الأخبار
طاهر قابيل
الذئاب والخراف
في طفولتنا كان الكبار يقصون علينا حكايات ليربوا فينا المبادئ التي سنعيش عليها.. ومن تلك القصص حكاية »الراعي والذئاب»‬.. فيحكي أنه في إحدي الأيام سمع أهالي القرية راعياً صغير السن يصرخ بأن ذئبا يهاجم الغنم فأسرعوا إليه.. وعندما وصلوا له وجدوه يسخر منهم ضاحكا.. تكرر الموقف أكثر من مرة.. وفي إحدي المرات صرخ الراعي بأن الذئاب تهاجم خرافه.. فتجاهله أهل قريته.. وكان الأمر هذه المرة حقيقة والتهمت الذئاب خرافه وظل يبكي لضياع ثروته.
تعلمت من القصة عدم الكذب.. ومنذ أن بدأت عملي الصحفي وأنا لديّ مبدأ أن أخسر خبرا غير متأكد من صحته ولا يأتي تكذيبا له.. والحمد لله حتي الآن لم تكذب لي حتي معلومة كتبتها في مقال.. فعندما كنت محررا فنيا في صفحة الإذاعة والتليفزيون كنت أصعد سلالم »‬ماسبيرو» لأحصل علي الأخبار من مصادرها وأتأكد منها إن كان لها طرف آخر.. وعندما اشتغلت محررا قضائيا كنت أقطع القاهرة والجيزة بصورة شبه يومية لأصل إلي كل دوائر محاكم الجنح.. وأجلس لأقلب في كل أوراق القضايا لاختار ما يصلح منها للنشر.. وقبل وبعد كل ذلك اشتريت من علي الرصيف أمام نقابة المحامين كتيبا لقانون العقوبات.. وجلست أياما أطالعه حتي أري مدي تطابق الأحكام مع القانون.. وكان هذا سببا في تعرفي وصداقتي مع أحد القضاة الذي وصل إلي منصب محامي عام أول للجيزة عندما ناقشته في أول لقاء لنا بأنه يعطي أقصي عقوبة.. وكان رده بعد أن عرف أنني لست خريج كلية الحقوق أنه عندما يتأكد من الإدانة يصدر حكمه بأقصي عقوبة.. وعلي نفس النهج كنت منذ أن بدأت عملي كمحرر عسكري فقد كانت هدية صديقي - رحمة الله عليه - والذي يكبرني بثلاثين عاما كتابان عن الحرب العالمية الثانية.. وكنت حريصا في كل خطواتي أن أشتري المجلات التي تتحدث عن الأسلحة والمعدات وأتناقش مع القادة والخبراء فيها حتي لا أقع في خطأ في أثناء كتابتي أي تغطية أو خبر.
قد يسألني البعض لماذا أكتب هذا.. والسبب أننا نعيش فوضي إعلامية لتكاسل الكثيرين عن التأكد من المعلومة وخاصة المكتوبة علي لسان مصدر مسئول.. فيطلقونها علي المواقع أو إلي صحفهم بدون أن يكلفوا أنفسهم بذل مجهود للتأكد من صحتها.. وقد استغل »‬إخوان الشياطين» التراخي لدي الإعلاميين ليبثوا سمومهم عبر »‬السوشيال ميديا »‬ ليلتقطها قليلو الخبرة لينشروها عبر برامجهم التليفزيونية ثم يعتذرون بأنهم وقعوا ضحية خديعة!.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف