اختيار توقيت عملية الواحات الدامية. في شهر أكتوبر وذكري الانتصار المجيد. يعظم الاعتقاد بأن هذا الشهر ورغم مرور 44 عاماً علي معركة الكرامة. بات يمثل كابوسا ليس لدي الإسرائيليين فقط. ولكن لكل من تم تجنيدهم لخدمة المخطط الصهيوني حتي لو تخفوا تحت رايات إسلامية. كما يؤكد أن تكتيكات الفوضي الخلاقة مازالت موجودة في عموم بر مصر. وأن هناك من يدعمها بالمال والمعلومات والسلاح.
عملية الواحات في بشاعتها وسيناريو تنفيذها. جاءت لإشباع مشاعر الانتقام من قوات الأمن وكل من ساهم في الحفاظ علي الدولة من السقوط. وهذا متوقع. ولكن المشكلة هنا ان البعض دائماً ومع كل حادث إرهابي يتعامل بمنطق المفاجأة وكأنه يحدث لأول مرة. بما يؤدي في النهاية إلي التضخيم والمبالغة. بل والمتاجرة. ضمن أوهام العودة للمربع الأول. وتسريب رسائل الإحباط لمن يتغني بإنجازات السنوات القليلة الماضية. والعبور الثالث إلي مجتمع مدني حديث. تجاوز قبل ذلك معوقات الانتقال للضفة الشرقية للقناة. ثم والأكثر إيلاما لأعداء مصر. ما أثبته الشعب بعد 11 يناير بأنه عصي علي الانهيار أو الانقسام.
كان خطأ وزارة الداخلية الأكبر هو التأخر في اصدار بيان بما حدث في الواحات. وكان خطأ الإعلام أن تلقف المعلومات من جهات أجنبية ومواقع التواصل الاجتماعي وبعض التسريبات. والمؤسف أيضاً أن عدداً
من الإعلاميين بدوا وكأنهم لا يدركون أبسط متطلبات الأمن القومي. وأن مسألة السبق والتميز لا يجب الالتفات لها في وقت لم تجف فيه دماء الشهداء.
حالة الارتباك هذه. ربما تكون الملاحظة الأولي في سلسلة من الملاحظات التي يجب ألا تمر مرور الكرام. لاسيما وأن العمليات الإرهابية لم تعد مقصورة علي مصر أو دول المنطقة فقط. وإنما امتدت إلي الولايات المتحدة وأوروبا التي تمتلك أعتي أجهزة الأمن والاستخبارات. أيضاً فإن ما يحدث في سوريا والعراق من هزائم متتالية لتنظيم داعش. واقتراب نهاية ما يسمي بدولة الخلافة. كان يجب وضعه في الاعتبار. كون مقاتلي هذا التنظيم اضطروا إلي الفرار إلي دول أخري. باحثين عن أوكار تأويهم وتنظيمات إرهابية مماثلة ينضمون إليها.
الخلل الآخر الذي أبرزته عملية الواحات هو الإصرار علي الجانب الأمني في محاربة الإرهاب. دون الالتفات لما أحدثته الثورة المعلوماتية ونشر التطرف عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي واستهداف الشباب. بما يثير تساؤلات سبق طرحها عن دور مؤسسات الدولة الدينية والثقافية. ومنظمات المجتمع المدني. ولماذا تغيبت عن المشهد تاركة المجال لمروجي التطرف والإرهاب ومن يبحثون كل يوم عن وسائل لنشر الإحباط؟.