المصريون
محمود سلطان
المساجد لله.. أم للسلطة؟!
أُصلي الجمعة، خلف إمام وقور، وخطيب جيد، ويحسن التلاوة، وكأنه درس المقامات الموسيقية.. المسجد الذي يؤم فيه المصلين، ويخطب فيهم الجمعة، قريب من مقر الصحيفة، ورأيت زملائي الصحفيين، يشاركونني الإعجاب بالشيخ.
وفُوجئت في جمعة أمس 3/11/2017، يتحدث الرجل "الوقور" عن "الشباب"!!.. الخطبة كانت بلا روح.. مجرد كلمات إنشائية متراصة، تشبه كلمة طابور الصباح الروتينية التي يلقيها السيد مدير المدرسة على تلاميذ لم تشغلهم كلمته، قدر انشغالهم بمشاكسة بعضهم البعض.
قُضيت الصلاة، وانصرفنا قافلين إلى مقر الصحيفة.. في الطريق تساءلت: إيه حكاية الشباب؟!.. الشيخ اليوم ليس في تألقه العفوي.. كلماته صدها عن القلوب متاريس وأقفال.. أين العيب.. فينا أم فيه هو؟!
ضجّ الزملاء بالضحك، وقالوا بسخرية: اليوم كل المنابر، وُجهت تلقاء "شرم الشيخ".. وتعلقت عيون وكلمات المشايخ برضا "الرقيب الأمني".. والكل تفقد نفسه، وكل ما يلفظ منه من قول، وما إذا كان التزم بالنوتة التي وزعها عليهم "المايسترو".. فمصر اليوم في "عيد".. ومصر ليست تلك التي نستنشق تلوثها طوال الليل والنهار.. ونحشو بطوننا بما يتغوّط به الأغنياء من على اليخوت الثملة كل ليلة على النيل.. فمصر الآن هي "شرم الشيخ".. رمز الرأسمالية الطفيلية المتوحشة.
شعرت وكأننا فيما يشبه "النُسك الديني": فمثلما يحدث في عيد النحر.. يقف الحجيج على عرفات.. فتضج مشارق الأرض ومغاربها بالتكبير والتهليل وصيام نهاره وقيام ليله.. وبالمثل "هاس" الشباب في منتجعات المتعة في شرم الشيخ، فضجت منابر مساجد المحروسة كلها، بالتبتل وتلاوة آيات فضل الشباب في الدنيا والآخرة!!
تعلمنا أن المساجد لله.. "وأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا".. والدين سيبقى لله، شاء من شاء وأبى من أبى.. ولكن المشكلة في المساجد فهي ـ الآن ـ لم تعد لله.. وإنما "باتت للسلطة!!.. هكذا شاء لها وزير الأوقاف الحالي.
توجد بالتأكيد نزعة موغلة في تطرفها نحو "التزلف".. فمن كان ـ مثلاً ـ يتوقع أن يُوظف صحفيون وباحثون ليمسوا قادة ميدانيين في الكتائب الإلكترونية الخاضعة لـ"الدولة السرية"؟!
وكما أن التزلف يصنع من "الفسيخ شربات".. فإنه أيضًا، تغلّب على أي وخز للضمير الديني، وأضاف ـ طوعًا أو كرهًا ـ المساجد إلى ترسانة الإعلام التعبوي.. سليل إعلام "أحمد سعيد".. الذي أحال وبقدرة قادر "الجنازات" إلى "إنجازات"!!
ومن لم يعجبه فهو "حثالة" ـ على رأي مفيد فوزي ـ أو عليه أن يبحث له عن بلد آخر يعيش فيه، كما "شخط" بها د. علي عبد العال في وجوه المصريين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف