الجمهورية
صلاح الحفناوى
التربية والتعليم.. وعشوائية "التفوير¢
بما أن وزارة التربية والتعليم لا تقرأ ما يكتب عنها.. أو تقرؤه وتتجاهله.. أو تقرؤه ولا تتجاهله ولكن لا تأخذ به أو تناقشه.. أقترح علي العاملين في الوزارة ممارسة المزيد من التجاهل.. بقضاء بعض الوقت في قراءة منهاج الدراسات الاجتماعية للصف الثالث الإعدادي.. ليعرفوا مع الطلاب قارات العالم وتضاريس العالم والمناخ والنبات الطبيعي في العالم وجغرافية سكان العالم والسلالات البشرية في العالم وتوزيع السكان في العالم وخصائص السكان في العالم.. هذا بالطبع هو الجزء الجغرافي الأول من الدراسات الاجتماعية التي لا أعرف سببا واحدا لتسميتها بالدراسات الاجتماعية.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا.. ما جدوي وقيمة مثل هذه المعلومات وما الذي تضيفه لطفل في الثالثة أو الرابعة عشرة من العمر.. ما جدوي ان يعرف الطالب في هذه المرحلة المبكرة من العمر اسماء الانهار في الصين ومواقع التعدين في جنوب افريقيا والخصائص السكانية في اوروبا.
والصورة لا تختلف كثيرا في باقي ما يدرسه طالب الصف الثالث الاعدادي من مناهج.. العربي بقواعده التي يعترف اساتذة المادة انها كانت قبل سنوات تدرس لطلاب الثانوية العامة.. ومختارات النصوص السمجة الثقيلة البعيدة عن روح العصر.. والعلوم والرياضيات وغيرها من المواد المليئة بالحشو الحافلة بمظاهر التعقيد.
المناهج مشكلة المشاكل في نظامنا التعليمي.. وهي المسؤول الاول عن تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية وعن كراهية الأبناء للمدرسة والمدرسين والعام الدراسي.. وتطوير أو "تفوير" التعليم كما قال وزير التربية والتعليم في جلسة البرلمان يوم الاثنين الماضي كان يجب ان يبدأ من المناهج العقيمة.. التطوير او التفوير كان يجب ان يبدأ بوضع مناهج تحترم آدمية الطالب وتترك لديه وقتا يمارس فيه الانشطة الفنية والرياضية والادبية.. بدلا من الانكفاء علي الكتب منذ اليوم الأول للعام الدراسي وحتي ما بعد الامتحانات.
وما دمنا نتحدث عن خطط التربية والتعليم لتطوير أو تفوير التعليم تعالوا نتوقف قليلا امام القرار الذي تراجعت الوزارة عن جزء منه.. قرار التطوير العبقري الذي يجعل التربية الرياضية مادة رسوب ونجاح تضاف درجاتها الي المجموع في نهاية العام في المرحلة الابتدائية.. ثم اعتبارها مادة رسوب ونجاح دون اضافة درجاتها الي المجموع بعد القرار التصحيحي من الوزارة.
ودعونا نتساءل من باب التسلية وإضاعة الوقت.. هل زار من وضع هذا القرار مدارس القري والنجوع.. هل يعلم من وضع هذا القرار بوجود عجز في مدرسي التربية الرياضية.. وبخلو عدد هائل من المدارس من اي مقومات لممارسة الانشطة الرياضية سواء ملاعب او أدوات أو تجهيزات.. وان نشاط التربية الرياضية يعد ترفا لا قبل لمعظم مدارسنا به.. فكيف سيتم تطبيق القرار وكيف سيمارس التلميذ النشاط الرياضي في مدارس بلا مدرسين ولا ملاعب ولا ادوات ولا تجهيزات.
هذا نموذج من نماذج التخبط في القرارات والعشوائية في وضع خطط التطوير وغياب الاولويات عن صانع القرار التربوي.
تطوير التعليم او "تفويره" اصبح يدور في فلك جعل الثانوية العامة ثلاث سنوات والغاء الشهادة الابتدائية والغاء نظام الفصلين الدراسيين وجعل التربية الرياضية مادة اساسية والغاء الكتاب المدرسي الورقي.. مع استمرار المناهج العقيمة المليئة بالحشو ومع استمرار مكتب التنسيق.. وقبل ذلك مع استمرار الحالة المتردية للابنية المدرسية.. لنجد انفسنا امام قرارت عشوائية تحول حياة الاسرة المصرية الي جحيم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف