عباس الطرابيلى
هموم مصرية - هي حرب استنزاف كاملة
هل سألنا أنفسنا: لماذا تتركز العمليات الإرهابية هذه الأيام في المنطقة الغربية من بلادنا.. أقصد في الصحراء الغربية الممتدة من غرب الجيزة والفيوم وبني سويف وتكاد تقترب من الوادي الجديد؟ الجواب: لأننا نجحنا إلى حد كبير في العمليات الإرهابية في سيناء.. سواء بتكثيف عمليات إنفاذ القانون هناك.. أو بالنجاح في تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية.. وبالتالي عودة السلطة الفلسطينية الشرعية إلى إدارة قطاع غزة.. وهذا بالتالي يحد من عمليات التسلل إلى بلادنا من هناك.. وإحكام السيطرة على الأنفاق وحُسن إدارة المعابر.
ربما هذا كله صحيح.. ولكنني أرى سبباً جوهرياً آخر.. هو محاولة الإرهابيين تشتيت جهودنا العسكرية ما بين حدودنا الشرقية.. وحدودنا الغربية.. وإذا كنا قد وحدنا- ومنذ شهور عديدة- جهود قواتنا المسلحة التي تعمل في سيناء، تحت قيادة واحدة- وأثمر ذلك عن توجيه ضربات أشد ضد الإرهابيين هناك.. فإننا- حتى نواجه مخطط تشتيت القوى المصرية- أنشأنا أكبر قاعدة عسكرية في شمال غرب مصر، هي قاعدة محمد نجيب.. لكي نحقق أيضاً نفس الهدف وهو إحكام السيطرة على كل المنافذ التي يتسلل منها الإرهابيون.. من الجبهة الغربية، أي من ليبيا.
<< الهدف واضح- تمام الوضوح- وهو شن حرب- أو عمليات- استنزاف ضخمة ضد الدولة المصرية.. وهي إن لم تنجح تماماً فيما يخططون له.. فهم على الأقل يهدفون إلى «استنزاف» أسلحتنا: البرية والجوية أي استهلاكها في تلك العمليات غير الشريفة من جهة، وكذلك «إجهاد» قوانا البشرية.. فضلاً عن تكبيد الخزانة أموالاً طائلة- ليس فقط ثمناً لكل هذه الأسلحة.. ولكن أيضاً «إهلاك» الأسلحة نفسها بداية من الوقود والذخيرة.. وأعصاب القوات المسلحة المصرية.
<< ولنا أن نتصور أن حدودنا الغربية- مع ليبيا- تمتد مسافة 1094 كيلو متراً من رأس الملح شمالاً غرب السلوم إلى العوينات جنوباً رغم أن هذه الحدود استقرت تماماً من عام 1925، ولكن لأن البعض يرى أن طول هذه الحدود يمثل عقبة في تأمينها.. أو ربما لأننا لم نتوقع يوماً أن يأتينا منها أي خطر، لذلك تركنا كل هذه الحدود شبه خالية، فلا نحن- في الماضي- عمرناها وزرعناها بالبشر وحولناها إلى مناطق ثغور أو رباط لنحمي باقي الوطن ولا نحن ركزنا نقاطاً عسكرية- ومنذ سنوات- لكي تراقب ليس فقط ما يجري غرب هذه الحدود.. أو على حوافها.. وبذلك تحول هذا الخط وطوله 1094 كيلو متراً إلى منطقة فراغ.. باتت تمثل خطراً على الأمن القومي المصري.
<< والحمد لله أن القيادة السياسية المصرية عرفت في السنوات الأخيرة خطورة هذا الوضع، ولذلك عمدت إلى القيام بدور حيوي في تثبيت حكم الشرعية وعودة الجيش الليبي- الشرعي- إلى بسط سيطرته على التراب الليبي.
ولكن هذا لا ينفي أن الإرهاب «يلعب جيداً» في هذه المنطقة سواء بتمويل من ينطلقون ضدنا من هناك، أو مدهم بالأسلحة.. ومن المؤكد أن ما ظهر خلال عملية، أو جريمة الواحات خير دليل على عمق المخطط الإرهابي الذي يستهدف جرنا إلى عمليات استنزاف رهيبة في كل القوى المصرية.
<< أو ربما هناك نوع من التنسيق بين الإرهاب الذي يعمل في الشرق، حيث سيناء.. و الإرهاب الذي ينطلق من ليبيا سواء للتخفيف من قوة الضربات المصرية لإنفاذ القانون في سيناء، أو لفتح جبهة أخرى في الغرب.
ولكن ماذا لو فتحوا جبهة ثالثة من... الجنوب؟!