الوفد
م. حسين منصور
شارع المبتديان وانتصار دولة الفساد
فى أواخر السبعينيات عندما كنا طلبة بالثانوى ثم الجامعة كان شارع المبتديان منفذًا للتجوال والسير الممتع مع الأصدقاء فقد كان هو الشريان الواصل بين حى السيدة زينب بضجيجه وازدحامه وحى جاردن سيتى الهادئ المخملى.. وكلما مررنا من ميدان السيدة زينب قادتنا أقدامنا إلى ناصية شارع المبتديان أمام مدرسة السنية الشهيرة (قصر البرديسى التاريخى) لنذهب إلى محل سوبيا الرحمانى ومنتجه المميز ثم ندلف إلى معرض الكتاب الدائم لدار الهلال الذى كانت تقيمه فى رمضان ثم صار مفتوحًا طوال العام.. ثم نتجه إلى مقهى المالية الذى مضى واختفى..
< كان أتوبيس 12 الشهير ينقلنا لجامعة القاهرة يخترق شارع المبتديان ذهابًا وإيابًا أى أنه كان يسمح بالمرور فى اتجاهين وكان الشارع يتميز ببناياته السكنية الشاهقة الكلاسيكية لاسيما فى تقاطعاته مع شوارع القصر العينى أو نوبار أو منصور.. وظلت بناية دار الهلال الشامخة دليلاً على الطراز الرومانى الشاهق بضخامته الكتلية شاهدًا على التنوير والثقافة وكان فى مقابلها مكتبة الهيئة العامة للكتاب الجاذبة بهدوئها ومعروضاتها القيمة.
< شارع المبتديان الذى كان شاهدًا على توسعات عبدالهادى الحلوانى الشهير فى السبعينيات بمحله الأصلى فى بداية الشارع ثم توسعه ببرجه الشاهق الذى احتل فيه الدور الأرضى معرضًا فخمًا للحلويات الشرقية.. مضى الزمن واختفى عبدالهادى وحل البنك الأهلى مكان محله الأصلى أما معرضه الكبير فقد تحول إلى محلات ملابس وطعام ومحمول وشركات اتصال..!!
< أزيلت العديد من العمارات السكنية البديعة لتقف مكانها أبراج مشوهة للنسق العام للشارع ولم تزل مخلفاتها باقية بعد عقد ويزيد من البناء.. فتحت العديد من المقاهى السوقية التى تحتل الشارع بالقوة دون ضابط أو رابط.. احتلت موتوسكلات محلات الطعام الأرصفة وسكنت القمامة والمخلفات جوانب الشارع بصورة مزرية. وأصبح السير متعثرًا وفى اتجاه واحد..!!
< وقام موقف عشوائى للميكروباص أمام مدرسة السنية وتحول الشارع إلى سويقة ممتدة وتحول الأسفلت إلى شارع ترابى تعوق الحفر والمطبات طريق السير فيه وأصبحت البلطجة هى الحاكم الأمر بالشارع فى اختفاء مشبوه للدولة والقانون.
< تحول شوارع القاهرة المختلفة الرئيسية إلى ممرات وأسواق مزدحمة هو نحر وانتحار متعمد للقاهرة التاريخية الحديثة وإهدار مقصود لمعانى التحضر واحترام المواطن وتنمية الحس والذوق العام لحساب العشوائية وترييف المدينة والقضاء على معانى القانون واحترام الحقوق ودعوة مفتوحة ومستمرة للبلطجة والعنف.. وانتصار لدولة الفساد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف