إعلان وزارة الاسكان انه لا تصالح في مخالفات البناء يؤكد هيبة القانون والدولة.. ويعطي الاشارة بأننا في الطريق السليم لتحقيق الالتزام الذي نفتقده ويؤدي إلي انتشار الفوضي والعشوائية للحد الذي أصبحت فيه سرطانا يهدد مسيرة الانطلاق بالمشروع الوطني الذي تتبناه القيادة السياسية بعد ثورة 30 يونيه التي أزاحت كابوس هدم كيان الدولة.
قالت المهندسة نفيسة هاشم مساعد وزير الاسكان: إن رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي كانت واضحة بشأن رفضه للقانون وأنه من الأفضل منع المشكلة من الاساس بمنع البناء المخالف.
فتح الباب للتصالح في مخالفات البناء معناه ببساطة أننا نقول للمواطن خالف القانون الذي وضعناه لأن دوام الحال من المحال أمام الضغوط.. وسوف تحصل علي الحصانة للبناء المخالف تحت دعاوي الحفاظ علي الثروة العقارية التي تم إقامتها.. أو حماية حقوق من يقيم في هذه المباني!!
المنطق والقانون يلزمان من يشتري شقة في بناء جديد أن يذهب إلي الحي التابع له ليستفسر عن الترخيص حتي يضمن عدم التغرير به.. فهل نفعل ذلك؟!
أيضا القانون يلزم من يقوم بالبناء أن يتقدم للحصول علي رخصة وبالتالي يتقدم برسم هندسي يتم مراجعته بدقة ويراعي فيه ألا يرتفع المبني عن عرض الشارع بأكثر من مرة ونصف المرة.. وأن يكون هناك جراج للعمارات التي ترتفع إلي عشرة طوابق.. إلخ من الضوابط التي تحقق سلامة البناء وتوافر الخدمات وضمان حقوق المجتمع والمواطنين.. لكن المخالفين يتغافلون عمداً عن ذلك.. ويقومون بالبناء وبيع الشقق للمواطنين وتحقيق أرباح تفوق الخيال.. فهل نتركهم يتربحون ويفلتون بفعلتهم؟!
بصراحة المرحلة تحتاج إلي ثقافة جديدة تحافظ علي الحقوق والواجبات ولا تعتمد علي الفهلوة والالتفاف علي القانون واستغلال فساد وإهمال المحليات لاقامة مبان وعمارات شاهقة بدون ترخيص.. مما يؤدي إلي تفاقم المشاكل في المجتمع!!
نشاهد بيوتا في مناطق شعبية وحارات ضيقة يتم هدمها بين عشية وضحاها لإقامة عمارات شاهقة رغم ان القانون لا يسمح بذلك.. ونري فيلات في أماكن كثيرة يتم إزالتها في أيام معدودة لترتفع بدلا منها الابراج دون مراعاة لخدمات المياه والصرف الصحي وكافة المرافق التي كانت مجهزة فقط لمبان محدودة.. وفجأة تصبح هذه الشبكة مسئولة عن مئات الشقق التي يقيم فيها آلاف البشر.. وتكون النتيجة انقطاع المياه وطفح الصرف الصحي!!
أيضا لا يلتزم القائمون علي بناء هذه المباني بإقامة جراجات ويحولون الدور الأرضي والبدروم إلي محلات وكافيهات علي حساب المصلحة العامة فتزداد المشاكل تعقيداً بإرتباك المرور وإنسداد الشوارع بالسيارات!
تنفيذ القانون الذي تصدره الدولة علي الصغير والكبير يؤكد المصداقية والقدرة علي تحقيق برامج البناء والتقدم الذي نتطلع إليها في مصر الجديدة.. كما أنه يمنع كوارث مجتمعية نحن في غني عنها.
ولعلنا نفعل ذلك في كل أمور حياتنا ونطبق القانون والقواعد التي توفر حياة آمنة للمواطن.. فهل نفعل؟!
أتمني.