عباس الطرابيلى
هموم مصرية أبوشقة .. أديباً
نعرف بهاء الدين أبوشقة نائباً للنائب العام.. ومستشاراً.. وقاضياً.. ونعرفه أيضاً سياسياً بارعاً وحزبياً أثبت جدارته لكى يجلس على الكرسى الذى جلس عليه عظماء حزب الوفد على مدى تاريخه.. ونعرفه أيضاً مشرعاً أى رجل تشريع، فهو ولمدة ثانية كذلك، يشغل موقع رئيس اللجنة التشريعية والدستورية فى مجلس النواب.. بل ونعرفه كذلك رئيساً للمجموعة البرلمانية لحزب الوفد، ومتحدثاً باسمه.. تماماً كما نعرفه- أيضاً- محامياً جنائياً غير تقليدى. بل هو فى مقدمة هؤلاء جميعاً.. ولكن أن نعرفه أيضاً أديباً.. وقاصاً.. وصاحب قلم سلس ومهذب.. ورقيق الحاشية فهذا ربما يغيب عن أغلب القراء.. ولكن تلك هى الحقيقة..
<< ولقد عرف تاريخ القصة والأدب كثيرين من المحامين- وبالذات فى القطاع الجنائى- برعوا فى الأدب. كما برعوا فى المحاماة.. وأجادوا فى القصة، كما أجادوا فى عملهم فى النيابة العامة.. أو جلسوا على منصة القضاء.. تماماً كما نعرف عدداً من الأدباء- المحامين- أثبتوا جدارتهم فى النيابة.. ثم خلال عملهم فى القضاء الجالس.. وأخيراً فى عملهم فى المحاماة، أى فى القضاء الواقف.. ومن هؤلاء- على مدى تاريخنا الأدبى ربما يكون الدكتور محمد حسين هيكل باشا هو البداية.. ربما بسبب قصته التى هى أولى روايات الأدب العربى الحديث «زينب» رغم أنه انخرط فى العمل السياسى منذ شق طريقه عضواً بحزب الأحرار الدستوريين ومنذ عمل بالصحافة إلى أن صار رئيساً لهذا الحزب ورئيساً لمجلس الشيوخ، ولكن مَن مِنا ينكر كتابه «الرائع» عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أو كتابه عن الفاروق عمر.
<< ومن ينكر منا عبقرية توفق الحكيم الذى اكتشفنا عبقرياته الفذة منذ سجلها فى «يوميات نائب فى الأرياف» وما تبعها من إنتاج أدبى شديد الروعة.
وربما هناك من يتذكر منا كاتباً اشتهر أديباً وقاصاً رغم أنه- أيضاً- كان محامياً مشهوراً، هو محمد كامل حسن، مؤلف العديد من القصص والأفلام..
إلى أن قرأت كتابه الأخير «أغرب القضايا» الذى صدر منذ أيام.. ورغم أننى أعرف أنه سبق أن قدم الكثير من القصص والروايات للإذاعة المصرية، عندما كانت هناك إذاعة مصرية!!، وأعلم أيضاً اهتماماته وشغفه بالكتابة الإسلامية والعظات والعبر التى قدمها لنا وهو يروى لنا بأسلوبه الأدبى هذه التراجم الإسلامية بكل ما فيها من حكم ودروس.. وعظات.. ذلكم هو المستشار: بهاء الدين أبوشقة..
<< ولكنه فاجأنا- وبشدة- عندما قدم لنا كتابه هذا «أغرب القضايا» عن مكتبة جزيرة الورد.. والكتاب يضم «دستة كاملة» من أغرب القضايا التى عرفها عن قرب، طوال عمله القانونى نائباً.. وقاضياً.. ومحامياً صنديداً.. دستة كاملة، تصلح كل حكاية منها لعمل روائى طويل على هيئة فيلم سينمائى أو يشد عيون الناس كمسلسل تليفزيونى رائع.. لأن أعظم ما فيها كلها أنها من واقع الحقيقة.. وليست من بنات الخيال. وهو نفسه يؤكد ذلك فى مقدمته.. قائلاً: «أكاد أجزم أن هذا الكتاب هو واقع وأحداث حقيقية شهدتها محاكم مصر المختلفة.. وهو ثمرة جهد طويل من التعامل مع القضايا.. وهى وقائع حقيقية رغم الغرابة الشديدة فيها.. وتجعلها أغرب من الخيال والتصور..
<< «دستة كاملة» قدمها لنا بهاء أبوشقة.. ولكننى أضعها كلها أمام عيون المشتغلين بالدراما المصرية، وكفاية والنبى اختلاق أفكار ليست فينا.. لأن ها نحن هنا نجد أمامنا 12 كنزاً أدبياً أكثر من رائع أجمل ما فيه أنها- كلها- من أرض الواقع.. وإذا كان مستحيلاً أن نقدم شرحاً لهذه «الدستة» غالية القيمة فى مبناها وفى معناها.. فلا أقل من أن ندعو الناس إلى قراءتها.. ربما يتحرك أحد الباحثين عن الإثارة «الواقعية» ليتلقف كل هذه القصص ويحولها إلى أعمال فنية.. فينك يا مخرج الروائع حسن الإمام..
<< شكراً بهاء بك على هديتك لنا- تلك الرائعة- سواء كنت أديباً مفوَّهاً.. راسخاً.. أو مستشاراً مشرعاً بارعاً.. أو سياسياً لا يشق له غبار..