الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية - تحصين حدودنا .. بالمدن
رغم أهمية القواعد العسكرية التي نقيمها الآن.. أو تدعيم القواعد القديمة.. إلا أننا نرى ضرورة بناء سلسلة من المدن المدنية والسكنية في المناطق التي يتسلل منها الإرهاب.. وهذا المبدأ عرفه العالم كله.. سواء العرب والمسلمون أو الأجانب.. وربما تكون مدن شمال إفريقيا.. وشمال الشام خير مثال. إذ المعروف أن المنطقة من تونس إلي أغادير مناطق منافذ يتسلل عبرها العدو الأوروبي، إسبانياً كان أو برتغالياً.. فرنسياً كان أو إنجليزياً..
ذلك أن الأطماع الأوروبية- في هذه المناطق- بدأت منذ نجح الإسبان في طرد المسلمين من الأندلس. وخشى الإسبان أن يتخذها المسلمون مراكز لاسترداد الأندلس.. ولذلك عمدوا إلي احتلال بعض هذه المواقع الحيوية من الريف المغربي.. وما زالت إسبانيا تحتل منطقتي سبتة ومليلة المغربيتين.. رغم نجاح المغرب في استعادة طنجة- وكانت تحت إدارة أوروبية- دولية- وهنا أنشأ المسلمون مدينة الرباط- العاصمة الحالية للمغرب- بعد مدينة مراكش الشهيرة.. تماماً كما اعتبر المصريون منطقة شمال حلب نقطة الخطر الذي يتسلل منها أي معتد يهبط من تركيا..
<< ولما كانت حدودنا مع ليبيا تمتد لمسافة 1094 كم فإنه من الخطر تركها شبه فراغ، رغم أن معظمها أراضٍ صحراوية.. وليس فيها إلا مدينة واحدة في الشمال هي السلوم.. وعدد من الواحات منها سيوة والوادي الجديد.. ثم لا نجد إلا الرمال والجبال.. أي الفراغ الكامل. وأعتقد أن هدف إنشاء محافظة الوادي الجديد في أول الستينيات كان عسكرياً أيضاً، مع محاولة تنمية هذه المنطقة زراعياً واقتصادياً وصناعياً، ولكن التجربة لم تستمر طويلاً..
وأري أن من أخطر المناطق هنا، منطقة شرق العوينات، حيث تلتقي حدود مصر مع حدود كل من ليبيا والسودان، وغير بعيد.. حدود تشاد.. وربما تكون المشروعات الجاري تنفيذها هناك تحمل هذا الوعي العسكري- المدني المشترك..
<< ولكن هذا لا يكفي. نعم أن مساحة 1000 كم طولاً من البحر المتوسط إلي عمق إفريقيا الشمالية مساحة كبيرة.. ولكننا يمكن أن ننفذ فيها مشروعات من المدن. والمراكز والقري الحدودية ليصبح كلها عملياً قواعد مملوءة بالسكان عبارة عن خنادق أو حصون تتصدي لكل من يحاول الاعتداء..
وأتذكر هنا أن إسرائيل سواء في حرب 1956 أو حرب 1967 لم تحاول الاقتراب من العريش، إلا بعد أن اندفعت قواتها وتقدمت إلي شاطئ قناة السويس، لأن العريش هنا من أهم مدن الرباط العسكرية..
ومن المؤكد أن إنشاء قاعدة محمد نجيب العسكرية في وسط- هذا الساحل الشمالي الغربي بداية طيبة تمثل وعياً كاملاً بالخطر القادم من الغرب لأننا أعطينا حدودنا الشرقية- مع فلسطين- الاهتمام الأول بحكم عدد مرات الغزو التي جاءتنا من هذه الحدود.. أما الحدود الغربية فلم يدخلها من هناك إلا الفاطميون عندما فتحوا مصر.. ثم محاولة إيطاليا المدعمة بألمانيا في الحرب العالمية الثانية.
<< إذن مطلوب- وقد زاد الخطر القادم من الغرب- إنشاء العديد من مدن الرباط تقوم بدورها في عرقلة أي تقدم معاد إلي أن تتحرك قواتنا العسكرية.. أقول ذلك رغم أن تطور الأسلحة الجوية والبرية والبحرية يمكن أن يؤدي هذا الدور.. ومن المؤكد أن تدعيم قواتنا الجوية.. والبحرية يدعم هذا الاتجاه..
ولكن لا تتركوا الفراغ يقتل كل هذه المساحة.. أو ليستغله أعداء الوطن، إذ لم تعد أمامهم إلا ضرب مصر من الغرب بعد إضعاف الدواعش في سوريا.. والعراق. ورغم ضرباتنا لهم في سيناء..
<< وإياكم وأى فراغ..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف