هانى عسل
ماذا يقول شبابنا في شرم الشيخ؟
والله شباب مصر حيرنا معاه!
أحيانا نرى شبابا «يفرح» بحق، وأحيانا أخرى نصادف شبابا من نوع آخر يدفعنا للشعور بالقلق على مستقبل هذا الوطن!
ترتاح عندما تعرف أن معظم أبطال القوات المسلحة والشرطة الذين يدافعون بأرواحهم ودمائهم عن هذا الوطن من الشباب.
تسعد عندما تعرف أن معظم العمال والمهندسين الذين شاركوا فى حفر قناة السويس الجديدة وفى تنفيذ مشروعات محور القناة من الشباب.
تشعر بالفخر عندما تعرف أن معظم بناة العاصمة الإدارية الجديدة من مختلف التخصصات هم من الشباب.
تشعر بالاطمئنان عندما تعرف أن معظم المشاركين فى المشروعات القومية الكبرى، من عمال ومهندسين وإداريين وفنيين، هم أيضا من الشباب.
تشعر بالارتياح عندما ترى من الشباب أيضا متفوقين ومبدعين وموهوبين فى مجالات مختلفة، فى الفن والآداب والعلوم والرياضة والاقتصاد، فهذا فائز بمسابقة اختراعات، وهذا فائز بمسابقة فى القراءة، وهذا فائز فى مسابقة لحفظ القرآن، وهذا فائز بجائزة عالمية فى العلوم، والجميل أن معظمهم من الكادحين، ومن أبناء الطبقات البسيطة، أو ربما من ذوى الاحتياجات الخاصة.
ولكنك فى المقابل تشعر بالقلق والفزع عندما تسمع عن شباب كل مهمته فى الحياة أن «يطلب» و«يريد» و«يشكو» و«يعترض» و«يسخر» فقط، نفس المهمة التى يقوم بها أى «قاصر» يتقاضى مصروفه اليومى من «بابا وماما» للإنفاق على فواتير النت والمحمول وقعدة القهاوى والمولات والوقفة على النواصي، وربما الدخان، وأشياء أخرى، ثم تجده عندما يكبر يسخر من أبيه وأمه لأنه «مش عارف يعيش»، و«محبط»، وتجده يصرخ فيهما بوقاحة «ما تشوفوا الناس عايشة إزاي»!
وللأسف، عانت مصر لسنوات من إصرار غريب على تصدير النموذج الثانى «الرديء» على أنه «الصورة النمطية» لشباب مصر، لا النموذج الأول.
فشباب مصر بالنسبة للنخب، وفى الإعلام، شباب «محبط»، «يائس»، «متذمر»، رافض لكل ما حوله، يفتقد الانتماء، لا يفكر إلا فى الهجرة، أو التطرف.
أما النموذج الآخر، فهو بالنسبة لهم «قلة»، و«حالات نادرة»، أو «محظوظون»، أو «مسنودون»، أو «مرضى عنهم»، وغير ذلك من تفسيرات الكسالى والفاشلين!
أصحاب هذا الرأى يحدثوننا دائما عن الشباب وطلبات الشباب وأحلام الشباب، ولكن أحدا منهم لم يفكر يوما أن يطالب الشباب بشيء!
بالله عليكم من الذى يجب أن يطلب من من؟ هل الشباب هو الذى يفترض أن «يطلب» من أسرته ووطنه ومجتمعه، أم أن العكس هو الصحيح؟ بمعنى لو أنت شاب، حدثنى عما يمكن أن تقدمه لبلدك أولا، قبل أن تحدثنى عن «الطلبات»!
احلم لوطنك أولا، أو حتى احلم لنفسك، أو لأسرتك، أو حتى لأصدقائك، ولكن الأحلام شيء و«الطلبات» شيء آخر!
وبمناسبة الحديث عن «الشباب»، فإننى على ثقة فى أن شباب مصر الذين تم اختيارهم للمشاركة فى مؤتمر شباب العالم بشرم الشيخ بحضور 3 آلاف شخص هم من النوع الأول، نوع الشباب «اللى يفرح بجد»، ولهذا، سيكون المؤتمر فرصة لتقديم صورة شباب مصر النمطية «الحقيقية» أمام وفود شباب العالم، ليس هذا فحسب، بل ستكون هذه المناسبة فرصة نادرة للتحاور بين الشباب المصرى وشباب من دول العالم المختلفة لشرح حقيقة ما يجرى فى مصر، خاصة وأن الصورة «الرديئة» عن شباب مصر «المتذمر» و«المحبط» و«المقموع» هى السائدة الآن بالفعل فى الدول التى جاء منها هؤلاء الضيوف!
وعلى شباب مصر أن يجتنبوا «التنظير» فى المؤتمر، فمهمتهم الرئيسية التحاور مع أقرانهم من العالم بهدوء ومنطق وعقل, وعقلانية أيضا.
قولوا لهم إن مصر تحارب الإرهاب بمفردها.
قولوا لهم إن دولا بأكملها تخلت عنا، وأخرى ساندت الإرهاب صراحة بقطع مساعدات أو رفض قوانين وإجراءات مصرية.
قولوا لهم إن وسائل إعلام مرموقة لديهم تطلق على «إرهابيين» و«مخربين» أسماء «دلع» مثل «معارضين» و«نشطاء». قولوا لهم إن صنف «النشطاء» هذا لا يمثل شباب مصر.
اشرحوا لهم من وراء ضرب السياحة، ومن وراء «تطفيش» الاستثمارات.
اشرحوا لهم الحقائق حول قضية الإرهاب والتطرف وتجديد الخطاب الديني.
اشرحوا لهم مفهومنا عن الحريات، وكيف تم «ابتذال» مصطلح حقوق الإنسان!
اشرحوا لهم أن شباب مصر ليسوا الإرهابيين والمتحرشين والشواذ وأصحاب الضفائر والجينز المقطع!
ياشباب مصر, شرم الشيخ فرصة لتغيروا نظرتهم لنا، ولنغير نظرتنا أيضا لكم، ونطمئن على مستقبل بلدنا.