المصرى اليوم
محمد السيد صالح
حكايات السبت
مؤتمر شرم الشيخ، الذى حشدت له مصر ممثلين من الشباب الناجح والموهوب عالميًا ومحليًا، وملاحظات ونصائح المسؤولين الأمريكيين لرئيس مجلس النواب الدكتور على عبدالعال، حصلا على جزء مهم فى هذا المقال. أتمنى تحقيق شعارات شرم الشيخ، وأن نخطو للأمام فى ملف الحريات.

كتبت هنا عن معلوماتى وملاحظاتى عن «هيكلة ماسبيرو». تعرضت أيضًا للوضع المالى والوظيفى المعلق لرئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون السابق عصام الأمير. وانتهيت بجزء خفيف عن «أفريقيا».

متفائل بـ«الشباب»

أنا متفائل بمؤتمر الشباب، الذى ينطلق غداً فى شرم الشيخ. ونحن حريصون فى «المصرى اليوم» على المشاركة الإيجابية فيه. أعد قراءنا على «الموقع» والصحيفة المطبوعة أن نحافظ على استقلالنا فى تغطية جلسات المؤتمر وفعالياته. سنقترب من الضيوف الشباب والرموز- كل فى مجال إبداعه- لنسألهم عن أفكار المؤتمر ورؤيتهم لمصر على الواقع. أنا أعتقد أننا سنخطو للأمام خطوة مهمة. خطوة فى اتجاه تحقيق الحرية والعدل والمساواة.. وهو ما تنادى به شعارات المؤتمر.

تابعت ما تناوله البعض على مواقع التواصل الاجتماعى من سخرية للشعارات بالعربية وباللغات الأجنبية، مع إعطاء نماذج مغايرة وبالصور لهذه الشعارات على الأرض. كتبوا أن لدينا آلاف الشباب محبوسين بمسميات قانونية مختلفة. ولدينا ضعف حالى فى حرية التعبير وفى تتبع كل صاحب صوت مختلف. بل توجه نحو تأميم الإعلام المقروء والتليفزيونى. لكنى متفائل رغم هذا.

ارجعوا إلى توصيات العام الماضى فى شرم الشيخ. تم تنفيذها بصورة إيجابية فى مجالات عديدة. هناك مشاريع اقتصادية عملاقة تم الحديث عنها وتحدث الرئيس عنها شخصيًا، ويجرى حاليًا تنفيذها على أرض الواقع، ربما تكون إجراءات «التعويم» قد عطلت إلى حد كبير فرص مشاهدة ثمار هذه المشاريع.. فلنأمل بخير أكبر فى المستقبل القريب.

إجراءات «العفو الرئاسى» عن المحبوسين احتياطيًا، وكذلك تدخل النائب العام للإفراج عن عدد من الشباب المحكومين فى قضايا سياسية تتحرك بنجاح. قد تكون الإجراءات بطيئة- بل مملة أحيانًا- بذرائع أمنية، لكن أعتقد أن إجراءات العفو- كما سمعت من مسؤول مهم- سيتم تسريعها فى الفترة المقبلة.

أنا متفائل، لأننى ككاتب سأرجع دائمًا لشعارات المؤتمر وأكرر فيها، كلما رأيت اعوجاجًا أو أفعالاً سلبية مناقضة لها، لأطلب تنفيذها على الأرض. سأقول حينها لكل مسؤول، أيًا كان وزنه: سوقنا معكم شعارات إيجابية وناعمة للعالم كله.. ونريد تنفيذها. لكل هذه الأسباب أنا متفائل بالمؤتمر وبدعوة ممثلين عن شباب العالم ليروا مصر على أرض الواقع.

عبدالعال و«الجمعيات»

رغم ما نقول أو نكتب أو ننتقد أحيانًا أداء الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، فإننى أجد فى نفسى حباً واحتراماً لأستاذ القانون الذى وجد نفسه وحيداً فى خضم معترك سياسى صعب جداً بدون مايسترو حقيقى فى قاعة المجلس ليسانده.

لكن الخميس الماضى أشفقت على الرجل إلى حد كبير كمصرى وكصحفى، مما واجهه هو والوفد البرلمانى خلال زيارته للعاصمة واشنطن. بل إننا عجزنا عن نشر ترجمة حرفية لما وجهته زعيمة الأقلية الديمقراطية فى مجلس النواب له. كلنا يعلم أن عبدالعال لم يكن وراء إقرار قانون الجمعيات بصيغته الحالية. لجان المجلس المتخصصة كانت تعرف جيداً أن وزارة التضامن لديها مشروع متكامل يحقق مطالب الحكومة والرئاسة والأجهزة السيادية فى ضبط إيقاع العمل الأهلى «بعد ما رأوا أنه تعرض لانتهاكات أجنبية مصحوبة بتدخلات مخابراتية وسياسية من عواصم بعينها فى شأن مصر». والتعبير الأخير ليس من عندى ولكنه ملخص رؤية الحكومة وأجهزتها للوضع فى أعقاب ثورة يناير.

«العمل الأهلى» والمنظمات الأجنبية العاملة فى مصر معظمها فى العمل الاجتماعى والخدمى والإنمائى، لكن القانون الذى ظهر للنور، كان قد جاء بليل إلى المجلس ليتم إقراره وسط صمت وغيظ وزيرة التضامن، هذا القانون وضع كل الشركاء الأجانب فى سلة واحدة، وفرض عليهم رقابة صارمة. هناك دول- مثل ألمانيا- نجحت فى استثناء عدد من منظماتها من هذه «المعضلة القانونية» لكن أمريكا اختارت التصعيد وإثارة الموضوع. كنت أتمنى أن يوجه الدكتور على عبدالعال كلماته المحددة بأن قانون الجمعيات ليس قرآنًا وأنه قابل للتعديل من فوق قيد المجلس أو من خلال وسيلة إعلام وطنية، لكن على العموم فهذا أفضل بكثير من أن تناطح مصر عدة عواصم غربية من أجل قضايا خاسرة.

أعود لفكرتى وأقول: الدكتور على عبدالعال ليس مسؤولاً عن زيادة أعداد الشباب المحبوسين، أو حبس عدد من المتهمين بالمثلية. ليس مسؤولاً عن تراجع مؤشرات الحريات الإعلامية. أتمنى كل الخير والتوفيق للدكتور على عبدالعال.. والعودة السالمة من واشنطن.. وأتمنى مزيداً من الحريات.

ماسبيرو وإصلاحه

لى صديقان عزيزان على قلبى وهما زميلان لى فى دفعة إعلام القاهرة 1987، وهما خالد رزق، رئيس القناة الأولى الأسبق، والدكتور مصطفى عبدالوهاب، نائب رئيس قطاع القنوات المحلية السابق. تعرض الاثنان لما اعتبراه «قرارين تعسفيين» صدرا ضدهما فى يوم واحد، أنهى تدرجهما الوظيفى. استطاع صديقى مصطفى أن يواجه هذه الأزمة بقوة وتعقل وهو الحاصل على دكتوراه فى الإعلام ويدعى إلى التحكيم لأبحاث أكاديمية، والتدريب لشباب المذيعين.. أما «خالد» فلم يتحمل عقله وجسده معًا هذه الصدمة وهو المخرج المبدع الذى اعترفت بموهبته كل من نجوى إبراهيم وفريال صالح وأخرج أفضل برامجهما قبل عقدين تقريبًا.. وتعرض فى نفس اليوم إلى سكتة دماغية توفى بسببها- رحمه الله.

أكتب هذه «الحكاية» لأذكر كل مسؤول بأن أوضاعنا فى مصر لا تستحق المزيد من الضغوط. فكروا فى الموظف المُقال أو الخارج للمعاش، أو الذى لا ترضيكم توجهاته السياسية. فكروا فى كل ذلك قبل التوسع فى تفعيل قرارات «هيكلة ماسبيرو» التى أعرف أنه اقترب خروجها للنور. وبهذه المناسبة، لو أننا لدينا استفسارات عن شكل هذه «الهيكلة» وعدد القنوات التى ستبقى أو التى ستغلق، وهل سيتم تسليم عدد من الأصول، خاصة الاستوديوهات أو محتويات المكتبة إلى القنوات القريبة من أجهزة الدولة والتى تبث من استوديوهات مدينة الإنتاج. وهل يتم توزيع استمارة استبيان على العاملين «الزائدين عن المطلوب» لكى يختاروا بين «المعاش المبكر» أو النقل على نفس الكادر الوظيفى إلى وزارات أخرى. لمن نوجه هذه الأسئلة.. هل مازال الملف كاملاً فى حوزة وزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد، أم أن شخصية أكاديمية لها خبرة عالية، وتنال رضا الرئاسة والأجهزة السيادية قد انضمت بأفكارها إلى هذا الملف الحساس.. مجرد تساؤل ننتظر الإجابة عليه!.

الأمير والنمنم

عصام الأمير لم يصل إلى درجة رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون فى 2014 وذلك نتيجة تدرج وظيفى طبيعى. المواقف السياسية المتزنة للرجل، والرضا عنه فى الشارع وفى المبنى وكذلك من الأجهزة السيادية والتنفيذية أوصلته إلى هذه الوظيفة التى استحقها. وللأمانة هو أدى بشكل جيد للغاية فى ظروف صعبة. ولمن لا يتذكر عليه الرجوع إلى أرشيف المواقع والصحف ليشاهد حجم «التجاوزات» والفوضى التى عاشها ماسبيرو من قبله. الرجل وجد نفسه مقيداً بظروف مادية صعبة، وبخبرات هاجرت مفضلة الفضائيات العربية والخاصة، لكنه استطاع أن يؤدى بشكل معقول. والأهم أنه لم يتورط فى أخطاء جسيمة. ظروف خروجه من «ماسبيرو» لا أريد الخوض فيها حاليًا، فما لدى من معلومات هى من قبيل «النميمة الصحفية» التى لا دليل عليها.

«الأمير» تم انتدابه للعمل فى وزارة الثقافة نائبًا للوزير قبل عام ونصف العام تقريبًا. معلوماتى أنه عانى التهميش ثم التجاهل، حيث كان مسماه الوظيفى بدون أى مهام.. لكنه قبل ذلك. الرجل كان يحصل على راتبه وظل منتظراً للمهام التى يكلف بها لكن لم يتغير شىء على الأرض، سوى أنه ورغم صدور قرار تجديد «المهمة» من رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل لـ «الأمير» قبل عدة شهور لم يتم تفعيلها على الأرض.

معلوماتى أن وزير الثقافة الكاتب الصحفى حلمى النمنم لم يصله التجديد، وذلك وفقًا لأصدقاء سألتهم، ولكن المؤكد عندى أن هناك قراراً صدر ووصل وزير الثقافة لكنه بقى بدون تنفيذ، والنتيجة هى بقاء نائب وزير الثقافة صاحب الخمسة وخمسين عامًا بدون مرتب لنحو خمسة أشهر. «النمنم» مثقف وإنسان وهو قريب من العاملين معه، فأرجوه إن كان القرار فى مكتبه فلينفذه أو يكتب لرئيس الوزراء أن ينقل «الأمير» إلى وزارة أخرى لكى يحصل الرجل على راتبه.

العلمين و«حماد»

أفسد حادث الواحات الإرهابى احتفال مصر بمرور 75 عامًا على معركة العلمين خلال الحرب العالمية الثانية. وحسنًا فعل الرئيس بإصراره على اصطحاب ضيوف مصر للمنطقة، والتأكيد على أننا ماضون فى طريقنا للتعمير والبناء، حيث تبنى مصر حاليًا صرحًا عمرانيًا وأقصد «مدينة العلمين».

المهم أن الحادث اللعين، وكما أفسد على مصر احتفالها بالمناسبة وبالاستفادة منها سياحيًا وسياسيًا، أفسد جزءًا مهمًا من ملفنا المحترم بهذه المناسبة. نشرنا صفحتين فقط، لكنى أعد زملائى الموهوبين من أقسام المحافظات والخارجى والثقافة والأخبار والتحقيقات، والذين شاركوا فى إعداده بأننا سنكمل نشره قريبًا وسأحتفل بهم.

وبمناسبة «العلمين»، أتذكر موقفًا طريفًا للغاية حدث معى ومع زميلتى فتحية الدخاخنى، كنا فى زيارة المؤرخ اللواء جمال حماد، رحمه الله فى بيته بالمهندسين، لإجراء حوار معه، وذلك قبل عشر سنوات تقريبًا. وأتذكر أن نجله اللواء طارق حماد، المتحدث الرئاسى الأسبق حضر جزءًا منه، كما حضر نجله الآخر اللواء برهان الدين حماد، وكيل المخابرات فى حينها والمسؤول عن ملف فلسطين، الجزء الأخير من الحوار.

وخلال الحوار سألناه عن المشير عبدالحكيم عامر، وزير الحربية الأسبق، ورؤيته لمؤهلاته القيادية، فقص علينا حكاية زيارة «فيلد مارشال مونتجمرى» لمصر فى 3 مايو 1967 وذلك لزيارة العلمين فى نفس المكان، الذى انتصر فيه قبل 25 عامًا. حكى لنا «حماد» والذى كان حاضراً استقبال مونتجمرى بالمطار وفى رئاسة الجمهورية، أنه حين قدم الرئيس عبدالناصر المشير عامر إلى الـ«فيلد مارشال» قال له: فى أى حرب حصلت على اللقب.. وأضاف: ساد الصمت طويلا، فقط قطعته ضحكات مكتومة ثم كلمات ترحيب بالضيف.

وأتذكر أنه خلال نفس اللقاء الممتد فى بيته.. قام من مجلسه ليخطو نحو مكتبته وليعود بكتابه «أسرار ثورة 23 يوليو» وليفتح فهارس الصور وليعطينى الكتاب، ويقول: هل تعرف أحداً من الموجودين فى الصورة، وكانت الصورة على ما أتذكر لزيارة قيادة القوات الدولية لسيناء، وذلك فى مطلع الستينيات من القرن الماضى. وكانت إسرائيل قد احتلت سيناء خلال العدوان الثلاثى ثم انسحبت وتم الاتفاق على وجود قوات مراقبة تابعة للأمم المتحدة فيها وكان «العميد» جمال حماد ممثلاً للجيش المصرى للتعامل مع هذه القوات، حيث كان يجيد الإنجليزية وكان سياسيًا بارعًا. نظرت للصور دون أن أنتبه للتعليق أسفلها فقلت أنت هنا مع الوفد الأممى، فقال بصوت مرتفع: اقرأ تعليق الصورة.. والذى كان شرحًا وافيًا للمتواجدين فيها، لكن اللواء حماد كان مهتمًا بشرح الصورة من المتواجدين فى الصف الخلفى. وكان يتوسطهم «الرائد عمر سليمان، مدير مكتب حماد». قلت له: كان مديراً لمكتبك فى هذا الوقت.. سبحان مغير الأحوال. كان عمر سليمان حين زرنا «حماد» هو الأكثر احترامًا ونفوذاً فى الشارع وفى الأوساط السياسية العليا.. قبل أن تتبدل الأمور والأحوال.

لاجئ و«زعيم»

ترك أصدقائى الذين قرأوا «حكاياتى» الأسبوع الماضى عن إرتريا، سواءً فى الصحيفة أو «الموقع» أو على صفحتى فى «الفيسبوك»- تركوا كل أجزاء المقال، وعلقوا على ما كتبته فى الجزء الأخير عن جميلات أسمرة وتشبيهى لهن بأنهن شقيقات ناعومى كامبل وهال برى. كان ردى على مداعبتهم أو إشفاقهم على مصيرى بالبيت بأنى قرأته على زوجتى سالى قبل نشره بيوم كامل، وكان ردها الوحيد: الكتابة جيدة لكن ستبدو وكأن صاحبها «عينه زايغة».. ومر النشر بخير وسلام.

وبهذه المناسبة- زيارتى لإرتريا وعودتى منها- جاء السفير الإرترى فى القاهرة فاسيل جبر إلى زيارتنا فى «المصرى اليوم»، وحصلنا منه على معلومات سنستفيد منها بالطبع فى توثيق ما لدينا قبيل نشر حواراتنا التى أجريناها فى بلدهم.

المهم أنه، خلال الحوار، علمت أن أمه مصرية وأباه إرترى، وفى التفاصيل حكاية زواج الأب الأرثوذكسى وهو اللاجئ السياسى بوالدته الصعيدية فى أربعينيات القرن الماضى. قصة إنسانية رائعة تصلح كمادة لفيلم رائع عن القاهرة واحتضانها للمستضعفين والمظلومين واللاجئين فى كل العصور- تخيلوا فيلمًا أو مسلسلًا يضم هذه الحكاية إلى جانب حكاية المناضل الأفريقى كوامى نكروما- رئيس غانا فيما بعد- وزواجه بفتحية رزق المصرية- وبالمناسبة أنجبت من الزعيم نكروما «جمال» عام 1959 على اسم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وللعلم فقد عمل جمال نكروما فى الأهرام لسنوات طويلة.

العودة إلى أفريقيا لها صور عديدة.. وأعتقد أن الجوانب الأدبية والفنية والتاريخية والإنسانية ستكون إحدى دعائم هذه العودة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف