سكينة فؤاد
رسائل من البطل العائد.. ومن شباب آخر
أتمنى أن أجلس إلى البطل المقاتل العائد محمد الحايس وأن أستمع إلى أول حديث يحكى فيه وقائع ما حدث له.. أعرف تكوين المقاتل المصرى من خلال من قابلتهم من مقاتلين ومن أبطال من الجيش والشرطة.. وأن أعلى لحظات الخطر تعنى استدعاء أعظم مكونات الشخصية المصرية.. إيمان بالله وبالوطن وعشق للأرض وتحد للخطر وثقة فى قدرة الانتصار.. لقد احترف المصريون صناعة النصر كما يحكى تاريخهم الطويل والعميق على مختلف أشكال وصنوف الأعداء والعدوان والغزاة والطامعين والحاقدين والعملاء والمأجورين.. وعادوا يجددونها فى الرد العاجل والباتر على العملاء والخونة والأدوات الذين تجاسروا وارتكبوا ما حدث على الكيلو 135 طريق الواحات.. مع سعادة المصريين البالغة بعودة ابنهم البطل المختطف سعادة بتأكيد ما حفظوه لأبنائهم المقاتلين من قوة وقدرة هزموا بها جيوش دول كبرى تحدثت بها الدنيا وقبل أن تكون فى مواجهة جماعات وعصابات وأدوات إرهابية رغم ما وراءها من تجهيز وتخطيط وتمويل دولى وإقليمى ورغم ما حملته الأحداث من تجديد لرسالة الأمن والأمان التى يعيشها المصريون بحماية قوات جيشهم وشرطتهم.
كذلك فالجريمة بكل ما فيها من نذالة وخسة والرد العاجل والباتر لقواتنا يجدد رسالة أخرى تعرضت ومازالت لكثير من التهوين والتشكيك فى حقيقة وحجم استهداف مصر وحدودها الملتهبة بالمخاطر والتهديدات غربا وجنوبا وشمالا وشرقا والمعلن والمخبوء والمدسوس فى جميع مفاصل الدولة من أذرع وذيول وخدام وأدوات لإحياء وتنفيذ مخطط اسقاط مصر والانتقام مما فعله المصريون وثورتهم ودعم جيشهم فى 30/6 و3/7.. وللأسف إننا سرعان ما ننسى وننجرف وراء تبديد وتجريف الوعى وطغيان مشاكل وأزمات لا تجد قرارات وسياسات وحلولا واقعية وعاجلة تبقى ملايين المصريين الذين يمثلون الظهير والأرصدة الشعبية لدولة 30/6 متماسكة ومطمئنة وواعية بما يحدث لبلادها ومستعصية على الاختراق والتشكيك.. هذه الأرصدة والظهير الشعبى الذين يمثلون القوة الحامية الحقيقية لبلادهم ولظهر مقاتلينا وأغلبهم من أبناء هذه الأرصدة الشعبية العظيمة.
> سلام على البطل العائد وأثق أن دعوات الملايين من أعماق قلوبهم بشفائه سيستجيب الخالق عز وجل لها.. ودائما سلام على خير أجناد الأرض حُفاظ نصر وأمن وعزة وكرامة هذا الوطن.
> وأعود إلى الموضوع الرئيسى الذى نويت الكتابة عنه قبل أن تفرض عودة البطل الحايس وإبادة المجموعة الإرهابية أن تكون البداية بها.
> من أهم أرصدة العمر محبة وثقة كثير من ناسنا وأهلنا من خلال سنوات طويلة من الكتابة أكرمنى الله بها وحوارات ولقاءات فى برامج إذاعية وتليفزيونية واجتهادات وطنية ومشاركات سياسية.. جسور التواصل والحوار تمتد دائما بينى وبينهم حول معطيات الواقع وآفاق الأمل ودواعى الألم... وإذا كان المؤتمر العالمى للشباب الذى بدأ بالأمس فى شرم الشيخ يدعو لحوار مفتوح وصريح بين الشباب المصرى وشباب من حوالى مائة دولة، وأبادر بتأكيد أهمية أن تنجح مؤتمرات الشباب فى تحقيق الهدف الأساسى والذى انطلقت من أجله وهو قراءة واستيعاب رؤى وأفكار وآمال وآلام واتفاق واختلاف جميع الشباب المصرى وبناء جسور قوية من المصارحة والشفافية بينهم وبين ما يحدث فى بلادهم وإعدادهم للمشاركة فى قيادتها وهو ما يفرض الالتفات إلى جموع منهم لفتتنى إليهم حواراتى الدائمة مع شباب كادح لا تتيح له ظروفه حضور مؤتمرات... شباب بقدر حبهم لبلادهم واستعدادهم للتضحية من أجل عبورها سالمة للظروف والتحديات الصعبة التى يدركون أنها تمر بها، إلا أنهم لا يستطيعون أن يخفوا حزنهم وألمهم لحجم المعاناة التى يعيشون تحتها وتجاوز المطلوب منهم جميع خطوط وحدود استطاعتهم... يفتقدون أن لا أحد يدرى بحجم هذه المعاناة بدليل عدم اتخاذ الممكن من إجراءات وسياسات وقرارات وقوانين تنتصر لهم وتحمل توابع الأزمات لقوى تزداد تضخما وتوحشا وهيمنة.
> صراع عميق وحزين بين حبهم لبلادهم وبين معطيات واقع حولهم تتفجر فيه مظاهر غنى وثراء فاحش ويزيد رفع أسعار الحياة وأعباءها عليهم.. يتحدثون عن أرقام دخول متواضعة.. فلا حياة لكل ما تمت المطالبة به من حدود عليا ودنيا للدخول، خاصة فى القطاع الخاص، حيث تغيب تماما القوانين الحاكمة وحقوق التأمين، ويستحيل أن تصمد لضربات ارتفاع الأسعار ونفقات تعليم بائس وعلاج أكثر بؤسا!!.. أتحدث عن آلام ومعاناة شباب أتيحت له فرص عمل لا عن شباب يعانى البطالة بكل ما يقف وراءها من أسباب متعددة والذين أشار إليهم الرئيس فى حديثه فى باريس بين القطاعات المحرومة من حقوق الإنسان.
هذا الشباب يمثل قطاعا عريضا من أهم مكونات الرصيد والظهير الشعبى الحقيقى بكل ما يملكون من محبة وصبر وصمود بطولى.. وما أكثر ما كتبت وناديت بالأولوية التى يجب أن تعطى لهم فى توفير مقومات الأمن الإنسانى والاقتصادى والاجتماعى، والتى لم تتخذ بشأنها الإصلاحات وتصدر القوانين الواجبة، ومازال الكثير مما يتم بالفعل من مشروعات عاجزاً عن تحقيقها... هل لسوء فى التطبيق أم لحجم وهول موروثات النهب والتبديد والإهدار لثروات مصر بعيدا عن ملح الأرض وصناع الحياة والأكثر استحقاقا لها ولم يجد مواجهات جادة من نواب للشعب.
> تكشف الحوارات مع شباب لا تسمح له ظروفه بحضور مؤتمرات عن أسئلة قلقة وحائرة يفتقدون إجابات جادة عليها.. يقلقهم ما يدركه كثير منهم من غنى بلدهم وما اعتادوه أن عائد ثرواتها دائما يذهب للأقدر والأقوى ويتساءلون عما يجعلهم يصدقون أن الأفضل القادم الذى أحدثهم عنه، وأقيم الأدلة على صحته لن يذهب كما ذهب من قبل للقادرين وأصحاب السلطة والنفوذ؟!! يعانون الإحساس بالغربة فى بلدهم وما يحدث وعدم الاهتمام بحقهم فى أن يعرفوا ويفهموا... لا يعرفون كيف يمدون أيديهم ويشاركون فى حرب بلدهم على الإرهاب وحماية ظهر جيشهم وشرطتهم.. لا يخفون إحساساً مؤلماً بالجسور المقطوعة بينهم وبين المسئولين فى محافظاتهم وما فيها من مشكلات إلا إذا صادفها طالع السعد وعرضت فى برنامج تليفزيونى.
أنقل لهم رؤيتى صادقة فى آفاق الأمل القادمة لبلادهم والسباق المحموم لمنفذى مخططات هدمها وإلحاقها بالطوفان الذى عصف بأغلب دول المنطقة.. أجد أصداء لأكاذيب وادعاءات واتهامات بعيدة عن معطيات الواقع وبلا شفافية وإجابات ومصارحات تدحضها وتسقطها.
> أتمنى النجاح للقاء مجموعات من شبابنا مع شباب من أنحاء الدنيا وأن تسهم جلسات المؤتمر فى تقديم صورة عن الإنجازات وثمارها المتوقعة وآفاق الأمل القادم التى أتمنى أن نستطيع إيصالها فكرا وفعلا وواقعا وحياة لكل أطياف شبابنا.. خارج المؤتمرات قبل داخلها.