الجمهورية
ماجدة موريس
إعلام حائر.. ومشاهد غاضب
* منذ ثلاث سنوات. وفي مثل هذا الوقت من العام. أعلن العاملون في الإعلام المرئي أنهم متضامنون مع الدولة والشعب في الحرب علي الإرهاب عقب هجمة ارهابية علي جنوب سيناء واستشهاد عدد من الجنود والضباط في كمين رفح.. وبعد وقت قصير خرج البيان الاول لكتلتي الاعلام المسموع والمرئي وقتهاــ في نوفمبر عام 2014 ــ أي اتحاد الاذاعة والتليفزيون وغرفة صناعة الاعلام المسموع والمرئي التي تضم القنوات الخاصة المصرية. مؤكدا علي الاصطفاف وراء الوطن في حربه ضد الارهاب. ومن خلال كلمات صاغها بيان أعيد مرارا علي كل الشاشات تقريبا.
"يؤكد الإعلام المصري من واقع ادراكه لمسئوليته الوطنية انه سيظل يؤدي واجبه بشرف في مجابهة الارهاب الاسود. وانه يقف صفا واحدا وراء الدولة شعبا وجيشا وشرطة في الحرب ضد الارهاب واثقين ان مصر ستظل عصية علي مخططات الخيانة بعون الله وقدرته". بعدها واجهت مصر احداث ارهاب متعددة من خلال عودة الدراسة بالجامعات المصرية وتظاهر طلاب الاخوان واقتحامهم لجامعة القاهرة من الباب الخلفي للرد علي وجود شركة امن في الباب الامامي الخ.. واستمرار الافعال الارهابية في مواقع كثيرة لعرقلة انتظام الحياة في مصر.. فماذا فعلت القنوات المصرية وقتها.. اي عام 2014؟ انها فعلت كما فعلت في الحدث الارهابي الاليم في صحراء الواحات هذه الايام. في انتظار بيان الداخلية عن الحادث. أي العمل بمفهوم رد الفعل. لكنه هنا كان صعباً بل مستحيلا. فلا توجد جامعات أو طلاب. لكي يسرع المراسلون إليها ويبحثون عمن يدلون بآرائهم سواء كانوا من الطلاب أو المواطنين. لم يحدث مطلقا ان قامت إحدي القنوات النشطة بما هو اكثر من هذه التغطيات. سواء باجراء استفتاء جماهيري حول آراء الناس وافكارهم أو تقديم برنامج منتظم ضيوفه هم أسر الشهداء والمصابين وبه جزء وثائقي عن الذين يرحلون بفعل الإرهاب ولم.. ولم فقط في اليوم الثالث للحادث الاليم قدمت قناة "القاهرة والناس" برنامجاً تسجيلياً عن تاريخ جماعة الإخوان. وكان من المفترض ان تكون كل الوثائق التي تخص الجماعات الارهابية موضع اهتمام في القنوات الخاصة. وان تكون المعلومات التي يبحث عنها الرأي العام في مصر متاحة. لكننا اي المشاهدين المصريين. ظللنا يومين بدون ان نعرف موقع الحادث الذي فقد فيه ابنائنا بالضبط.. وربما حاول بض المسئولين عن الإعلام وقتها بذل جهد اكبر من غيرهم في هذا الشأن ولم يفلحوا. وربما اعتقد بعضهم ان ما يخص مواجهة الإرهاب هو شأن عسكري وأمني فقط عليهم تجاهله والاكتفاد بتلقي البيانات التي تصل من الداخلية او القوات المسلحة كما حدث ويحدث الآن في إرهاب موقعة الواحات. ولكنه ظن بعيد عن الأمر الواقع. لأن المشاهد لن ينتظر حتي تصل البيانات إلي قناته المفضلة. وإنما سوف يدور بالريموت إلي كل القنوات التي يعرفها ثم يبتعد إلي القنوات الاخري. دولية او معادية. ليروي ظمأه إلي أية معلومة أو صورة. والسؤال الآن هو هل ندرك جميعا هذا؟ وأين ما اخذناه من خبرات سابقة في التعامل مع الأزمات؟ والتعامل مع السماوات المفتوحة اعلاميا الآن؟ وهل ندرك الفارق الجبار بين ما قبل وما بعد ثورة البث الفضائي التي نقلت كل مشاهد من موقع انتظار ما تقدمه له قناة الدولة الوحيدة إلي قنوات رجال الاعمال العديدة؟ وبعدها قنوات الآخرين. سواء دول أو أصحاب مصالح أو إرهابيين.. ان هذه النقلة تحتم علينا الكثير من اجل تجاوز الازمات القادمة في اي اتجاه. بداية من الارهاب إلي الأسعار وغيرها.. انه من الغريب فيما حدث في الازمة الاخيرة ان تسارع قنوات ووكالات أجنبية إلي تقديم تفاصيل عن معركة دارت بعيدا حتي عن شبكات الاتصال. ولكن المشاهد المصري لم يجد في قنوات ما يرضيه. أو حتي يجعله يتفهم الموقف.. ويلوذ بالصبر.. وإذا كان د. ضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات الجديد قد طالب "رويترز" و"BBC" بالكشف ن اسرار الضحايا الذين اعلنوا عددهم الكبير.. فإنه لم يكن ليحدث هذا لو توالت البيانات المصرية المعبرة عن الموقف فالملايين من الناس لا تحتمل الصوم عن تلقي المعلومات وغيرنا يمدها بها.. وأخيرا.. فإنه في حادثة الامس لم يكن المجلس الاعلي للإعلام موجودا.. بينما هو موجود الآن يراقب الاحوال ويصدر قرارات بمخالفات بعض الإعلاميين ولكن. لماذا تأخر تأسيس المرصد الاعلامي للمجلس الذي يعتبر حجر اساس للعلاقة بين الاعلام وأدائه وبين كل ما يحدث في مصر.. فالقضية ليست قضية اليوم أو غدا وانما هي عمل مستمر ومعايشة وتعبير عن كيفية رؤية هذا البلد والتفاعل مع أبنائه.. والدليل علي هذا انه برغم وجود اكثر من قناة اخبارية الآن في مصر مثل "أون لايف" و"اكسترا" وأخري علي وشك الانطلاق. بجانب النيل للأخبار وقطاع الاخبار. فجميعهم لم يرتب ملفاته الاخبارية. ويتعامل بمنطق رد الفعل وليس السعي إلي الفعل المضاد. اي مقاومة الارهاب وببرامج منظمة وافلام ووثائق مستمرة. للأمانة حدث هذا فقط علي قناة واحدة في مواجهة إرهاب قطر.. ولكن متي تصبح خرائط الإعلام معبرة عن احتياجات المصريين؟ ومتي يستكمل مجلس الاعلام اجهزته؟.. وقبل هذا.. متي يصدر قانون المعلومات؟ ومتي نشعر بالتغيير في مواجهة أزماتنا؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف