الوطن
وائل لطفى
الفخر بمصر
أكتب هذا المقال وأنا مقبل من الشارقة وذاهب إلى شرم الشيخ، وبين الاثنتين لدىّ إحساس عام بالفخر، ولدىّ أيضاً ملاحظات كى لا يكون الفخر إحساساً عاطفياً مجرداً، وإنما موقف فكرى مبنى على قناعات ومستند إلى حقائق.. فى الشارقة كان مبعث الفخر أن مصر كانت حاضرة فى افتتاح الدورة السادسة والثلاثين لمعرض الشارقة للكتاب بكل قوة، سواء عبر تخصيص حاكم الشارقة سلطان القاسمى كلمته فى الافتتاح للإشادة بدور مصر فى التصدى لقوى الظلام عبر التاريخ من التتار وحتى عصابات الإرهاب المختبئة فى المغارات ودروب الصحراء، أو عبر وجود الشخصيات المصرية المكرمة والمشاركة وعبر الإبداع المصرى الذى حملته دور النشر المصرية المشاركة.. أما المعرض نفسه فهو مبعث فخر من حيث التنظيم ووفرة الإمكانات.. ورغم أننى ممن يعتبرون أن الوطن العربى هو وطن واحد كبير.. ورغم فخرى بمعرض الشارقة الإمارة العربية والعروبية الهوى، فإن ذلك لم يمنعنى من أن أتذكر معرض القاهرة الدولى للكتاب الذى كان فى يوم من الأيام ثانى أكبر معارض العالم بعد معرض فرانكفورت.. ولا أن أتذكر تلك الأيام التى كانت فيها قاعة الندوات واللقاءات الفكرية فى معرض الكتاب بمثابة هايد بارك حقيقى وملتقى لكبار المبدعين فى العالم العربى.. تذكرت وأنا أتحدث مع أحد كبار مثقفينا فى الشارقة كيف كنّا طلاباً فى منتصف الثمانينات، وكيف كنّا نلهث لنتابع فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب وهو يستضيف فى عام واحد كلاً من محمود درويش ونزار قبانى وسميح القاسم وبلند الحيدرى، وسعاد الصباح.. وممدوح عدوان.. وأسماء أخرى لا تقل أهمية من المبدعين العرب.. فضلاً عن نجوم الثقافة المصرية ورموزها مثل يوسف إدريس والأبنودى وأحمد فؤاد نجم وأسامة الباز ومصطفى الفقى.. وأذكر أن سقف الحرية فى المعرض كان يرتفع ليقال تحته ما لا يقال تحت الأسقف العادية.. وأعرف بالطبع أن هؤلاء المبدعين الكبار قد رحلوا وأن مياهاً كثيرة قد جرت فى النهر.. لكن ما أعرفه أيضاً أن ريادة مصر الثقافية ما زالت حقيقة تستحق أن نناضل من أجلها، وما أعرفه أيضاً أن معرض الكتاب فى سنواته الأخيرة لم يكن من حيث الإمكانات والتنظيم يليق باسم مصر.. وأنه تحول إلى معرض للكتب السلفية والدينية لأن إدارته تتيح الاشتراك لكل من يستأجر جناحاً فى حين لم تكن هناك ظاهرة شبيهة فى معرض مثل معرض الشارقة مثلاً.. إننى أعتقد أن معرض القاهرة للكتاب هو قضية سياسية فى المقام الأول وأنه لا يقل أهمية عن حدث كبير تبدأ وقائعه اليوم الأحد مثل منتدى الشباب الدولى الذى يدل حجم ضيوفه وجدول أعماله على جهد كبير يليق بمصر.. وأتمنى أن تتدخل الرئاسة ومؤسسات الدولة المصرية بشكل عاجل كى يكون معرض الكتاب المقبل حدثاً يليق بمصر، وهى بكل تأكيد تستطيع ذلك إذا أرادت.. وليس سوى أن تريد!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف