تحسبهم أغنياء من التعفف، من صفحة »كفر الزيات تتحدث عن نفسها»‬، طالعت صورة لسيدة طيبة ذكرتني بالوالدة الله يرحمها، سيدة كُمّل بضم الكاف من السيدات، والكُمّل من الكمال، والكُمّل ندرة من النساء كالحكماء من الرجال.
السيدة فكيهة طلبة عطية تحسبها من الأغنياء رغم فقرها، من فرط تعففها، وأنقل نصاً من الصفحة الذكية وباللغة العامية لعلهم يفقهون: »‬الست الجميلة دي لقت 60 ألف جنيه في الشارع، فضلت تدور علي صاحبهم، ولما معرفتش تستدل عليه، قالت لجوز بنتها ينشر »‬ بوست »‬ علي »‬ فيسبوك »‬ بالعثور علي مبلغ كبير، جالها صاحب المبلغ، إداها الأمارة، وخد فلوسه.
الفلوس طلعت بتاعت عامل في السكة الحديد، واخد قرض من بنك عشان يعالج ابنه، الراجل عرض عليها نسبة الـ10 %، وهي رفضت تاخدها عشان متخدش فلوس علاج الولد.
الست فكيهة رغم ظروفها الصعبة، واحتياجها لأي فلوس عشان تعمل عملية تركيب عدسة في عنيها، إلا إنها ضربت أكبر مثال في الحب، والوفاء، والجدعنة، والأمانة، والإخلاص، وكل القيم الحلوة المستخبية جوه معظم المصريين. الست رفضت حتي تاخد المكافأة، اللي كانت ممكن تمكنها من إجراء العملية، وفضلت تعيش بعنين تعبانة، علي أخد مبلغ من فلوس علاج مريض».
تذهلك هذه الكُمّل الفاضلة، تدهشك خصالها الطيبة، كم تمنيت أن أقبّل راسها، هو فيه كده في زمن الحرام، سيدة كل بصرها ولا تملك من حطام الدينا ما تعالج به عينيها، خبا النور ولكن قلبها منير، الشوف مش نظر، الشوف الحقيقي وجهة نظر.
ونعم من قال : »‬الخير باقٍ في أمتي إلي يوم الدين» صلي الله عليه وسلم، الخير كله يتجسد في وجه هذه السيدة الطيبة، ع الأصل دور، والست فكيهة من أصل طيب، من بيت طيب، من شعب طيب الأعراق، كل هذه الطيبة، كل هذا الكرم، أكرمك الله من فضله، وأفاء عليك من نعمته يا ست الكل.
هذا الشعب الطيب ترضيه تاخد منه عينيه، تداويه يدعيلك بالصحة، تستره يتمني لك الستر، شعب صابر وقانع وغلبان قوي وعاوز يربي عياله، ويستّر بناته، وفي الدنيا منيته أربع حيطان يتداري فيهم من غدر الزمان، وفي الآخرة حفرة وقطنة وموتة كريمة، وربع قرآن مما تيسر من آيات الذكر الحكيم، ويا أيتها النفس المطمئنة.
الشعب المصري لمن خبر معدنه، شعب أصيل، من الأصالة، شعب يعرف العيبة ويحترم الشيبة، يميز الطيب من الخبيث، ويحب الحب في أهله، ويستشعر الكره من أهله، ويأنف الكذابين والمتجبرين، صابراً محتسباً، وإن جاع وإن تعري عناية الله تظلله.
شعب يضرب الأمثال جميعاً، نموذج ومثال، شعب راضٍ بالقسمة والنصيب والمقدر والمكتوب وشعاره »‬اللي مكتوب علي الجبين لازم تشوفه العين»، شعب محب للحياة، وضحكته مجلجلة، يقهقه في وجه الزمان، ويغني يا صباح الخير ياللي معانا، وإن أحب عشق، وإن عشق يعشق جمل، شعب طيب وجدع وكريم ويسيئه اللئيم، شعب مفطور علي الصبر، ولا عمره اشتكي ولا قال آه.