المساء
عبد المنعم السلمونى
حروف متحركة - مكافحة الفساد والمفسدين
الفساد لا يقل خطورة ولا تدميرا عن الإرهاب!
وفي الفترة الأخيرة وجهت هيئة الرقابة الإدارية ضربات قوية للفساد والمفسدين. تستحق عليها التحية.
ووقائع الفساد. التي ترصدها وتطاردها هيئة الرقابة الإدارية. كلها تنحصر في الفساد الإداري أو الفساد في الدوائر الحكومية.
ومعني ذلك أن هذه الوقائع تتعلق كلها بموظفين. أو مسئولين. يسرقون المال العام أو يسهلون لآخرين الاستيلاء عليه مقابل رشاوي يحصلون عليها.
ومعني الاستيلاء علي المال العام حرمان الدولة من موارد وأموال. كان يمكن الاستفادة بها في إقامة مشاريع وتقديم خدمات للمواطنين الذين يعانون من نقص هذه الخدمات في مناطق كثيرة علي أرض مصر المحروسة.
وما ينشر عن قضايا الفساد. يشير - أو يؤكد - أن هذه الظاهرة مستشرية ومتغلغلة في كل مكان وكل المصالح. بلا استثناء!
وهذه الظاهرة ليست وليدة اليوم ولا بنت اللحظة. وإنما تمتد جذورها لسنوات عديدة مضت. كما أن حجم الأموال. التي نهبها أصحاب الضمائر الميتة. من الدولة - أو من الشعب - تبلغ المليارات.
وقد قرأنا منذ أيام عن أن النيابة تحقق مع مسئول في شركة بترول. بتهمة اختلاس مليار دولار بالتواطؤ مع أحد زملائه!!
وإذا كانت واقعة واحدة تتضمن اختلاس هذا المبلغ الهائل من المال العام والذي يعادل ما يقرب من 18مليار جنيه. فلنا أن نتخيل حجم الأموال المنهوبة من هذا الشعب المطحون!
إن الدولة تمد يدها لصندوق النقد والبنك الدوليين للحصول علي قروض. وحجم الدين الخارجي عليها وصل إلي 79 مليار دولار. حسب ما كشف عنه البنك المركزي مؤخرا. كما كشف البنك عن أن نصيب المواطن- ابتداء من المولود لحظة إعلان الرقم وحتي أكبر معمر في البلاد - من الدين الخارجي بلغ 812,3 دولار وهذا بخلاف الدين الداخلي!
وفي ظل الأزمة الاقتصادية. التي نعاني منها. يمكن القول بأن أيدي الفساد لها دور كبير في هذه الأزمة. كما يمكن التأكيد علي أن جانبا كبيرا من مواجهة الأزمة يتمثل في محاربة الفاسدين وتعقبهم وردعهم واسترداد حقوق الدولة والشعب منهم.
لكن .. هل يكفي استرداد الأموال التي نهبها الفاسدون من قوت الشعب. ثم نتركهم بلا عقاب ولا حساب علي ما اقترفوه في حق الوطن من جرائم ألحقت به أضرارا كبيرة. وأثرت علي أوضاع البلاد الاقتصادية وعلي الأحوال المعيشية للمواطن الشريف. الذي يكد ويشقي ليلا ونهارا. من أجل توفير لقمة عيش شريفة لأولاده؟
لا شك في أن ترك "اللص" يفلت من العقاب بعد كشف جريمته. لمجرد استرداد الأموال التي نهبها. سيشجع أصحاب النفوس الضعيفة علي السرقة والاعتداء علي المال العام. والسبب في هذه الحالة بسيط. لأنه سيقول. بينه وبين نفسه. سأسرق ولن أخسر شيئا. فإذا كشفوا أمري سأسلم ما سرقته وأفلت من العقاب. وإذا هربت بغنيمتي. فبها ونعمت!
لا بد للمختلس. أو الفاسد. أن يدفع ثمن التجرؤ علي سرقة واختلاس أموال الدولة. وأن يكون هذا الثمن غاليا. وغاليا جدا. لأنها جريمة تتسبب في هز الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الداخل وتنال من سمعة البلاد ومكانتها ونفوذها في الخارج.
وحتي نكون منصفين فإن الفساد موجود في كل دول العالم. بلا استثناء. ولكن حجم الظاهرة يختلف من بلد لآخر. والصين من الدول التي تطبق قوانين وعقوبات صارمة تصل إلي حد إعدام أي مسئول يتورط في قضايا فساد.
ولا أظن ان الصين تمكنت من تحقيق هذه الطفرة الاقتصادية الهائلة. رغم تعداد سكانها البالغ مليارا و300 مليون نسمة. إلا بمحاصرة الفساد ومكافحته والضرب بيد من حديد علي كل من تسول له نفسه الاعتداء علي المال العام!
والواضح لكل ذي عينين أن مصر في الفترة الحالية لا تألو جهدا في مكافحة الفساد والمفسدين وتعقبهم واسترداد حق الشعب منهم. لكن يبقي ألا نترك من يسرق يمضي إلي حال سبيله لمجرد رد الأموال التي نهبها بعد ضبطه!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف