المصريون
جمال محمد الملط
"احنا فقرا أويييييييييي ......"
كلمات يملؤها المرارة نطق بها الرئيس عبد الفتاح السيسي واصفا حال مصر وواقعها الاقتصادى والمالى المؤلم ردا على مطالب شبابية فى أحد المؤتمرات الدورية التى يشترك فيها الرئيس مع شباب الأمة.
وقد هال البعض منا أن يسمع تلك الكلمات الصاروخية المحبطة من فم أكبر شخص مسئول فى الدولة وهو الرئيس .
ومصدر قلق المصريين ليس حنقا على تلك الكلمات المؤلمة والمحزنة ولكن لأنها تصف الحالة الواقعية التى اطلع الرئيس على تفاصيلها بحكم موقعه الرفيع فى سدة الحكم . ولكن هل فعلا كان هذا هو حال مصر وواقعها الاليم ؟ بمعنى هل مصر دولة فقيرة حقا؟
وللإجابة عن هذا السؤال المحورى الهام يجب علينا أولا ان نفرق بين الثروة الوطنية – من جانب - وبين الدخل القومى أو ايرادات الدولة السنوية التى كان الرئيس يقصدها فى رده على الشباب – من الجانب الآخر..

أولا :الثروة الوطنية :ـ
آراء جميع الخبراء و المتابعين للشأن المصري سواء كانوا من أبناء الوطن أو من خارجه؛ اتفقت على أنه كيف لدولة - مثلنا- تحوز أصولا غير مستغلة قدرها الاختصاصيين بنحو مئة ألف مليار دولار ولديها بالإضافة لما سبق مستحقات سيادية ديناصورية من ضرائب ورسوم ونحوها مهدرة، أن تكون –لا سمح الله- فقيرة...! صحيح أن معدلات التضخم عن السنوات الماضية مرتفعة بل واللاحقة أيضا مرشحة للارتفاع ، بل يمكن القول أن جميع المؤشرات الاقتصادية الكلية فى مصر سيئة، ولو أن الإدارة الاقتصادية والسياسية حاليا تناضل بضراوه لكى تغير من الوتيرة التى تسير بها الامور.
إن مصر بكل الحقيقة دولة غنية جدا بمواردها غير المستغلة غير انها فقيرة للغاية من وجود إدارة رشيدة وأساليب متطورة للحوكمة وللادارة الاقتصادية للمشروعات القائمة، وتلك مشكلة يواجهها الرئيس السيسي ويحاول ايجاد حلول لها، وهذا هو مربط الفرس فى الانطلاق للنمو الاقتصادى الذى يرغب الرئيس السيسي فى إدراكه واللحاق بركب الدول المتقدمة.
ونستعير بعض الأقوال من ساسة أجانب وأوربيون يعرفون جيدا قدر مصر ومواردها فهناك السيدة "كاثرين أشتون" رئيسة المفوضيه العليا للاتحاد الاوربى تقول "إن مصر لديها ثروات تكفى لمساعدة ربع الدول الاوربية، وأن ما تم سرقته وإهداره خلال الـ 15 سنة الاخيرة من حكم الرئيس مبارك كان يكفى لظهور ملايين الاثرياء بثروات مليارية"... وهناك السيد " مهاتير محمد" صاحب المعجزة الماليزية ورئيس وزرائها الاسبق الذى أكد خلال زيارته لمصر اننا نملك ثروات ضخمة تكفى لمساعدة أكثر من خمسين دولة.

موارد ضخمة مخبئة فى أحشاء أراضينا:ـ
وفقا للغة الأرقام التى لا تكذب ولا تتجمل وحسب التقارير الرسمية المصرية نحصر بعض من الثروات على النحو الآتى :
-احتياطيات من خام الحديد تقدر بحوالى 400مليون طن موجوده فى اسوان والواحات البحريه والصحراء الشرقيه
-جبل من الذهب فى منجم السكرى بمخزون يقدر بحوالى خمسة ملايين اوقيه علما بانه الموقع الوحيد المعلن عنه ضمن 270 موقع اخر فى انتظار استخراج الذهب منها
-مخزون من خام الفوسفات موجوده بمناطق المحاميد واالمناطق المجاوره لها و ساحل البحر الاحمروابوطرطور يصل لحوالى عشرةألاف مليون طن ويصل سعر الطن منها فى السوق العالمى الى 80 دولار اى ان مخزون الفوسفات يصل الى 800 مليار دولار
-مخزون من خام المنجنيز موجود فى سيناء يقدر بحوالى 175 الف طن
-مخزون من الرمال البيضاء التى تدخل فى صناعة الزجاج وشرائح الاجهزه الكهربيه والاسمنت يقدر بحوالى 20 مليار طن من الرمال و تفرط الدوله فيها ببيعها بسعر ااااقل من الجنيه للطن الواحد
-ووفقا لتقرير اعدته هيئة المساحه الجيولوجيه الامريكيه حول الكميات التى يمكن استخراج البترول والغاز منها على مستوى العالم فقد تأكد ان حوض دلتا نهر النيل والضهير البحرى له من البحر المتوسط بهما اكبر التقديرات على مستوى العالم فتحتوى على 1800 مليار برميل بترول و223 الف مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعى وحوالى ستة مليار برميل غاز مسال ؛ بالاضافه الى خمسه مليارات برميل بترول ،و112 الف مليار قدم مكعب غاز فى منطقة البحر الاحمر.
-وفقا لدراسه اعدها مركز المعلومات واتخاذ القرار فى مصر التابع لمجلس الوزراء اكد ان مصر تمتلك اكبر مخزون من الرخام والجرانيت على مسنوى العالم وانه يمكن لمصر ان تصدر بما قيمته مليارى دولار سنويا اذا احسن استغلال المحاجر
-مئات الملايين من الاطنان من الرمال السوداء التى تدخل فى صناعة السيراميك ، حيت تفرط الدوله فيها ببيعها بسعر 45قرشا للمتر المكعب فيما ان سعره العالمى وصل الى عشرة دولارات
-كميات كبيره من التلك والكبريت والكوارتز والالاباستر والحجر الجيرى.
الخلاصه ان مصر دوله قويه بمواردها الكثيره والمتنوعه التى ذكرنا بعض منها على سبيل المثال ،وامكاناتها جباره وانها مرشحه لتكون من الدول الغنيه بكنوزها غير المستغله لكن احتياجها الملح هو اداره رشيده مبدعه جاده تستفيد من استغلال الموارد الاستغلال الامثل وايقاف الهدر وتفادى الانفاق غير الضرورى .
ثانيا :الايرادات السنويه للدوله
وتلك –بكل تأكيد- كانت هى المقصوده فيما قاله الرئيس السيسي ...فقد حققت ايرادات الحكومه العام الماضى –وفقا لوزاره الماليه – 652 مليار جنيه (اى حوالى 37 مليار دولار مقدره وفقا لسعر التحويل الحر) فاذا اجلنا ببصرنا حولنا فى دول اخرى كاتركيا –مثلا –نجدها حققت عن نفس العام ايرادا عاما قدره 177 مليار دولار اى فوق الاربع اضعاف ونصف مصر علما بان سكانها يبلغوا 75 مليون نسمه بينما مصر تتجاوز المائة مليون نسمه ...وحققت كوريا 299 مليار دولار اى ثمانية اضعاف مصر على الرغم من عدد سكانها يصل لنصف عدد سكان مصر.
والسؤال هنا : كيف يتقدم الاقتصاد المصرى ليلحق بركب التقدم التى تسير فيه تلك الدول ؟كيف يلحق بنفس ايراداتها؟ ويقر الخبراء ان كل دولار زياده فى ايرادات الحكومة يحتاج الى 5 دولارات استثمارات تدخل مصر ..اى اننا نحتاج الى 700 مليار دولار استثمارات خارجيه تدخل مصر. ولكن ليس اى استثمار ! وهنا يبرز فرس الرهان وهو القطاع الاكثر فاعليه فى تحقيق الايرادات وهو القطاع الصناعى .صحيح ان الاستثمار فى جميع قطاعات الاقتصاد كالزراعه والسياحه والعقارات وغيرهم مهمه لكن القطاع الصناعى له من القدره على تحقيق الانطلاق بمعدلات تفوق كثيرا باقى القطاعات ولن نستطيع تحقيق تلك القفزه الصناعيه الا اذا كان الانتاج موجه للتصدير.باختصار فان المستهدف ان ترتفع صادراتنا للعالم الخارجى من 25 مليار دولار سنويا (الواقع الحالى ) لتصل الى فوق ال 150 مليار دولار،(فيتنام تحقق 162 مليار دولار ،تركيا تحقق 144 مليار دولار). وتلك كانت الخطط التى سبقتنا فيها كثير من الدول ذات الكثافةالسكانيه الكبيره مثل المانيا واليابان والصين ونجحت فعلا فى تخطى عنق الزجاجه والانطلاق الرحب الى افاق الرفاهه الاقتصاديه .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف