الأخبار
اسامة السعيد
من لا يملك.. ومن لا يستحق
بعد غد سنكون علي موعد مع مائة عام من الألم.. قرن كامل من الغدر والتلاعب بمقدرات شعبنا العربي.. 100 سنة من الخيانات والقتل والدم والتخريب المتعمد لواحدة من أغني وأهم مناطق العالم.
بعد غد تحل الذكري المئوية الأولي لوعد بلفور الشهير، وهو الوعد الذي أطلقه وزير الخارجية البريطاني، آرثر جيمس بلفور في 2 نوفمبر 1917 إلي اللورد اليهودي الشهير ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلي تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وكان ذلك بمثابة أول إعلان رسمي عن تأييد حكومة لندن، القوة العظمي في ذلك الوقت، لأطماع الصهيونية في فلسطين، وما بعد ذلك الوعد كان جريمة مكتملة الأركان ضد الإنسانية، لم يحاكم أحد عليها حتي اليوم.
حين صدر الوعد المشئوم، وعد من لا يملك لمن لا يستحق، كان تعداد اليهود في فلسطين لا يزيد عن 5% من مجموع السكان، وقد أرسلت الرسالة قبل شهر من احتلال الجيش البريطاني لفلسطين، فإذا بقوات لندن تدخل بثقلها لتمهد الطريق لاحقا لعصابات الصهيونية كي تغير وجه وطن عرف الحضارة قبل أن تولد بريطانيا نفسها، وكي يساعد تلك العصابات علي إقامة دولة ستظل نموذجا شاذا في التاريخ كله، فهي المرة الوحيدة التي تنجح فيها عصابات إجرامية وإرهابية في تأسيس دولة يعترف بها العالم!!
إن جرائم التاريخ أمر واقع، لكن الإصرار علي التضليل وترويج الأكاذيب هو الجريمة الحقيقية، فبريطانيا حتي اليوم لا تعترف بأنها أخطأت بذلك الوعد المخزي، بل إن رئيسة وزرائها الحالية تريزا ماي أعلنت أن حكومتها ستحتفل بالذكري المئوية للوعد، وكأن دماء الملايين من الفلسطينيين والعرب التي سالت جراء أفعال دولتها لا تساوي اعتذارا ولو معنويا، وكأن الحروب التي أشعلها وجود الكيان الصهيوني في الجسد العربي لا يستحق عناء الاعتراف بالخطأ.. لكن منذ متي كانت السياسة العالمية تعرف الأخلاق، أو تكترث لدماء الأبرياء؟!
تخيلوا مصير وواقع منطقتنا العربية إذا لم يكن فيها إسرائيل، تخيلوا أن كل ما أنفقناه وننفقه بسبب الصراع الذي أرادته القوي الكبري لتلك المنطقة، تم إنفاقه علي التعليم والصحة وعلي الارتقاء بجودة الحياة لشعوب المنطقة، تصوروا ماذا كان يمكن للعرب أن يقدموا للعالم إذا ما تمتعت دولهم بالسلام والرخاء الحقيقي، وليس ذلك السلام الهش مع الذئاب الصهيونية.
تخيلوا المائة عام الماضية بدون كل تلك المعارك والصراعات والويلات والحروب الأهلية التي أشعلتها إسرائيل.. بدون الجماعات الإرهابية التي زرعتها وغذتها تل أبيب في أوطاننا العربية، والأخطر بدون تلك الخلافات العربية العربية، التي أشعلتها وتشعلها إسرائيل كل يوم، والتي لا تنام إلا عندما يتصاعد ميراث الكراهية والصراعات في المنطقة، فهي المستفيد الأول دوما من كل تمزق يصيب ثوبنا العربي، فنظل دوما عراة مكشوفين!
تخيلوا عالمنا بدون إسرائيل، لتدركوا حجم الجريمة التي ارتكبها المشئوم بلفور في حقنا، ولايزال.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف