيص ومن ثم البحث عن علاج مناسب.
لا توجد قوالب صامتة للعلاج أو حلول معدة مسبقا.. بل هناك ثلاثة محاور أساسية يجب أن نضعها أمامنا الأول هو صالح الوطن ومصلحة الأمة.. والدفاع عن الشعب وحقه في المعرفة.. وتحديد الثوابت والدفاع عنها.. كالدفاع عن صحيح الدين ووسطية الإسلام في مواجهة التطرف.. وإبراز دور الوعي في هذه المواجهة وإلقاء الضوء علي تحديات وعطاء كل من يقدم ويعمل كتضحيات الشرطة والقوات المسلحة في حربنا ضد الإرهاب وهي تضحيات لا تحتاج إلي دليل لأنها واضحة ولكن تحتاج إلي إبراز وتذكير.. وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي في حديثه لقناة "فرانس 24" لمن يتحدثون عن حقوق الإنسان ويتشدقون بها حيث سألهم: أين حقوق أسر شهداء الوطن؟ أين حق الطفل الذي تيتم لأن أباه قام بواجبه في الدفاع عن الوطن وأمنه؟ أين حق الأرملة التي استشهد زوجها في الحرب ضد الإرهاب؟ أين حق الثكلي التي تفقد زوجها والأم التي استشهد ابنها وهو يقوم بواجبه.. وأخيراً أين إعلام الأزمة في مواجهة هذه الحقائق؟
همس الروح
تتبدل المشاعر.. لكن القلوب لا تتغير!
حرفان يحملان آلاف المعاني والمشاعر والأحاسيس: حاء مضمومة وباء.
تسألني: هل تحب؟
أجبت: ما دمت أحيا.. فالحب في الدم يعيش.
لا تهتم بمن يعبث بمشاعر الآخرين دعه حتي يأتي يوم فيعبث بمشاعره الآخرون.
المحب الصادق إنسان كريم ومن لا يعرف الحب.. بخيل كاذب.