جمال الشاعر
الأسطى المصرى والخواجة الطليانى
ياإلهى على الروعة والجمال تحس أنك دخلت أجواء ألف ليلة وليلة. عالم من البهجة بالألوان الطبيعية, مهرجان الشموع بكل أنواعها وأشكالها تداعب أضواؤه الدكاكين والحوارى والأزقة والأعطاف, الفضيات والخزف والصدف والأرابيسك وخشب السرسوع واللوحات والطاولات ومنتجات الأثاث, شغل التطريز والكوفيات والشيلان والجلاليب المطرزة .. الجلود والبوفات والمفارش والسجاجيد, ثم عالم المجوهرات والأحجار الكريمة والمنتجات الفضيةة النجف والإبليكات والأنتيكات القديمة ..منتجات العسل والتمر البرتمودة .. العطارين الريحان والكزبرة والبابونج ةتابلوهات البردى والمسابح ..مسبحة صندل والثانية يمانى والآخرى خراسانى وأنواع بالمسك والعاج ة قطع الرخام تعانق الأخشاب وأشغال النحاس البديعة تناديك, كل هذه الثروات ومازال المصريون الأسطوات فقراء؟! كيف ذلك ..
انظر إلى صناعة الزجاج المنفوخ واللمبات الملونة (والإزاز المعشق), روعة وتحف فائقة الجمال, الفنانون الشبان نجحوا فى تطويرها وتحويلها إلى قطع فريدة, يصدرونها للخارج .. ولكن إذا قارنت صناعة الزجاج عندنا مع زجاج المورانو الطليانى تجد أنه عندهم أصبح أحد أهم السلع الاستراتيجية المنافسة عالميا, لن تشعر بالروعة إلا عندما تزور جزيرة مورانو الأسطورية.. وهى مثل كل أجواء فينسيا بيوت وأحياء عائمة على الماء والجندول هو وسيلة المواصلات الأولى مع اللنشات, يعيش أهلها على صناعة الزجاج المنفوخ ويجنون المليارات, والقانون يحظر ممارسة هذه المهنة على أى مواطن غير مورانى ليس لديه ترخيص, لدرجة أن الصنايعية الدخلاء يحكم عليهم بالسجن بمدد تصل إلى خمس سنوات لأن ذلك يدمر سمعة الصناعة الإيطالية ويضر بالاقتصاد.
الزجاج 70%رمل و30% صودا ومواد أخرى.. بالذمة هل لدينا أى عذر مع روعة رمال سيناء ونقائها. الصناعات الإبداعية فى الاتحاد الأوروبى تحقق خمسمائة مليار يورو سنويا ويعمل بها ستة ملايين صنايعى أورباوى .فى إندونيسيا عينوا وزيرة للسياحة والاقتصاد يعنى فاهمين هذه العلاقة التكاملية, ياريت فى مصر تبقى وزارة الثقافة.
الدنيا تتغير حولنا وفى العالم الآن تخصص اسمه الهندسة الثقافية يدرس فى كليات إدارة الأعمال, اقتصاديات الإبداع الثقافى إذن مسألة تحتاج إلى خبراء فى إدارة الاستثمارات. معروف أنه فى عالم الاقتصاد الإبداعى خمس عشرة صناعة منها الحرف اليدوية والفنون والبرمجيات. أين نحن من هذا العالم. الهند فيها نحو مليونى ورشة والمغرب ثلاثة أرباع المليون, ومصر سبعة آلاف وخمسمائة ورشة فقط وتلك كارثة بكل المقاييس. وزير التجارة والصناعة سينجح فى تحريك المياه الراكدة لو أنه نزل إلى القاهرة التاريخية وأعاد إحياءها صناعيا. وزارة الثقافة قبل الثورة أنجزت مشروع ترميم القاهرة الفاطمية بصورة حضارية راقية, ولكن أحداث الإرهاب مابعد الثورة دمرت السياحة فاختفى السياح من الموسكى وخان الخليلى وشارع الصاغة وشارع المعز لدين الله الفاطمى, من الممكن تحويل الأزمة إلى فرصة, وأنا شخصيا شاركت مع فريق من مركز تحديث الصناعة فى عمل دراسة لتشغيل الورش وإحياء الحرف التقليدية والثقافية, والدراسة جاهزة لمشروع اقتصادى كبير يعتمد على تدعيم الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر فى هذا المجال وفتح أبواب رزق لآلاف الأسر وتساهم أيضا فى التصدير للخارج.
المسألة تحتاج إلى اطلاق طاقات فنانى ومبدعى مصر من الفنون الجميلة والتطبيقية والمصممين المبتكرين والصناع المهرة والمدربين الأجانب. الجمالية والقاهرة التاريخية مهددة بالإفلاس من الصنايعية والأسطوات وإغلاق المصانع وورش الإبداع فيها مالم تبادر وزارة الصناعة بمشروع رائد بهذا الحجم وتعطى القروض الحسنة للصنايعية وتقيم لهم المعارض فى الداخل والخارج. الصين مثلا تقيم أكبر معرض دولى للمنتجات الثقافية فى العالم سنويا فلماذا لايحدث ذلك فى مصر. مرة أخرى كانت أعداد السياح فى بلادنا قبل الظروف الأخيرة تصل إلى نحو عشرة ملايين تشترى هذه المنتجات بمئات الملايين من الدولارات. للأسف انضربت صناعة المنتجات الثقافية كلها وانتهينا إلى البكائيات والتحسر على مافات من إبداعات متفردة.