الوفد
عصام العبيدى
إشراقات: أغرب بلاغ..فى التاريخ!
بعد أن كبر والدى.. وتقدم به العمر.. واشتد به المرض.. راعى رؤسائه حالته المرضية..فسمحوا له بان يستريح من العمل قليلًا.. بعد رحلة عمل طويلة وشاقة.. تجاوزت الخمسة وثلاثين عامًا.. فأصبح يذهب للعمل.. ثلاثة أيام فقط فى الأسبوع.. ويستريح الباقى..بحكم السن والمرض!
وقتها كنت صغيرًا فى السن.. لم أتفهم ساعتها حقيقة الوضع.. وشعرت بأننا نأكل من حرام.. لأن أبى يقبض الشهر كاملًا.. ولا يعمل إلا نصفه فقط!
فكتبت بلاغًا لوزير الصحة.. أشكو فيه والدى الذى يقبض.. الشهر كاملًا.. ولا يعمل إلا نصفه فقط.. لكن صديق عمرى كحلاوى أحمد على مزق البلاغ.. وكنا نبيت سويًا فى منزل صديقنا المشترك جمال القاضى.. بمدينة نجع حمادى!
وأخبر صديقى والدى - مازحًا - بحقيقة بالأمر.. فحزن والدى حزنًا شديدًا.. وقاطعنى ليلة كاملة.. لا يكلمنى وﻻ حتى ينظر نحوى.. وفى الصباح توجه إلى عمله.. وكأن هموم الدنيا كلها تكالبت على رأسه.. وما ان وصل إلى عمله.. حتى هرع إلى مديره وصديقه..فى نفس الوقت «فتحى صدقى».. والدمعة تكاد تفر من عينيه.. قائلًا له تخيل ابنى عصام بيشتكينى.. وقص عليه الحكاية كلها!!
ففوجئ بمديره يقول له.. والله وعرفت تربى يابوعبيد.. هون على نفسك ولا تحزن يا أخى.. انت المفروض تفرح باللى حصل من ابنك ده.. مش تزعل خالص.. لقد أكرمك الله بهذا الولد.. اللى الحق عنده أولى من أبوه.. فهنيئا لك بهذا يابوعبيد.. والله ابنك ده هيبقاله شأن عظيم.. وهاتفرح بيه أكتر من كل وﻻدك.. وها تقول فتحى قالى!!
فعاد والدى من عمله.. وما أن رأنى حتى احتضننى بشدة.. وبكينا سويًا.. وأمى تدعو - دون ان تعرف حقيقة ما حدث - ربنا يحببكم فى بعض أكتر وأكتر!
فهل يعتب على البعض بعد هذا.. ويريدون منى أن أجامل أى مسئول.. أو أى صاحب سلطان فى الدنيا.. وانحاز له على حساب الحق والعدل ومصالح الناس.. أو حتى امسك العصا من النص.. فلا أهاجمه وﻻ انتقده.. وفى نفس الوقت ﻻ أرتمى فى أحضان نظامه.. واتغزل فى محاسنه وجمال محياه!!
طيب كان أولى بى أن أجامل والدى.. الذى انجبنى وربانى وطفح الكوته من أجلى أنا واخوتى الخمسة.. ومن أجل أن يقدم لكم هذا الإنسان.. الذى قد تغضبون من صراحته أحيانًا.. لكن لا يمكن ابدًا.. أن تشكوا فى صدق مشاعره وحسن نواياه!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف