الأهرام
راندا يحيى يوسف
السلطان والقديس
كثيراً ما تلعبُ الأفلام الدرامية دوراً قوياً فى مخاطبة الجماهير لتوصيل رسالة بعينها من خلال أحداث متتالية مغلفة بإطار من الحبكة الفنية والكثير من المؤثرات السمعية والبصرية حتى تترك الأثر المطلوب فى عقل ووجدان المُتلقى ، ولكن من النادر ان تجد فيلمًا وثائقيًا له نفس الأثر ان لم يكن أشد ..
منذ أسابيع حظيتُ بشرف حضور عرض فيلم " السلطان والقديس" الحاصل على 18 جائزة أمريكية ودولية فى عام واحد ، والذى يتحدث عن المحاورات بين السلطان الكامل والقديس فرانسيس الأسيزى أثناء فترة الحروب الصليبية ، وما جذب إنتباهى أكثر من وقائع الفيلم ومضمون رسالته السامية – هو قيمته الحقيقية التى تخاطب كافة الأديان ، فهو يتحدث عن الإنتماء للرسالة الإنسانية فى حد ذاتها والتى لاتحددها شهادة ميلاد ولا أداء طقوس جامدة ، ولكنها رسالة الفطرة التى فطر الله الناس عليها ، لقد هزّ وجدانى عمق المضمون وابداع التناول ، وتقاذفت الكلمات إلى خيالى أثناء وبعد المشاهدة بأننا لن نحمل هويتنا الدينية التى نكتبها فى بطاقتنا الشخصية عندما نفارق هذا العالم ، وإنما سنحمل معنا ما تشبعت به قلوبنا ، فالفيلم من وجهة نظرى عبارة عن دعوة واضحة ليراجع كل إنسان نفسه ويرى فى الرسالات السماوية رسائل الحب والسلام والرحمة ونبذ خطاب الكراهية ومحاولة فهم الآخر ومخاطبته عن علم وبينة ، لقد نجح الزميل "عزت إبراهيم" رئيس تحرير جريدة الأهرام ويكلى فى تنظيم عرض فيلم هادف وممتع ذو قيمة إنسانية رفيعة ، وهو من النوعية التى يجب ان يشاهدها الشباب بكثرة ، وأتمنى ان تتبنى وزرارة الثقافة المصرية عرض هذا النموذج فى دور الثقافة المختلفة فى المحافظات ؛ لفتح أذهان الشباب وتشجيعهم وتوسيع مداركهم بكيفية فتح الحوار الحقيقى ، وربط أنشطتهم اليومية بحضور الأحداث الثقافية الهامة والملهمة والتى سيكون لها أبلغ الأثر فى تغيير توجهاتهم فيما بعد بإعتبارهم نواة المجتمع ، كما أتمنى ان يصبح هذا النموذج من الأفلام بداية لعرض سلسلة متتالية من هذا النوع وليس فيلما واحدا .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف