الجمهورية
مرعي يونس
أمريكا وإيران وبينهما العرب
يُقال إن الحرب تبدأ بالكلام.. هذه القاعدة ليست صحيحة دائماً. خاصة حينما تكون بين الأنداد.. الحرب الكلامية أحياناً تكون للتخويف والترهيب ومنع الحرب الساخنة. فالحرب الكلامية تصاعدت علي مدي أسابيع وأيام بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وكوريا الشمالية. ولم تتحول إلي حرب ساخنة.. السبب أن بيونج يانج تمتلك سلاحاً نووياً وهيدروجينياً ولديها أيضاً وسائل إيصاله للأراضي الأمريكية. كما أن كوريا الشمالية تقع في حضن الصين. وهي عملاق نووي آخر.. إذن توازن الرعب منع الحرب.
نفس هذه الحرب الكلامية انتقلت الآن إلي منطقة الشرق الأوسط التي مازالت تئن تحت وطأة الحروب الساخنة في سوريا والعراق واليمن.. الحرب الكلامية انتقلت تحديداً بين إدارة ترامب وإيران. وهي حرب قديمة جديدة.
ظاهرياً بين إيران وأمريكا ملفان.. الأول البرنامج النووي الإيراني. والمفروض أن هذا الملف قد حُسم بما يسمي بالاتفاق النووي بين إيران وخمسة زائد واحد عام 2015 والوكالة الدولية تقول إن إيران ملتزمة وتنفذ الاتفاق لكن ترامب يقول إن إيران تنتهك روح الاتفاق وهذه اختراعات ترامبية.
الملف الثاني يتعلق بدور إيران في المنطقة. فإيران شكلت مع سوريا والعراق وحزب الله محوراً قوياً مدعوماً من روسيا وهذا المحور حقق انتصارات واضحة ضد داعش في سوريا والعراق ويقف وراء صمود صالح والحوثيين في اليمن.. ماذا يعني ذلك؟!.. يعني أن المشروع الأمريكي ــ الإسرائيلي المدعوم من دول عربية تراجع وربما هُزم.. كان أهم أهداف هذا المشروع دخول دمشق وإسقاط الأسد حينما لم يتحقق الهدف برز استفتاء كردستان من أجل الاستقلال.. لكن هذا لا يكفي.
فالمحور الأمريكي يركز في حربه الكلامية الآن علي الحرس الثوري الإيراني والبرنامج النووي وحزب الله.. أما جوهر مطالبه فهو الإمساك بالحدود السورية العراقية. ومنع تلاقي جيشي البلدين. فهل تشب حرب ساخنة بين أمريكا وإيران؟!.. من خلال خبرتي أستبعد ذلك. لكن لا أستبعد نشوب حرب بالوكالة بينهما في سوريا أو العراق أو غيرهما من أرض العرب.
حينما تندلع حرب كلامية في منطقة الشرق الأوسط لابد أن تشعر بالخوف لأسباب عدة منها أن منطقة الشرق الأوسط بالغة الأهمية ولن تترك وشأنها قط.. الثاني أن هذه المنطقة موضع خطط معلنة من أجل التفتيت والتقسيم والتجزئة.. الثالث أن اقتصاد أمريكا ينتعش بالحروب. وهي الآن أمة مأزومة. يتفشي فيها العنف الداخلي. ولن تجد أضعف من منطقة الشرق الأوسط لتفجير مزيد من الحروب فيها.. رابعاً أن العقلية الإسرائيلية لا تقبل الهزيمة أو حتي الندية. وحيث إن حزب الله يقف نداً لإسرائيل فلابد من تأديب إذن الحرب قادمة ولو بعد حين.. حلاصة الأمر أن أمريكا وإيران ربما يتصارعان.. وربما يمثلان علينا. لكن كل منهما يستقطب جزءاً من العرب. فيتحولون إلي أعداء لبعضهما البعض.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف