وكان محمد مبروك يلازم ضباط الأمن الوطني المقدم عمرو مصطفي لقد جمعتهما صداقة عميقة. وتفاني في العمل والأداء. كان عمرو مصطفي يعرف أن هناك خطة لجماعة الإخوان للتخلص منه ومن محمد مبروك وعدد آخر من الضباط. لكنه كان دومًا يشارك محمد مبروك في اليقين ويراهن علي المستقبل ويقول إن عمر جماعة الإخوان في الحكم لن يدوم.
بدأ محمد مبروك يمارس نشاطه بكل جد واجتهاد بعد انتصار الثورة وعودته إلي المقر الرئيس لجهاز الأمن الوطني. كان يسابق الزمن في إعداد قاعدة معلومات عن نشاط جماعة الإخوان. خاصة بعد أن بدأ التنظيم الخاص للجماعة في إشعال البلاد بإحداث العنف والإرهاب..
كانت أحداث الاعتصام المسلح في رابعة العدوية. قد أشعلت النيران في قلوب قيادات الجماعة الإرهابية. انتشرت الحرائق. وعمليات القتل في أماكن متعددة. وضعت الجماعة بمشاركة التنظيمات الإرهابية خطة للتخلص من بعض الضباط وفي المقدمة منهم وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم..
لقد حملوه المسئولية جنبًا إلي جنب مع القوات المسلحة عن فض اعتصام رابعة وسقوط عدد كبير من عناصر الجماعة. خاصة هؤلاء الذين أشهروا السلاح في مواجهة القوات. وقرروا إعداد خطة لاغتياله ظنًا منهم أن ذلك سوف يردع النظام ويرفع من الروح المعنوية لأعضاء التنظيم الذين باتوا يطاردون في كل مكان..
في هذا الوقت صدر التكليف من زعيم جماعة أنصار بيت المقدس )أبو عبدالله( إلي عدد من أعضاء التنظيم بينهم ضابطا الصاعقة المفصولين. الحركي )شريف( والحركي )مصطفي(. بالإضافة إلي عدد من أعضاء خلية الإسماعيلية وخلية المطرية برصد موكب وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم وخط سيره ومواعيد نزوله من منزله بمدينة نصر وتقديم مقترح لتنفيذ عملية تغضي إلي قتله واغتياله.
وبمجرد صدور التكليف بدأت عناصر التنظيم تتابع وترصد وتحدد الطريقة وأداة التنفيذ وعرضوا الخطة علي "أبو عبدالله" ووافق عليها بعد مناقشتها مع الضابطين السابقين.
لقد تم الاتفاق مع أحد أعضاء التنظيم ويدعي الرائد السابق وليد بدر لتنفيذ العملية. من خلال سيارة مفخخة يجري إعدادها بالمزرعة. وهو ضابط سابق بالقوات المسلحة. سبق وأن قاتل في أفغانستان والعراق وبلاد الشام ثم عاد إلي مصر.
في هذا الوقت أرسل أبو عبدالله في طلب محمد عفيفي مسئول التنظيم خارج سيناء سافر محمد عفيفي إلي الإسماعيلية والتقي أبو عبدالله الذي حكي له عن العملية وتفاصيلها. طالبًا منه ضرورة التعاون مع عناصر الرصد والتنفيذ.
كانت الخطة تقضي بتنفيذ العملية بسيارة ماركة هيونداي لونها سماوي. وهي سيارة قامت خلية المطرية بسرقتها من أحد المسيحيين في شهر رمضان وتم إرسالها إلي )أبو عبدالله( قبل العملية بحوالي شهر تقريبًا. حيث قام أعضاء خلية المطرية وتحديدا الحركي "حمكشة" والحركي )شادي( والحركي )شيكو( ومعهم محمد بكري بسرقتها عن طريق تهديد مالكها بسلاح آلي بعد أن تأكدوا أنه مسيحي من خلال الصليب المعلق في داخل السيارة.
طلب )أبو عبدالله( من محمد عفيفي أن يقوم بتجهيز مزرعة محمد فتحي الشاذلي لأنه سوف يحضر إلي هناك للإشراف علي تجهيز السيارة بالمتفجرات وبالفعل عاد محمد عفيفي من الإسماعيلية إلي المزرعة الواقعة علي طريق بلبيس. وبعدها بنحو ثلاثة أيام جاء )أبو عبدالله( إلي المزرعة ومعه )ياسر( مسئول تجهيز السيارات بالمتفجرات. وهو أحد المسئولين العسكريين للتنظيم والذي سبق وأن تدرب علي تفخيخ السيارات في قطاع غزة علي يد ألوية الناصر صلاح الدين.
بدأ ياسر في تجهيز السيارة. واستمر التجهيز لمدة ثلاثة أيام. بينما تواجد في هذا الوقت كل من أبو عبدالله ومحمد عفيفي "محسن" ومحمد السيد منصور "أبوعبيدة" والحركي ياسر ومحمد ربيع "أكرم" والحركي كيمو والحركي عماد وكان محمد عفيفي قد جاء بكيمو وعماد ليتعلموا من الحركي )ياسر( كيفية إعداد السيارات بالمتفجرات.
بعد مضي الأيام الثلاثة كان ياسر قد زرع في السيارة ست عبوات من المتفجرات. زنة كل عبوة حوالي عشرة كيلوجرامات من مادة )تي. إن. تي( إضافة إلي برميل كبير وضع علي المقعد الخلفي للسيارة يحوي ستين كيلوجراما من مادة متفجرة )تصنيع شعبي(. وبعد تجهيز السيارة التقي )أبو عبدالله( بوليد بدر والحركي شريف والحركي مصطفي الضابطين السابقين ليلة التنفيذ ليرتب معهم الخطوات النهائية.
وفي يوم تنفيذ العملية ركب أبو عبدالله ومحمد عفيفي ومحمد ربيع في سيارة )فيرنا( فضية اللون بينما ركب الحركي )سامح( ومحمد السيد منصور )أبو عبيدة( في السيارة )الجيتس( المفخخة. وكان دور السيارة الأولي هو تأمين السيارة المحملة بالمتفجرات والتي تولي قيادتها محمد ربيع..
مضت السيارتان باتجاه القاهرة. وفي الطريق وبجوار كارفور مدينة العبور كان الانتحاري وليد بدر ومعه الضابطان السابقان الحركي مصطفي والحركي شريف ينتظرون علي ناصية الطريق.
ركب )أبو عبدالله( وياسر مع الضابط السابق وليد بدر الذي تولي قيادة السيارة المفخخة لإعطائه التعليمات اللازمة الخاصة بالعملية الانتحارية بينما اتفق أبو عبدالله مع الضابطين السابقين مصطفي وشريف بمتابعة العملية وإعطاء التعليمات وتصوير عملية الاغتيال.
كان شريف ومصطفي يستقلان سيارة شيروكي لونها زيتي تحركا أمام السيارة المفخخة واتجهوا ناحية شارع مصطفي النحاس بمدينة نصر في انتظار خروج موكب الوزير لتفجيره.
عاد أبو عبدالله ومحمد عفيفي إلي مزرعة محمد فتحي الشاذلي علي طريق بلبيس مرة أخري في انتظار سماع الخبر المدوي..
كان المقدم محمد عويس قد قدم المعلومات اللازمة لمحمد بكري حول تحركات الوزير ومواعيدها. وقفت السيارة بالقرب من منزل الوزير انتظارا لتحرك موكبه وفي حوالي الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الخامس من سبتمبر من عام 2013 تحرك موكب الوزير قاصدًا المرور بشارع مصطفي النحاس بمدينة نصر وقبيل أن يقترب من السيارة المفخخة التي كان يتواجد بها الضابط السابق وليد بدر قام الإرهابي وليد بتفجير السيارة متقدمًا عن الوقت المحدد ببضع ثوان مما تسبب في نجاة الوزير وإصابة حوالي 25 شخصًا أخرين منهم عدد من رجال الشرطة من حراسة الوزير بينما احترق جسد الإرهابي وتقطعت أوصاله إلي قطع صغيرة ومتناثرة.
كان الاتفاق مع الإرهابي وليد أن يفجر السيارة حال دوران السيارة من شارع مصطفي النحاس. إلا أن الإرهابي قام بالضغط علي زر التفجير قبيل أن تكمل السيارة الدوران مباشرة. كان الخبر صادمًا لزعيم التنظيم )أبو عبدالله( لقد قرر علي الفور المغادرة إلي الإسماعيلية ومعه ياسر وشريف ومصطفي. بينما راحت قوات الأمن تقيم المتاريس وتفتش السيارات. إلا أن أبو عبدالله استطاع أن ينجو من أكثر من كمين علي طريق مصر - الإسماعيلية. حيث كان متجهًا إلي مخبئه هناك.
بعد أن هدأت عمليات المطاردة لعناصر التنظيم التي قامت بتنفيذ العملية الإرهابية ضد وزير الداخلية استعدت خلية المطرية في هذا الوقت لإحياء خطتها بتصفية المقدم محمد مبروك وعدد آخر من ضباط الأمن الوطني.
صدرت التعليمات من محمد عفيفي المسئول عن التنظيم خارج سيناء بعد أن حصل علي موافقة أبو عبدالله لتنفيذ المخطط. ومع بدايات شهر نوفمبر 2013. بدأ الإعداد لتنفيذ المهمة من خلال عدد من عناصر التنظيم.
وفي لقاء سري عقده محمد عفيفي مع المجموعة التي سيعهد إليها بالتنفيذ وكان هو منهم. قال: إن نجاحنا في الثأر من محمد مبروك سيردع الآخرين. ويضع لهم حدًّا. وسننقذ إخواننا في السجون من حبل المشنقة وفي هذا اليوم انتهي الاجتماع في وقت متأخر من المساء. أدرك المشاركون أن ساعة التنفيذ قد حانت. فراحوا يتابعون المقدم محمد مبروك. ويتحرون الدقة في كل المعلومات التي وصلتهم من المقدم محمد عويس. وتناقشوا معًا أكثر من مرة في طريقة التنفيذ والموعد المحدد ووجهة الهروب وإخفاء السيارات والأسلحة التي ستُستخدم في عملية الاغتيال.
أجري الإرهابي محمد بكري مقابلة بين المقدم محمد عويس وزميله الإرهابي أحمد عزت شعبان الذي عُهد إليه بأن يكون واحدًا ممن سيتولون عملية الإرشاد واستكشاف الطريق عقب تنفيذ عملية اغتيال المقدم محمد مبروك رافقه المقدم عويس أكثر من مرة وجلس إلي جواره في سيارته أثناء نقل بعض الأسلحة والمتفجرات حتي لا يتعرض للتفتيش وفي إحدي المرات التي جري تحميل السيارة فيها بكمية من الأسلحة والذخائر لنقلها إلي مدينة الرحاب. حيث يسكن أحمد عزت. وعندما همَّ أحد الكمائن الأمنية بإيقاف السيارة وتفتيشها. قام المقدم عويس بتعريفهم بنفسه. فسُمح لها بالمرور دون تفتيش.
في هذه الفترة كان المقدم محمد عويس قد وسَّع من نشاطه فقام بإمداد الإرهابي أحمد عزت شعبان بخط سير اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية أولًا بأول بعد أن طلب منه ذلك. وكذلك الحال بالنسبة للمقدم محمد مبروك وعدد من الضباط الآخرين. خاصة العاملين في جهاز الأمن الوطني.. كان أحمد عزت شعبان يسكن في مدينة الرحاب. وينتمي لأسرة ثرية تعمل في مجال المقاولات وتمتلك سلسلة من التوكيلات التجارية. كان متفوقًا في دراسته. وكان يرغب في الالتحاق بكلية الألسن. لكن والده أقنعه بالالتحاق
بكلية التجارة الخارجية لمساعدته في إدارة مشروعاته. تزوج في عام 2005 من إحدي قريباته وأنجب منها طفلتين. وقد حدثت نقطة التحول في حياته عندما أقنعه أحد أصدقائه بحضور درس ديني لأحد المشايخ في منطقة المطرية. فتعرف إلي الإرهابي طارق وعدد آخر من أعضاء التنظيم. وقاموا بتجنيده. وعرضوا عليه المشاركة في خطة اغتيال المقدم محمد مبروك. فوافق علي الفور وقد عُهد إليه أكثر من مرة بشراء الأسلحة وتوصيلها إلي العناصر التكفيرية في عدد من مناطق القاهرة وتخزين بعضها في فيلا الرحاب. وقد نجح في كل ذلك نجاحًا مبهرًا واكتسب ثقة قادته وقد كان أحمد عزت يمتلك فيلا أخري في التجمع الخامس. استخدمها أيضًا لمصلحة التنظيم وتخزين الأسلحة فيها.
لقد كان أحمد عزت يتردد في أوقات سابقة علي اعتصام رابعة وقد وفَّر للمعتصمين مبالغ كبيرة لشراء الخيام والطعام. وبعد فض الاعتصام اتجه علي الفور إلي منتجع مارينا في الساحل الشمالي للاختفاء عن أعين رجال الأمن لبعض الوقت ومع اشتداد حدَّة الحملات الأمنية في هذا الوقت. عهد التنظيم لأحمد عزت
بضرورة التحرك لإنجاز المهام المطلوبة علي اعتبار أنه لم يكن معروفًا كالآخرين.
بدأ أحمد عزت يتردد مجددًا علي المقدم محمد عويس في مرور القطامية. وفي إحدي المرات طلب منه الاتصال بالمقدم محمد مبروك للتعرف عليه والتواصل معه وبالفعل. قام محمد عويس بطلب هاتف محمد مبروك. ثم أبلغه أن معه صديقًا يود التعرف عليه. وأعطي الهاتف لأحمد عزت شعبان الذي تحدث مع محمد مبروك بعد هذا الاتصال بأيام قليلة. التقي أربعة من الإرهابيين. من بينهم محمد بكري ومحمد عفيفي وشخصان آخران» لمراقبة المقدم محمد مبروك. جلسوا علي أحد المقاهي القريبة في مدينة نصر يراقبونه وهو يهبط من منزله. إلا أنهم انصرفوا بعد أن وضعوا خطة التنفيذ علي أرض الواقع وكانت المرة الثانية عندما استعدوا. لكنهم شاهدوه ينزل من بيته مصطحبًا معه زوجته وأولاده. وكانت هذه المرة قبل أن يتم اغتياله بعشرة أيام.
لقد طلب محمد عفيفي من محمد بكري في هذا الوقت تأجيل تنفيذ العملية لبعض الوقت بسبب وجود مشاكل أمنية لبعض أعضاء التنظيم الذين يتعرضون لمطاردات شديدة من الشرطة. ومن بين هؤلاء محمد سعد عبدالتواب الذي كان متهمًا بالاعتداء علي كنيسة الوراق. وآخرون من مجموعة المطرية. دبَّر لهم بنفسه شقة لإقامتهم في منطقة الجيزة.
مضت الأيام سريعة. كان القرار قد اتُّخذ. والتعليمات جاءت من السجن بضرورة الإسراع في التنفيذ. مهما كان الثمن. وقبل التنفيذ بيومين أو ثلاثة التقي محمد بكري مع محمد عفيفي وآخرين. في أحد مقاهي مدينة نصر خلف مطعم آخر ساعة علي طريق النصر بجوار ميدان الساعة.
كان الاتفاق يقضي بتنفيذ خطة الاغتيال باستخدام سيارتين في العملية إحداهما للرصد والأخري للتنفيذ. وتم الاتفاق علي الأشخاص الذين سيكونون في سيارة التنفيذ. وموقع كل واحد منهم داخل السيارة والمهمة الموكولة إليه. وكذلك الحال بالنسبة لخطة الرصد وقد جري الاتفاق علي أن يتولي محمد بكري قيادة السيارة. علي أن يجلس محمد عفيفي خلف السائق مباشرة. وأن يجلس فهمي وكنيته "هاني" وهو عضو في خلية المطرية إلي جوار طارق في المقعد الأمامي. وأن يجلس خلفه "كيمو" وهو أيضًا عضو في خلية المطرية.
كان الاتفاق يقضي استخدام سيارة ميتسوبيشي لانسر سوداء في التنفيذ. أما سيارة الرصد فقد كانت من نوع فورد فضية اللون وقد عُهد إلي أحد أعضاء التنظيم ويُدعي عمرو سلطان بقيادة سيارة الرصد الفورد وإلي جواره جلس عضو آخر اسمه الحركي يوسف بينما كان أحمد عزت شعبان يقود سيارة لكشف الطريق عن بعد.
كان عمرو سلطان عضوًا بخلية المطرية. وكان يتمتع بذكاء شديد. وقدرة فائقة علي قيادة السيارات.. أما يوسف فقد انضم إلي تنظيم "أنصار بيت المقدس" قبل التنفيذ بفترة قليلة. ولم يكن أحد يعرف اسمه الحقيقي أو عنوانه. وقد كان له دور في مساعدة محمد عفيفي في الحصول علي شقة الجيزة أثناء عملية البحث عن مكان ليقيم فيه المطلوبون أمنيًا من قِبل الشرطة.
تم الاتفاق بين المنفذين علي أن يكون بحوزتهم ثلاثة أسلحة آلية من نوع كلاشينكوف يتسلمها محمد عفيفي وفهمي وكيمو. وقد وعد محمد عفيفي بتوفير كاميرا ديجيتال لتصوير الحادث أثناء التنفيذ.
وفي مساء 17 نوفمبر 2013 التقي أعضاء المجموعتين لتنفيذ العملية. جري اللقاء في التاسعة مساءً من نفس اليوم. كان الاتفاق أن يتم اللقاء قبل هذا الوقت بفترة قصيرة. إلا أن الازدحام الشديد كان سببًا في تأخيرهم عن الوصول في الموعد المحدد.
كان محمد بكري قد أكد لهم أن محمد مبروك يهبط من منزله للذهاب إلي مقر جهاز الأمن الوطني في مدينة نصر في التاسعة والنصف من مساء كل يوم. وقد أكد له هذا الموعد المقدم محمد عويس. الذي تولي مهمة متابعته بدقة في مرحلة ما قبل التنفيذ. وكان يبلغ التنظيم بالمعلومات أولًا بأول.
كان محمد مبروك قد عاد إلي منزله بعد عصر ذات اليوم بعدما زار والده ووالدته للاطمئنان عليهما. ثم سرعان ما غادر للراحة بعض الوقت. ورؤية أسرته.
كان مبروك قد جلس مع زوجته. يتدبران أمور المنزل ويتحدثان عن أحوال الأبناء الثلاثة: زينة ومايا وزياد في المدارس. والذين حضروا بعد ذلك لتناول الغداء مع والديهم. ثم دخل محمد مبروك إلي غرفة النوم ليخلد للراحة بعض الوقت.
التقت المجموعة الإرهابية في نفس المقهي الذي التقوا فيه من قبل خلف مطعم آخر ساعة بمدينة نصر. كان هناك شخص آخر قد التحق بالمجموعة ويدعي أبويوسف كان طارق قد تولي عملية تجنيده. وكانت مهمته في هذا اليوم هي أن يقوم بتغيير لوحتَيِ السيارتين بعد تنفيذ العملية.
كان طارق قد استعان باللوحتين اللتين قام المقدم محمد عويس بتغييرهما في وقت سابق. وسلمهما لكي يتم استخدامهما في العملية الإرهابية المرتقبة لقد حضر أبو يوسف إلي نفس المقهي بسيارته النيسان السوداء وجلس بالقرب من المجموعة التي ستتولي التنفيذ. يتابع تحركاتهم عن بعد.
في التاسعة والربع مساءً بدأت المجموعة تتحرك باتجاه منزل محمد مبروك في شارع قريب من السراج مول بمدينة نصر. أوقف عمرو سلطان سيارته في مواجهة منزل محمد مبروك لرصده ومراقبته. وقد كان بحوزته أكثر من جهاز موبايل في هذا الوقت. وإلي جواره جلس أشرف ووسام. بينما توقفت سيارة التنفيذ في آخر الشارع. وعلي بعد نحو مائة متر من العمارة التي تقع فيها شقته. أما أحمد عزت فقد كان ينتظر في مكان آخر ليتولي كشف الطريق بعد تنفيذ العملية.
كان الاتفاق يقضي بأن يعطي عمرو سلطان الإشارة لفريق التنفيذ بمجرد أن يهبط محمد مبروك من منزله. ليبدأ التحرك بعدها لتنفيذ عملية الاغتيال.
كانت الحركة هادئة في الشارع. ولم تكن هناك أي إجراءات أمنية أو رجال شرطة يتواجدون في المنطقة التي يقطن فيها.
ودَّع محمد مبروك زوجته وأولاده. طلبه منه نجله زياد بأن يأتي له بالشيكولاتة وأن يسلمها للبواب. قبيل أن يذهب إلي عمله. ابتسم مبروك وأومأ برأسه دليل الموافقة. ووعده بتنفيذ مطلبه قبل أن يغادر إلي عمله.
كانت زوجته رشا تشعر بانقباض شديد في هذا اليوم. لم تعرف له سببًا. احتضنت زوجها. كما لم تحتضنه من قبل. ودَّعته أمام منزله وظل الباب مفتوحًا إلي أن غادر وهبط في الأسانسير. ظلت تشير له بيدها مودعة إلي أن اختفي بعيدًا عنها.
أغلقت رشا باب شقتها. نظرت إلي صورته المعلقة علي جدار الصالون. بدت كأنها تستعيد ذكريات زواجها من محمد. أمسكت بالهاتف. تحدثت مع والدته. اطمأنت علي صحتها. وأبلغتها أن محمد سوف يذهب إلي عمله بعد أن يُحضر الشيكولاتة التي طلبها نجله زياد..
بعد قليل توجه محمد مبروك إلي أحد المحلات القريبة من منزله. جاء بالشيكولاتة. وسلَّمها للبواب الذي طلب منه توصيلها إلي شقته. ثم غادر.
ركب محمد مبروك سيارته. وعلي الفور اتصل عمرو سلطان بالإرهابي محمد بكري. وقال له: الهدف نزل من بيته. وعليك أن تتحرك نحوه فورًا وبسرعة البرق تحركت سيارة الإرهابيين المنوط بها التنفيذ. وفجأة وجدوا أنفسهم في مواجهة سيارة محمد مبروك الذي كان يقود السيارة بنفسه ودون حراسة ترافقه.
أصبحت سيارة محمد مبروك علي شمال سيارة التنفيذ. ولم يكن ممكنًا أن يطلق فهمي وكيمو الرصاص عليه» لأنهما حتمًا كانا سيصيبان محمد عفيفي ومحمد بكري الذي يتولي القيادة.
كان محمد عفيفي ممسكًا بالكاميرا الديجيتال في يديه داخل السيارة يستعد لتصوير عملية الاغتيال لإذاعتها في وقت لاحق. لاحظ محمد مبروك أن هناك منْ يتربص به. حاول الفكاك سريعًا. فدخل في أحد الشوارع الجانبية.
كان هناك شارع يقع علي يمين سيارة الإرهابيين. توجهوا نحوه بسيارتهم. ثم دخلوا باتجاه يمين في يمين حتي يلحقوا بسيارة محمد مبروك فجأة لمحوا السيارة المستهدفة. فطاردوها حتي أصبحوا علي يسارها. وأصبحت سيارة الهدف علي يمين سيارة المهاجمين.
وعلي الفور قام الإرهابيان فهمي وكيمو بإطلاق الرصاص علي محمد مبروك من أسلحتهما الآلية. وتواصل الضرب لفترة من الوقت. حتي سقط مبروك شهيدًا بعد أن انهمرت علي جسده نحو اثنتي عشرة طلقة في صدره ورأسه ووجهه. هبط عمرو سلطان من سيارته. تأكد من وفاته. وغادر علي الفور.
كان محمد عفيفي قد تمكن من تصوير الحادث بالكاميرا التي كانت معه. لكن التصوير لم يكن دقيقًا بسبب الظلام الذي كان يحلُّ بمنطقة الحادث. حيث كانت الساعة قد بلغت نحو العاشرة والنصف تقريبًا من مساء ذات اليوم.
كانت أصوات الرصاص مدوية. هرع سكان المنطقة إلي النوافذ. يتابعون ما يحدث. لم يتبينوا ملامح الموجودين بالسيارة جيدًا وان كانوا قد التقطوا بعض أرقامها.
توجه طارق بسيارة التنفيذ باتجاه الطريق الدائري. واتصل علي الفور بـ "أبو يوسف" الذي أوكل إليه مهمة تغيير لوحتي السيارتين. فتوجه أبو يوسف بسيارته إلي حيث المكان المشار إليه. التقاهم في طريق جانبي تم الاتفاق عليه مسبقًا. وقام بتغيير لوحتَي السيارتين: سيارة التنفيذ وسيارة الرصد التي كانت تتبعها.
أصبحت سيارة محمد مبروك علي شمال سيارة التنفيذ. ولم يكن ممكناً أن يطلق فهمي وكيمو الرصاص عليه. لأنهما حتما كان سيصيبان محمد عفيفي ومحمد بكري الذي يتولي القيادة.